عكس الاتجاه

عكس الاتجاه

عكس الاتجاه

 العرب اليوم -

عكس الاتجاه

بقلم : عمرو الشوبكي

 

مدهشة هذه القوانين التى تُخرجها الحكومة كل فترة وتكون عكس المتوقع أو «عكس الاتجاه»، مثل هذا القانون الذى قرر فجأة أن «يحبس الأطباء» بدلًا من حمايتهم من الاعتداءات التى تقوم بها قلة من المواطنين استباحوا المستشفيات العامة دون حساب.

والحقيقة أن الأخطاء المهنية واردة فى أى منظومة طبية أو غير طبية، والحساب أمر طبيعى، ولكنه يجب ألا يكون عقابًا سالبًا للحرية يستسهل موضوع الحبس، إنما يجب أن يكون عقابًا وظيفيًّا وإداريًّا تقوم به جهة قانونية وطبية مستقلة تقرر ما إذا كان هناك خطأ مهنى جسيم قام به الطبيب أم لا.

معضلة البحث عن العقوبة أو تغليظ العقوبة، وتصور أنها هى التى ستحل بمفردها مشكلة الإهمال، فيها قصور كبير، فلابد أولًا أن تُطبق العقوبة بشكل عادل على الجميع دون أهواء أو استثناءات، وثانيًا مطلوب أن يكون ما يُقلق الدولة بمختلف أجهزتها هو هجرة الأطباء إلى الخارج وليس البحث عن عقوبات تُوقَّع عليهم، بداية من مقترح غرامة الاستقالة، الذى يدل على عقم التفكير إلى البحث عن قيود أمنية لمنعهم من الهجرة بدلًا من العمل بشكل تدريجى على حل مشاكلهم داخل بلادهم.

لم تلتفت الدولة إلى كارثة أن حوالى ثلث عدد الأطباء المسجلين فى النقابة قد هاجروا من مصر ليس فقط إلى دول أوروبية وخليجية، إنما أيضًا إلى دول إفريقية معدلات النمو فيها أقل من مصر، ففى عام ٢٠٢٢ كان عدد الأطباء المسجلين فى نقابة الأطباء هو ٣٨٠ ألفًا، هاجر منهم خارج البلاد حوالى ١٢٠ ألف طبيب، وهو رقم هائل مقارنة بأى بلد آخر، وفى نفس العام أعلنت سلطات القوى العاملة البريطانية أن أعداد الأطباء المصريين المهاجرين إلى بريطانيا ارتفعت بنسبة ٢٠٠٪ فى الفترة بين عامى ٢٠١٧ و٢٠٢١.

القانون الجديد الذى ينص على حبس الأطباء فى حال وجود خطأ مهنى تجاهل كل أزمات المنظومة الصحية، وأمسك فى أمر واحد فقط، هو العقوبة، ولم يرَ مشاكل شباب الأطباء من ضعف الرواتب وغياب الإمكانات وعدم حمايتهم أثناء عملهم فى أقسام الطوارئ فى كل المستشفيات لأن البعض اعتبرهم «الحيطة المايلة» التى يُحمِّلونها كل مشاكل المنظومة الصحية.

والمحزن أنه لو أراد بعض المسؤولين أن يثبتوا أنهم يقومون بعملهم وسط الناس وينزلوا الشارع لمواجهة الإهمال فلن يجدوا إلا الأطباء «ليتشطروا» عليهم كما فعل أحد المحافظين حين أساء إلى طبيبة لأنها التزمت بقواعد محافظته التى وضعتها الدولة بضرورة شراء المريض لتذكرة قبل أن يدخل حجرة الكشف.

إن مشكلة القانون الجديد أنه لا يسىء فقط إلى الأطباء، إنما يدل على وجود أزمة عميقة فى طريقة التفكير والتعامل مع المشكلات القائمة، فبدلًا من العمل على حل المشكلات الحقيقية للمنظومة الصحية، ذهب هذا القانون نحو تفاقمها.

arabstoday

GMT 17:59 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

‎قراءة فى صورة الجيروزاليم بوست

GMT 17:55 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

أين يلعب بن شرقى وتريزيجيه؟!

GMT 13:59 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

لاءات السيسى ضد تهجير الفلسطينيين

GMT 13:56 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

قسد كلمة السر القادمة

GMT 13:55 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

هل هناك مواطنة في الدولة الدينية؟

GMT 13:53 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

التيلومير وعلاج الشيخوخة والسرطان

GMT 13:51 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

إيران لم تيأس بعد من نجاح مشروعها!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عكس الاتجاه عكس الاتجاه



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:19 2025 الأربعاء ,29 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يستخدم الذكاء الاصطناعي بسبب "نمبر وان"

GMT 03:37 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

6 قتلى في حادث طيران جديد شرقي أميركا

GMT 10:21 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

حمادة هلال يمازح شياطين مسلسله في رمضان

GMT 12:00 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab