مع الأستاذ هيكل ١٣

مع الأستاذ هيكل (١-٣)

مع الأستاذ هيكل (١-٣)

 العرب اليوم -

مع الأستاذ هيكل ١٣

بقلم: مصطفي الفقي

ظل اسم محمد حسنين هيكل منذ أواخر خمسينيات القرن الماضى ثم ستينياته، بل كل عصر جمال عبدالناصر، اسمًا تهتز له القلوب، فقد كان بحق هو الذي ملأ الدنيا وشغل الناس وكانت إطلالته الأسبوعية بمقاله يوم الجمعة بالأهرام تحت عنوان (بصراحة) هي النافذة الوحيدة التي يستشرف منها جيلنا حينذاك ملامح ما يجرى ويستخرج توقعاته لما هو قادم، في ظل مهنية صحفية عالية وحرفيةٍ واضحة في الكتابة والتحليل ورواية الأحداث وتصوير الوقائع، خصوصًا أن كاريزما الزعيم كانت تغطى سماء الوطن وتجعل القدرة على التنبؤ محدودة إلا فيما ندر، ولقد تجلت قيمة هيكل من خلال موهبته الفذة وصلته الوثيقة برئيس الدولة زعيم البلاد، حتى إننى أحسبه شريكًا مباشرًا في عملية صنع القرار خلال العصر الناصرى ولسنواتٍ قليلة بعده، ويحتج الكثيرون على عبارةٍ نقلتها في إحدى مقالاتى عن الكاتب الراحل أنيس منصور يقول فيها (إن الناصرية هي صناعة هيكلية من البداية إلى النهاية)، مشيرًا بذلك إلى دور (الجورنالجى) الكبير الذي ترك بصمة قوية في الصحافة المصرية والعربية والعالمية والمخرج الكبير للحياة السياسية في العصر الناصرى بكل ما لها وما عليها، فهو كاتب مواثيق الثورة بدءًا من كتاب «فلسفة الثورة» مرورًا بالميثاق الوطنى وصولًا إلى بيان 30 مارس، بل إن صياغة خبر وفاة عبدالناصر قد جاءت هي الأخرى بلغة هيكل وإلقاء أنور السادات، وقد امتدت رعاية هيكل للمواثيق الوطنية الهامة حتى إنه صاغ الأمر القتالى لحرب أكتوبر الظافرة عام 1973. ولا بد أن نقرر هنا أن مكانة هيكل الصحفية لم تولد مع ثورة يوليو أو علاقته الوثيقة بعبدالناصر أو برئاسته لتحرير صحيفة الأهرام فتلك كلها عوامل أفرزت أدواتٍ وآليات مكنت هيكل من السعى للمضى على طريق متفرد جعل منه في النهاية أشهر كاتبٍ صحفى في الشرق الأوسط، فهو الذي تابع الحرب الكورية وأحداث إيران وأزمة مصدق التي أصدر عنها كتابه (إيران فوق بركان)، وهو الذي حضر الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أتت بالجنرال إيزنهاور إلى البيت الأبيض، وهو فوق ذلك كله صاحب شبكة اتصالاتٍ قوية في دنيا الإعلام وعالم الصحافة جعلته بحق واحدًا من الأسماء العشر الكبرى في ذلك الميدان، ولقد ظل اسم هيكل بالنسبة لى- غلامًا وشابًا- علامة استفهامٍ كبيرة أتابع ما يكتب وأفتش في أفكاره وأتلصص على أخباره وأحاول تأويل أحاديثه وتوليد المعانى منها واستنشاق المعلومات من وراء سطوره وكلماته المفعمة بالعبارات الموحية والصياغات المبهرة، حتى قيل إن بعض الصحفيين والكتاب قد ذهبوا إلى عبدالناصر في مجلس قيادة الثورة يسألونه لماذا تختص هيكل بالرعاية والاهتمام وتقربه منك دون غيره مع أن هناك كتابًا آخرين؟، وضربوا له مثلاً بالأستاذ حسين فهمى الذي كان نقيبًا للصحفيين في ذلك الوقت ومع ذلك لا يحظى أحدهم بشىءٍ مما حظى به هيكل، وكان رد عبدالناصر قاطعًا؛ فكل الصحفيين يأتون إليه ليسألوا عما يجرى ويطلبون الأخبار الجديدة، أما هيكل فإن العكس يحدث «فأنا الذي أسأله وهو الذي يمدنى بالأخبار الجديدة والتحليل الفريد لكافة القضايا الدولية والأزمات العالمية والرؤى الوطنية المصرية».

ولا بد أن نسجل هنا أن هيكل لم يأت إلى موقعه بطريقة عابرة أو أسلوبٍ يعتمد على الحظ وضربات القدر، بل إن ما جرى له كان نتيجة طبيعية لكاتبٍ موهوب اشتغل على نفسه في جدية طوال سنوات التكوين منذ شبابه الباكر، ويكفى أن نتذكر أنه كان رئيسًا لتحرير مجلة آخر ساعة وهو يخطو في منتصف العشرينيات من عمره، وما يحضرنى دائمًا في علاقتى الممتدة بالأستاذ هو ما جرى قبيل ثورة 25 يناير 2011 عندما أجرى الكاتب الصحفى د.محمود مسلم حديثًا مطولاً معى على صفحة كاملة في جريدة المصرى اليوم، وجاء فيه أننى أرى من المشهد الراهن وقتها أن هناك وهما قويا بأن الرئيس القادم لمصر يتعين عليه أن يحظى بمباركة أمريكية ورضاء إسرائيلى، ويومها أحالنى الأستاذ إلى قنبلة موقوتة قذف بها النظام قائلاً: (لقد شهد شاهد من أهله)، وأضاف أننى عملت في مؤسسة الرئاسة مع الرئيس مبارك وأعلم أساليب التفكير وطرق التعامل في ذلك الوقت. وقد سعى الأستاذ هيكل بعد ذلك إلى ترضيتى وقال لى مازحًا في حفل عيد الميلاد الستين للأستاذ عادل حمودة: ما هي المسافة المسموح بها بيننا في الجلوس بجوارى حتى لا تقع تحت غضب النظام مرة أخرى بسبب علاقتك بى؟، هكذا كان الأستاذ فكريًا وأخلاقيًا وإنسانيًا.. وللحديث بقية.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مع الأستاذ هيكل ١٣ مع الأستاذ هيكل ١٣



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 العرب اليوم - شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab