الوطنية لا تعني الاستبداد

الوطنية لا تعني الاستبداد

الوطنية لا تعني الاستبداد

 العرب اليوم -

الوطنية لا تعني الاستبداد

عمرو الشوبكي

هناك من احتكر الدين لحسابه وأسس جماعة وتنظيما هدفه الدنيا وليس الدين ونظر إلى خصومه باعتبارهم إما ناقصى دين أو خارجين عن الدين، وهناك من حول الوطنية إلى وظيفة هدفها نفاق من فى السلطة، فبحكم أنه قيادة أمنية أو مسؤول حكومى كبير فلابد أن يحدثك عن الوطنية وعن أعداء الوطن وعن الخونة والعملاء الذين يتآمرون على البلاد ليس لأنه أكثر وطنية من الآخرين، إنما لأن مسوغات وظيفته واحتفاظه بامتيازاته وسلطته يتطلبان منه أن يكون «وطنيا حتى النخاع».

الوطنية هى فى الحقيقة مشاعر تلقائية لأبناء أى شعب من الشعوب تربطهم بوطنهم وثقافته وتاريخه وأرضه، فلا يشعرون بالقهر، ولا يموتون فى قوارب الهروب فى عرض البحر ولا فى قطارات وحوادث الطرق ولا بالاعتقال والتنكيل الظالم تحت حجة الحفاظ على الوطن.

وفى كل مجتمعات الدنيا، بما فيها المجتمعات الغربية، هناك الخارجون عن الوطنية وهناك من رفضوا النظم القائمة والقيم السائدة وتمردوا عليها لفترة أو للأبد رغم تقدم مجتمعاتهم وثراء دولهم، فالأصوات المنشقة والخارجة عن النمط السائد فى أوروبا وأمريكا ظلت موجودة على محدوديتها وأحيانا ما أثرت بدرجة أو بأخرى فى نظم هذه المجتمعات، أما فى مجتمعاتنا الفقيرة فإن الخروج عن الوطنية لم يضم المحبطين والمضطهدين إنما كثيرا من مندوبى الخارج الكارهين للوطنية المصرية والذين يمارسون أسوأ صور الاستعلاء على مؤسساتها، وهم على عكس نظرائهم فى الغرب الذين يدفعون ثمن مواقفهم المحتجة والرافضة للمنظومة السائدة فإنهم فى مصر يدفع لهم لكى يمارسوا كراهيتهم للدولة وكل ما هو وطنى، ويساهموا فى إبقاء الأوضاع على ما هى عليه.

بالمقابل فإن خطاب «الوطنية طريق الاستبداد» يواجهه هؤلاء بأن يقول كل يوم للشباب المصرى: «اصمت لأن الجيش أنقذك من حكم الإخوان» ومن مصير ليبيا وسوريا والعراق واليمن (وهو أمر مؤكد)، أمر لن يستقيم، ولن يستمر طويلا، فكثير من الأساليب القديمة عادت بقوة إلى الساحتين السياسية والإعلامية، وغياب أى رؤية إصلاحية سيعقد الأمور بأسرع مما يتصور الكثيرون.

أحد أوجه الخلاف السياسى فى مصر هو بين قوى وطنية ديمقراطية منفتحة على العالم ولكنها تنطلق من ثوابت المشروع الوطنى المصرى أولا، وأخرى متعولمة تنطلق أولا من القيم الإنسانية العالمية رغم وطنيتها، وعلى هامش هؤلاء يقع موظفو الوطنية من كبار المسؤولين الفشلة ومندوبى الخارج المشبوهين، وكلاهما للأسف يدير المشهد السياسى رغم أنهما من قوى الهامش وليسا من التيار الرئيسى.

الخلاف بين قوى الداخل والخارج ليس بالضرورة خلافاً بين وطنيين وعملاء، إنما هو أساسا خلاف بين خيارات فكرية وسياسية، وربما فى جانب منها وجدانية تتعلق بدرجة الارتباط النفسى بالمجتمعات الغربية (أتذكر جملة قالها أحد القادة السياسيين الكبار فى مصر حين أبدى حزنه على أنه سيقضى احتفالات رأس السنة فى مصر وليس فى إحدى العواصم الأوروبية بسبب الصراع مع الإخوان).

إن عجز النخبة المرتبطة بالمشروع الوطنى عن تقديم نموذج كفء قادر على إدارة صراع سياسى ديمقراطى مع القوى السياسية المختلفة دون استدعاء الاتهامات الأمنية القديمة سيعنى أننا سنسقط فى هاوية ستقضى على الفرصة الأخيرة فى بناء مشروع وطنى ديمقراطى حديث، لا يكون الحديث فيها عن الوطنية مرادفا أو طريقا للاستبداد.

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوطنية لا تعني الاستبداد الوطنية لا تعني الاستبداد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab