العمل بين الوظيفة والرسالة

العمل بين الوظيفة والرسالة

العمل بين الوظيفة والرسالة

 العرب اليوم -

العمل بين الوظيفة والرسالة

بقلم- مصطفي الفقي

أستطيع أن أميز بسهولة بين مَن يؤدى عمله بأسلوب روتينى يخلو من الدوافع الذاتية التى تجعله على الوجه الأكمل، فهو يؤدى وظيفته لمجرد تسديد خانة دون رغبةٍ فى التجويد أو دافع للإصلاح، بينما نجد النموذج الثانى يحمل وظيفته على كتفيه باعتبارها رسالة إنسانية وأخلاقية والتزامًا تتعين عليه تأديته على الوجه الأكمل، بل إن صاحبه فى هذه الحالة يشعر بالرضا الحقيقى والسعادة الغامرة لأنه يستجيب لنداء ضميره ولا يقف عند حدود الحد الأدنى للتكليفات التى يتلقاها. والمقارنة بين النموذجين تُذكرنى بقصة تتردد فى «أدب الجاسوسية» عن دولة أرادت تجنيد شخصية مهمة من دولة خصم، وبالفعل قامت الأجهزة المعنية فى تلك الدولة بالتقاط الصيد الثمين، الذى قبل التعاون معهم مقابل مبالغ مالية وعدد من المزايا والتسهيلات،   

وفى أول جلسة مع العميل الجديد سألهم عن الدور المطلوب منه وعن أسلوب التراسل بالمعلومات بينهم، فإذا بالمفاجأة أنهم يقولون له: لا نريد مراسلات بيننا ولا اتصالات يتم تداولها بين الجانبين، علمًا بأننا ملتزمون بدفع ما اتفقنا عليه فى حسابك البنكى سنويًا، ولنا مطلبٌ واحد، وهو أنك بحكم وظيفتك الكبيرة فى ذلك الجهاز كبير الأهمية شديد الحساسية نطلب منك عندما يتم ترشيح مساعديك جميعًا فى المستقبل عليك أن تختار الأسوأ وليس الأفضل، ونحن نعرف كيف نستفيد من هذا الاختيار، وما هى إلا سنوات قليلة إلا وكان ذلك الجهاز الخطير الذى يترأسه ذلك العميل قد أصبح مسطحًا بالكامل، خاليًا من الكفاءات، مليئًا بالتفاهات، وبذلك حققت الجهة التى جندته هدفها ببساطة لأنها اختارت من خلاله فى كل موقع نموذج الحمار بدلًا من نموذج الحصان، ولقد أغْرَتْنى تلك القصة الحقيقية أو الخيالية بأن أُصدر فى مطلع هذا القرن كتابًا بعنوان: (الرهان على الحصان)، الذى قارنت فيه بين النموذجين، نموذج الحمار الذى يمضى فى طريقه بلا وعى ويكرر المشوار كما هو تمامًا ولا يجتهد عقليًا أو نفسيًا لتحقيق تطوير أو إحداث نقلة فى مهمته، فالحمار يتصرف كما تعوَّد دون تفكيرٍ أو مراجعة، وهو مطِيّة لمَن ركبه يحمل الأثقال لمَن يقوده، أما الحصان فحيوان رشيق ذكى بطبيعته يذكر لصاحبه الجميل ويتصرف وفقًا للمعاملة الطيبة ولا يمتطيه إلا فارس ويقبل التلقين ويتأثر بالتدريب والتعليم، لذلك فهو النموذج المطلوب والاختيار الأفضل لمَن يشغل وظيفة، وهناك نموذج ثالث يقع بين الاثنين الحمار والحصان، وأعنى به نموذج «البغل»، الذى لا يهتم إلا بمصلحته الذاتية والسطو على حقوق الغير وتخزين دهن الإهمال واكتناز الطعام، الذى يُقبل عليه بشراهة دون نظام محدد أو توقيت معروف، وعندما أتأمل نماذج مَن يعملون فى دواوين الحكومة ودوائر العمل أشعر أن هذه النماذج كلها موجودة، وأن الرهان على الحصان يكون لمصلحة الوطن، وأن الرهان على الحمار يبقى لمصلحة أعدائه، أما الرهان على البغل فهو تكريسٌ للامبالاة وغياب الوعى، ولنا هنا ملاحظتان:    الأولى: الإنسان ابن بيئته التى يعيش فيها ونتاج المناخ الذى ينتمى إليه، ولا يمكن إصلاح أمره إلا بالتعليم الجيد والتدريب المتميز، فتلك هى أدوات تربية الحصان والابتعاد عن النموذجين الآخرين، اللذين ينظران إلى الوظيفة كمصدر رزقٍ ثابت ولا يدركان أن العمل رسالة وأن تجويده التزام.  

  الثانية: إن تنظيم العمل ووضع الضوابط المحددة له وأسلوب اختيار القيادات وانتقاء الكفاءات كلها مسائل ضرورية لإنقاذ سفينة الوطن وتحريكها نحو الأفضل، فلا يكفى أن يكون الرئيس الأعلى رائعًا بينما مرؤوسوه لا ينتمون إلى نفس المستوى، فالنهضة عملية شاملة، والقفزة النوعية للأمام تستوجب التحرك على جبهة عريضة يمضى بها الجميع نحو مستقبل أفضل للوطن والمواطن.    إن العمل رسالة وليس وظيفة، كما أن تجريف الكفاءات جريمة، والإطاحة بالحصان لحساب غيره هى ظاهرة ولّت، ويجب ألّا تعود

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمل بين الوظيفة والرسالة العمل بين الوظيفة والرسالة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 العرب اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
 العرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 08:36 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها
 العرب اليوم - ياسمين رئيس في لفتة إنسانية تجاه طفلة من معجباتها

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab