بقلم - عمرو الشوبكي
اقترح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تشكيل تحالف دولى ضد حركة حماس، قوبل بموقف عربى تراوح بين الرفض والتحفظ، كما عرف الاقتراح جدلًا داخل فرنسا تراوح بين الموافقة على الفكرة والتحفظ عليها،
فقد دعم حزب الجمهوريين (اليمين التقليدى) «فكرة تشكيل أوسع تحالف ممكن لتدمير حماس»، التى وصفها بأنها «منظمة إرهابية مقيتة»، قامت بعمليات «قتل متعمدة»، وهناك قوى أخرى رحبت بالفكرة، لكنهم قالوا إنه «من الصعب تنفيذها». أما قوى اليسار فقد رفضت هذا الاقتراح، واعتبره أحد النواب الاشتراكيين «ضربة دبلوماسية سقطت بسرعة»، و«تضر بفرنسا» على المستوى الدولى، كما اعتبرت نائبة رئيس الجمعية الوطنية عن الحزب الاشتراكى أن «النهج الدبلوماسى» الذى يتبعه الرئيس الفرنسى «كارثى»، كما اعتبر حزب التجمع الوطنى (اليمين المتطرف) أن مقترح ماكرون غامض وغير واضح.
والحقيقة أن التحفظ الداخلى على مقترح الرئيس الفرنسى، بجانب الرفض العربى، أديا إلى تراجع ماكرون عن مقترحه.
والمؤكد أن حركة حماس يمكن الاختلاف مع بعض أو كل أفكارها السياسية والعقائدية، ولكن لا يمكن مقارنتها بتنظيم إرهابى مثل داعش، حتى لو صنفتها أمريكا وأوروبا حركة إرهابية.
يمكن القول إن حماس حركة عنيفة تقاوم سلطة احتلال غاشمة، صحيح يمكن الاختلاف على نجاعة أساليبها وأدواتها فى المقاومة، بل من حق البعض أن يرى أن المكسب السياسى الذى حققه مؤخرًا الفلسطينيون جاء عقب انتفاضة الحجارة فى ١٩٨٧، والتى فتحت أفق التسوية السلمية، وانتهت بتوقيع اتفاق أوسلو وعودة منظمة التحرير إلى الأراضى الفلسطينية وقيام السلطة على مناطق إدارة ذاتية فى غزة والضفة الغربية.
والحقيقة أن كل هذا النقاش حول حركة حماس وارد وطبيعى عربيًّا ودوليًّا، ولكن أن تُصنف حركة تحمل السلاح لمواجهة محتل بأنها حركة إرهابية أمر لا يمكن قبوله، فهو أمر تكرر فى تجارب تحرر كثيرة، منها تجربة جبهة التحرير الجزائرية، (التى صنفتها فرنسا أيضًا جماعة إرهابية)، وانتهى الأمر بأن جلس المحتل معها وتفاوض.
ما يجرى فى الأراضى الفلسطينية يتحمل مسؤوليته الأساسية الاحتلال الإسرائيلى وليس حركة مقاومة، مهما كان الرأى فيها، وازدواجية المعايير الغربية لم تصنف حركة طالبان، التى تُعد من أكثر التنظيمات الإسلامية محافظة وتشددًا، حركة إرهابية، وتركت أمريكا أفغانستان ورحلت، بعد ٢٠ عامًا من الاحتلال، وبعد أن عرفت أن مصير أى سلطة احتلال هو الفشل والفناء.
يقينًا مقترح الرئيس ماكرون وُلد ميتًا، وإنه لمواجهة التطرف والعنف، يجب بحث أسبابه، وعملية حماس فى السابع من أكتوبر الجارى لم تأتِ من فراغ، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، الذى أدان العملية، ولكنه تحدث مثل كل أحرار العالم عن أن أصل البلاء هو الاحتلال، وأن التحالف الدولى الوحيد المطلوب إنشاؤه هو تحالف ضد الاحتلال وليس شيئًا آخر.