متى سنبنى نظاماً جديداً

متى سنبنى نظاماً جديداً؟

متى سنبنى نظاماً جديداً؟

 العرب اليوم -

متى سنبنى نظاماً جديداً

عمرو الشوبكي

مازال الطريق طويلاً أمام بناء نظام سياسى جديد، ومازالت المخاطر كبيرة أمام مسار ما بعد 30 يونيو، بعد أن أصبحت البلاد مهددة بأخطار الإرهاب، وغياب الرؤية السياسية القادرة على تحييد قطاعات من المجتمع ترفض المسار الحالى، وتقاطع العملية السياسية، ولا ترى أن هناك أى فرصة للتغيير السلمى والديمقراطى إلا عن طريق الاحتجاج الثورى.
خاصة بعد أن طالت الحملات الأمنية العديد من الشباب والمواطنين الأبرياء الذين لم يثبت تحريضهم أو ممارستهم العنف.
بناء نظام سياسى جديد فى مصر لا يكون بالعمل الثورى أو الاحتجاجى، وإلا كنا بنينا نظاماً جديداً، عقب سقوط مبارك أو مرسى، إنما هى رحلة طويلة من التعلم والتعثرات والخبرات المكتسبة والفرص الضائعة حتى يمكن لأى مجتمع أن يبنى نظاماً جديداً.
والحقيقة لا يمكن قبول ما يتصوره البعض أنه يمكن بالفعاليات الثورية والتحريض على العنف بناء نظام سياسى جديد، خاصة أن أهم ما ميز عهد مبارك أنه حكم من خلال «لا نظام» أو بالأحرى «نظام» اتسم بالضعف والهشاشة الداخلية، بعد حالة التجريف الشاملة التى عرفتها البلاد على مدار 30 عاما، وهو ما يستدعى طاقة بناء وليس طاقة هدم.
المؤكد أن خبرة «لا نظام» مثلت استثناء عما عرفته مصر منذ تأسيس محمد على الدولة الوطنية الحديثة، حين عرفت فى كل عهودها مؤسسات دولة تعمل بكفاءة ولو نسبية وقانونا يطبق نسبيا فى معظم المجالات إلا ربما المجال السياسى.
إن «اللا نظام» فى عهد مبارك كان أقل استبداداً من النظام التونسى أو الليبى أو السورى.
ولكن تجلت أزمته فى إضعاف الدولة وتدهور التعليم والصحة والإعلام والأمن والمواصلات والزراعة والصناعة، بحيث من المستحيل أن يحدث إصلاح حقيقى دون أن تنتقل مصر من حالة «اللا نظام» إلى النظام.
والحقيقة أن طاقة الهدم التى تفجرت، بعد نجاح ثورة 25 يناير فى إسقاط مبارك، أدت إلى تفريغ جزء من طاقة المجتمع فى العمل والبناء إلى طاقة لهدم أى سلطة أو مؤسسة لصالح الفوضى غير الخلاقة، فالجيش يجب خلخلته وتحميله كل أخطاء المرحلة الانتقالية، والنخب السياسية هى نخب الهزيمة والعار لأنها باعت الثورة والميدان، والمخالفون فى الرأى هم إما فلول أو ثورة مضادة، حتى تفنن هؤلاء فى خلق طريق أسقط مبارك وسلم السلطة للإخوان.
فى مصر تصور بعضنا عقب الثورة أنه يمكن بالشطارة والفهلوة أو الصراخ والصوت العالى أو الدهاء والكمون أن يحقق أهداف الثورة أو يقتنص السلطة التى كانت هدفه الوحيد، فبينما هناك من اعتبر الثورة هدفا والفعاليات الثورية هى وسيلته الوحيدة لتحقيق أهدافه، اعتبر البعض الآخر أن كل تحالفاته مبنية على هدف واحد هو كيف يصل للسلطة لتنفيذ مشروعه فى التمكين والبقاء الأبدى فى الحكم.
والحقيقة أن فقدان بوصلة الطريق الصحيح والتعثر فى بناء نظام سياسى جديد بدأ حين لم يجد المصريون الذين نزلوا ميادين التحرير فى 25 يناير قادة يعبرون عنهم، خاصة هؤلاء الشباب (الرائع والعظيم) الذين نظفوا الميادين، يوم 12 فبراير، عقب تنحى مبارك، معلنين مطالبتهم بضرورة بناء نظام جديد بغير طريق الاحتجاج، فلم يجدوا أحزابا إصلاحية أو قادة إصلاحيين يأخذونهم إلى مسار البناء والإصلاح والديمقراطية، فانصرفوا إلى بيوتهم، وتركوا الساحة لشباب الاحتجاجات الثورية.
النظام الجديد لا يبنى فقط ولا أساسا بالاحتجاج، إنما أيضا بامتلاك رؤية لإنجاز عملية التحول الديمقراطى، فمهما هتف البعض ضد النظام الأقدم والفلول، واستهدف آلاف الأشخاص لأنهم كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى، فإنه من المؤكد أن بناء نظام جديد لن يكون بالهتاف ضد هؤلاء وإقصائهم، إنما فقط بمحاسبة مرتكبى جرائم الفساد والإفساد وتغيير المنظومة القديمة وتفكيكها بشكل تدريجى وبناء منظومة جديدة.
لم تعرف الغالبية العظمى من تجارب التحول الديمقراطى تجربة عزل سياسى لرموز النظام القديم، إنما فقط محاسبة لمرتكبى الجرائم، بل إن أعضاء الأحزاب الحاكمة دخلوا فى صيغ حزبية جديدة فى أوروبا الشرقية، لأن الجميع عمل على بناء منظومة جديدة وليس الانتقام من البعض أو تصفية حسابات مع البعض الآخر.
واقع مصر بعد 30 يونيو يقول إننا احتفظنا بالدولة القديمة، وغيرنا رأس النظام القديم، لأن الأُولَى يجب ألا تسقط، إنما تتغير بالإصلاح التدريجى كما جرى فى كل تجارب النجاح، وأن النضال من أجل بناء نظام بدلا عن حالة لا نظام يثير حفيظة البعض من حيث المبدأ، لأنه لم يَعْتَدْ أن يعيش فى نظام أو دولة بها قانون، إنما هو امتداد لإرث مبارك فى الفوضى واللا نظام، فاعتبر الثورة مهنة، ورفض أى قانون ينظم أى شىء فى الحياة مثل قانون التظاهر، لأنه قانون وليس لأن به بعض المواد السيئة، أو أنه من الأصل لم يؤمن بالدولة ولا أى نظام إلا نظامه الإخوانى، فأعلن الحرب على الجميع: الدولة الوطنية والمجتمع مثلما فعل على مدار 85 عاما، وفى مواجهة كل النظم من الملك فاروق حتى الرئيس السيسى.
المؤكد أن الغالبية الساحقة من المصريين ترفض خيار سقوط الدولة وانهيارها، ولكن البعض أراد أن يخطف صوتها وإرادتها لصالح حساباته السياسية أو صوته العالى،.
والحقيقة أن مهمة بناء النظام كما جرى فى كل تجارب التغيير غابت عن الكثيرين، وأن الحل أن نعترف بأن الناس ثارت على لا نظام أى على الفوضى والعشوائية والتسيب والفساد، وأنها فى حاجة إلى بناء نظام جديد يواجه كل هذه المظاهر، وأن بعض ما نشاهده الآن من أخطاء وتجاوزات بعضها جسيم يجب ألا يثنينا عن أننا لا نرغب فى بناء نظام قمعى تحت حجة مكافحة الإرهاب، إنما نظام ديمقراطى ودولة قانون أى قبل الاثنين هناك كلمتا نظام ودولة.

 

 

 

 

arabstoday

GMT 06:33 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميلات؟!

GMT 06:27 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان!

GMT 06:10 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تحالفان ومرحلة جديدة

GMT 06:08 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من أفسد العالم؟

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 06:49 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 06:47 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى سنبنى نظاماً جديداً متى سنبنى نظاماً جديداً



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab