مؤامرة على أنفسنا

مؤامرة على أنفسنا

مؤامرة على أنفسنا

 العرب اليوم -

مؤامرة على أنفسنا

بقلم : عمرو الشوبكي

روج البعض لنظرية المؤامرة، ورد البعض الآخر بأننا نتآمر على أنفسنا، والحقيقة أن المؤامرة موجودة فى العالم كله، ولكن ليس بالمعانى الخائبة التى يرددها الكثيرون عندنا بغرض تغييب العقل والعلم والمنطق لصالح خطاب الخرافة الذى لا يزال يؤكد أننا أسرنا قائد الأسطول السادس، وحول لعب الأطفال إلى غارات روسية على داعش، والغرف المظلمة التى يجلس فيها قادة العالم لكى يتآمروا على مصر، وهى نفس الدول التى تجتمع لدعم الاقتصاد المصرى سواء بمنح أو قروض أو استثمارات أو بإعطاء ضوء أخضر للبنك الدولى ليقرضنا.

والحقيقة أن العالم يتآمر فى أحيان كثيرة من أجل الدفاع عن مصالحه، وإذا اعتبرنا أن المؤامرة فى العصر الحديث هى خطط للدول من أجل تحقيق مصالحها فعلينا ألا ننسى أن هذه الدول تحقق فى أحيان كثيرة مصالحها بسياسات معلنة وليست فى كل الأحوال سرية.

ولا يوجد أكثر من المشروع الأمريكى فى العراق الذى تحدث بشكل علنى عن هدم الدول الوطنية والفوضى الخلاقة كطريق لبناء الديمقراطية وتحقيق التنمية، وروج له فى كل مكان وكان مصيره الفشل المدوى.

والغريب أننا نقارن بين ما يسميه البعض المؤامرة على مصر فى العصر الحالى وبين ما جرى فى الخمسينيات والستينيات، والحقيقة أن فى عهد عبدالناصر كان الحديث فيه واضحا ومباشرا عن الاستعمار ومؤامراته، وكانت أطراف الصراع واضحة وسياستهم تجاهنا أكثر وضوحا، فكانت الولايات المتحدة ومعها الدول الاستعمارية تواجهنا بسياسات معلنة وكنا نحن أيضا نواجهها بسياسات معلنة.

إن المؤامرة هى إحدى أدوات الصراع الدولى، وطالما صارت معلنة فقد أصبحت خططاً ومشاريع يفترض على أى دولة أن تواجهها أو تتعامل معها إيجابا أو سلبا، لا أن تروج كل يوم لحديث الخرافة والتجهيل بهدف إخفاء سوء الأداء وعدم مناقشة أسباب التعثر وأخطاء السياسة والاقتصاد والإدارة، لصالح كلام «أهبل» يزيد أوضاعنا سوءا وتدهورا.

التسليم بنظرية المؤامرة على أنها قوة خارقة لا نعرف عنها شيئا ولا نستطيع أن نواجهها- أمر يكرس ثقافة الاستسلام أمام مواجهة تحديات الخارج والداخل معا، فلو اهتممنا بمشكلاتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية وعرفنا أين هى العيوب والمثالب وأين نقاط التباين بيننا وبين باقى دول العالم لأنها تمثل تعارضا طبيعيا فى الرؤى والمصالح وليس بالضرورة مؤامرة- لكان حالنا أفضل بكثير مما نحن فيه.

أزمتنا الحالية، هى بالأساس، أزمة خطاب وأداء سياسى متخبط، وأزمة اختيارات سيئة للمسؤولين، وانفصال عن الناس بخطاب فوقى يحملهم كل مصائب الدنيا، وأمام خطاب تحريض على القتل والكراهية نتصور أنه عادى طالما استهدف خصومنا السياسيين.

حين تحدث أحد أعضاء مجلس الشعب فى عهد مبارك عن أننا يجب أن نطلق الرصاص على المتظاهرين اعتذر كل قيادات الحزب الوطنى من صفوت الشريف حتى جمال مبارك، وقالوا إن هذا الخطاب لا يمثلنا، والآن دعاوى القتل علانية، ومن الإعلاميين الأكثر قربا من السلطة وأجهزتها الأمنية ردا على دعاوى وهمية للتظاهر مجهولة المصدر والهوية، ويعرف الغالبية العظمى من المصريين أن مشاكل مصر لن تحلها ثورة ثالثة.

خطورة هذا الخطاب أنه لا يستهدف فقط الإرهابيين والمخربين إنما تحول إلى سلوك عام لا يحتمل النقد من أى طرف مدنى وسلمى، وكأن من يحكموننا معصومون، فلا توجد رغبة فى تنظيم العملية السياسية والخلاف السياسى فإما أن تكون مؤيداً أو مشككاً، وإما وطنياً أو خائناً، وإما مع السلطة أو ضد الدولة.

نتآمر على أنفسنا حين يتصور بعضنا أنه بتبنى خطاب التحريض والكراهية يمكن أن نحقق نجاحا اقتصادياً أو تقدماً سياسياً.

arabstoday

GMT 00:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:52 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

صفحة جديدة

GMT 10:17 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

خطاب ترامب

GMT 05:30 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 05:40 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤامرة على أنفسنا مؤامرة على أنفسنا



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab