بقلم - عمرو الشوبكي
لم تعد الحكومة الإسرائيلية الحالية تضم ما سبق، ووصفه كثيرون بصقور وحمائم ومعتدلين ومتشددين، إنما باتت تضم متطرفين وأكثر تطرفًا، وإن هؤلاء تباروا في التأكيد على العودة مرة أخرى للعمليات العسكرية بعد انتهاء الهدنة الإنسانية وتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى.
والحقيقة أن هذه الهدنة الإنسانية التي تمت بوساطة مصرية قطرية، وبضغوط أمريكية على الحكومة العبرية أسفرت عن تبادل ٥٠ أسيرًا إسرائيليًا مقابل ١٥٠ فلسطينيًا من المدنيين وتحديدًا من النساء والأطفال والمراهقين باستثناء الأجانب من غير الإسرائيليين الذين كانوا من الرجال. وقد فتحت هذه الهدنة الإنسانية الباب أمام نقاش واسع حول سيناريوهات ما بعد الهدنة، خاصة لو امتدت لأيام أخرى، وهل ستستكمل إسرائيل حربها من أجل تحقيق هدفها «المتخيل» في اجتثاث حماس والقضاء عليها أم تقبل بوقف إطلاق نار قريب؟ والحقيقة أن الأيام القادمة ستشهد صراع إرادات حقيقيًا بين رغبة الدولة العبرية المحمومة في استئناف المعارك والعدوان، وبين ضغوط الرأى العام العالمى من أجل وقفها، خاصة أن هناك دولا أوروبية بات قادتها يطالبون علنًا بوقف إطلاق النار.
إن نجاح المرحلة الأولى من عملية تبادل الأسرى والاحتمالات الكبيرة لمدها أيامًا أخرى، سيفتحان الباب لإمكانية إجراء مزيد من الضغط الدولى، من أجل وقف إطلاق النار، وهو لايزال حتى اللحظة غير كاف، نظرًا للإصرار العبرى على مواصلة العدوان وعدم وجود قرار أمريكى نهائى بوقف الحرب. وقد يكون رد الفعل الإسرائيلى، على تصريحات رئيسى وزراء بلجيكا وإسبانيا من أمام معبر رفح، مؤشرًا على حجم التطرف الإسرائيلى ورفض وقف إطلاق النار، فتصريحات رئيس وزراء بلجيكا بأن «إسرائيل لها الحق في الدفاع عن مواطنيها، وأن «رد فعلها ينبغى أن يلتزم بالقانون الدولى أن يتوقف قتل المدنيين الآن في غزة». لافتًا إلى أن هدف بلاده الوصول إلى الوقف الدائم لإطلاق النار في غزة.
أما رئيس الوزراء الإسبانى «بيدرو سانشيز» فقال: «نثمن اتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه في غزة ونرغب في إطلاق سراح جميع الأسرى» وإن من «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، إنما يجب أن يكون ضمن القانون الدولى وليس من خلال قتل الأطفال والنساء». وأكد أن العنف يولد العنف، ومطلوب إعطاء الأمل للفلسطينيين. وشدد على استمرار بلاده في الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار.
الموقف الإنسانى البديهى لكلا الزعيمين من رفض قتل المدنيين والمطالبة بوقف إطلاق النار، لم تقبله إسرائيل واستدعت سفيرى البلدين، وهو مؤشر على حجم التطرف الذي بات مهيمنًا على حكومة الحرب الإسرائيلية، وهو أمر سيصعب من فرص وقف إطلاق النار وسيرجح قيام إسرائيل بجولة ثانية من العدوان، لكن يجب مواجهتها بإرادة دولية وعربية أخرى تضغط من أجل الوصول في القريب العاجل لوقف إطلاق نار.