من يفكر ومن يقرر

من يفكر ومن يقرر؟

من يفكر ومن يقرر؟

 العرب اليوم -

من يفكر ومن يقرر

عمرو الشوبكي

لأى نظام سياسى عقل يديره يحدد تصوراته وأولوياته ويضع خطوطه الحمراء، وفى النظم الديمقراطية يحدد هذا الإطار الدستور والقانون، وحتى لو حدث انحراف فيتم التعامل معه على أنه انحراف وخروج على ما توافق عليه الناس، وفى الدول غير الديمقراطية تكون هناك خطوط حمراء ذات طابع سياسى تحدد الحلفاء والأعداء.
 
فالدولة التركية مثلا، قبل وصول حزب العدالة والتنمية للحكم، وضعت خطوطها الحمراء باستبعاد كل من له علاقة بالإسلاميين من الوصول للسلطة، وعرفت فى 1997 ما سمى بالانقلاب الناعم الذى استبعد الطبعة الأولى من حزب العدالة والتنمية ممثلة فى حزب الرفاه، وفى إيران يستبعد النظام السياسى كل من يرفض نظام ولاية الفقيه، وحتى ثنائية الإصلاحيين والمحافظين، رغم دورها فى تجديد بنية النظام السياسى، إلا أنها تظل داخل الأطر التى حددها ولا تستطيع تجاوزها.

وفى مصر وعلى مدار عصورها غير الديمقراطية حددت الدولة فى الستينيات مثلا خطوطها الحمراء، واعتقلت كثيراً من المعارضين للاشتراكية وخط عبدالناصر القومى، وفى عهد الرئيس السادات وضع الرجل الخطوط الحمراء لنظامه وحل البرلمان لوجود 13 نائبا عارضوا اتفاقية كامب ديفيد، وكانت هناك عدة دوافع سياسية تقف وراء القمع وتبرره (غير مقبولة تحت أى ظرف)، أما الآن فنحن أمام مشهد صعب فهمه، وعشوائية لم نرها فى عز نظمنا الديمقراطية، وهى أمور تثير أسئلة لا تتعلق فقط بالطبيعة غير الديمقراطية لنظامنا السياسى ولا بغياب الخطوط الحمراء التى تعرف أى سياسى أو صحفى أو رجل أعمال أو مواطن على باب الله أنها هى الحدود التى يقف عندها، وإذا تجاوزها سيدفع فيها ثمن مغامرته فى ظل نظام غير ديمقراطى.

والحقيقة أن المشاهد التى رأيناها فى مصر مؤخراً دلت على حجم العشوائية المرعبة، وعن غياب الخطوط الحمراء التى عرفناها فى مصر وتعرفها نظم غير ديمقراطية كثيرة حولنا، فحجم الاعتقالات العشوائية وتوسيع دائرة الاشتباه، وحجم السعادة والتواطؤ الرسمى مع خطاب الكراهية والتخوين الإعلامى، لا يدل على أن الدولة فى معركة مع خصوم سياسيين معارضين كما فعلت كل نظمنا السابقة، إنما هناك «تلويش» الضعف والخيبة الذى طال الجميع ولا يعرف أحد بالضبط من وراءه.

وحين يعترف نظام سياسى بأن لديه أزمة استثمار وبطالة وإرهاب ومعركة كبرى مع الخارج، وتكون إجابته على هذه التحديات هى باعتقال أحد كبار رجال الأعمال ومؤسس صحيفة «المصرى اليوم» وكأنه إرهابى أو عضو فى التنظيم الدولى للجماعة، وتعطيه النيابة 15 يوماً حبساً، ثم فجأة يتم الإفراج عنه بعد يومين، فمن إذن الذى قرر القبض عليه، ومن الذى أفرج عنه؟ وهل تتحرك دولة مثل مصر لتنتقم وتصفى حسابات خارج إطار القانون، وتضع خطوطها الحمراء على ضوء أن هذا نستلطفه وهذا لا، وهذا لم يقدم فروض الطاعة وهذا لا.

خطوطنا الحمراء ليست فى هذا الذى نراه الآن (على طريقة نحن نتظاهر فى شرم الشيخ ضد الغرب وفى نفس الوقت نطلب منه أن يرسل لنا السياح) من عشوائية وتخبط وضعف أداء، فالشعب المصرى انتفض فى 30 يونيو لكى يضع خطوطا حمراء جوهرها قائم على الحفاظ على الدولة الوطنية، ورفض العنف أوالتحريض عليه من قبل جماعة الإخوان والمسلمين وحلفائها، وفيما عدا ذلك فإن الانتقام العشوائى هو جريمة مكتملة الأركان ودليل ضعف وفشل حتى فى إدارة السلبيات.

arabstoday

GMT 09:42 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

ما سوف يحمله الملك

GMT 09:41 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

اعترافات ومراجعات (93) جلال هريدي وسوريا

GMT 09:40 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

موجة ترامب

GMT 09:39 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

ترامب يتراجع.. هل هي فرصة؟

GMT 09:38 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتاتيب والأخلاق

GMT 09:37 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 09:35 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

إنذار 4 فبراير!

GMT 09:34 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تزوير في أسماء رسمية!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من يفكر ومن يقرر من يفكر ومن يقرر



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 10:27 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان
 العرب اليوم - سهر الصايغ تكشف الصعوبات التي تواجهها في رمضان

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

زلزالان بقوة 4.7 درجة يضربان بحر إيجه غرب تركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab