تلقيت عدداً كبيراً من الرسائل تعليقاً على مقال «الفساد منظومة»، اخترت منها رسالتين: الأولى من طبيب القلب الدكتور أحمد الهوبى جاء فيها:
«تعقيباً على مقالكم المهم بعنوان (الفساد منظومة) أنا أرى، مع كل التقدير للرقابة الإدارية، أن دورها رغم حيويته وإشارته لا يجتث الفساد من جذوره؛ فالوقاية من الفساد تحتاج رقابة قبلية (قبل وقوع الفساد) ورقابة بعدية (بعد وقوع الفساد)؛ فالرقابة القبلية تتمثل فى منظومة تشريعات واضحة وسهلة دون تعقيدات إدارية، وفصل مقدم الخدمة عن طالبها، وخصخصة تدريجية للخدمات الحكومية، وربط الحوافز بمؤشرات كمية ونوعية للإنتاج مع دور حيوى لمجلس الدولة لمراجعة كل عقود الحكومة، وتوحيد جهة لكل المشتريات الحكومية لكل قطاعات الدولة، والرقابة البعدية لها جانب مهم وحيوى جداً متعلق بقانون واضح لحرية المعلومات لخدمة الصحافة فى الكشف عن الفساد، وطبعاً تفعيل أدوات الرقابة البرلمانية فى الرقابة على المال العام، وسن تشريعات لمواجهة الفساد ليست فقط عقابية ولكن لتسهيل مناخ الأعمال والخدمات، وأيضاً الاستقلال التام لجهازى الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات.
غير ذلك لا محاربة جادة للفساد، ولا تزيد على كونها استعراضاً سياسياً».
أما الرسالة الثانية فجاءت من الأستاذ محمد السيد رجب، مدير عام سابق بالإسكندرية، جاء فيها:
«الأستاذ الدكتور عمرو الشوبكى، تحية طيبة وبعد. تحت عنوان (الفساد منظومة) قرأت لكم مقالاً مهماً، ومن عجب أن هناك موضوعاً ملحاً كنت أريد معرفة رأيكم فيه، وهو على نحو ما يتعلق بالفساد!
هل كل إنسان فى هذا العالم له ثمن؟! وهل هناك حدٌّ من الإغراء لا يستطيع أحدٌ مقاومته؟!
هناك من يقتنع ويسعد بخرطوشة سجاير، وهناك من يسيل لعابه أمام الجمال، وتتفاوت درجات الإغراء ما بين سيارة وشقة ويخت وشاليه وعشرات الملايين!
هل يستطيع إنسان مقاومة امتلاك مليون جنيه مقابل توقيع أو موافقة إذا أمن العقاب والسجن والفضيحة؟!
أنا أعتقد أن الرجل والمرأة متشابهان فى حب المال والسلطة والثراء!
ورغم ذلك فأنا أعرف شخصاً واحداً، لا أعرف سواه، استطاع مقاومة إغراء ثلاثة ملايين دولار!
هذا الشخص هو الزعيم جمال عبدالناصر! لقد استطاع الترفع والسمو ورفض هذه الهدية الشخصية التى أهداها له الرئيس الأمريكى أيزنهاور عام 1953، وشيَّد بها برج القاهرة الذى أصبح مناراً ومزاراً، ويبدو أن هناك لذة عميقة قوية تستعصى على المقاومة، تملك بعض الناس وتغلبهم على أمرهم وتدفعهم إلى المال العام الحرام!
ولكن هى لذة مريضة ورغبة عارمة بالإحساس بالقوة والسلطة والمال واستغفال المجتمع والسخرية من القانون.
هذه بالطبع ليست فلسفة بل هى مجرد محاولة لفهم أمور تؤرقنى!
صرنا فى زمن لم يعد فيه الذهب والفضة هدفاً لمعظم الناس بل أصبح اللحم والسمك غاية وأمنية.
صدقنى أنا فى حاجة شديدة إلى رأيكم!».
وتعليقى على تساؤل الأستاذ محمد جاء فى رسالته، وهو أن العقاب، أو الردع بالقانون (دولة القانون الغائبة) هو طريق مواجهة الفساد بصرف النظر عن أن النفس أمارة بالسوء.