جمال أسعد مجاهد وطنى

جمال أسعد.. مجاهد وطنى

جمال أسعد.. مجاهد وطنى

 العرب اليوم -

جمال أسعد مجاهد وطنى

بقلم: مصطفي الفقي

تتابعت كتب السيرة الذاتية لعدد كبير من الشخصيات البارزة فى حياتنا العامة خلال الآونة الأخيرة، ولقد دخل المفكر المصرى جمال أسعد على الخط وأتحفنا بكتابه تحت عنوان (أيامى.. شاهد على خمسة عصور).

إن حياة ذلك الرجل تستحق أن تتابعها الأجيال الجديدة وتتعلم منها دروسًا فى الوحدة الوطنية والفكر السياسى المصرى المعاصر، إنه ذلك المصرى الكبير الذى ينتمى إلى مركز القوصية بصعيد مصر.

والذى ظل يلهث طوال سنوات عمره مناضلًا من أجل وضع الخطوط الفاصلة بين السلطتين الروحية والزمنية، مؤمنًا بأن (ما لله لله وما لقيصر لقيصر)، ودافع فى شجاعة عن مواقفه المبدئية.

معتزًا فى الوقت ذاته بإيمانه الأرثوذكسى الذى لا يتزحزح، فضرب بذلك مثالًا رائعًا للرؤية المبكرة لمفهوم المواطنة فى بلادنا.

ولقد ربطتنى صلة طيبة امتدت لعشرات السنين بالصديق جمال أسعد الذى كنت لا أراه كثيرًا ولكننا نتقابل فى المناسبات العامة والاتصالات الهاتفية من حين لآخر حيث يأتينى صوته المحبب بلهجته الصعيدية المتميزة.

وفى كل مرة يطرح فكرة أو يناقش رأيًا ويظل دائمًا وفيًا لأفكاره مؤمنًا بقناعاته.. ولقد قادتنى الظروف لأكون طرفًا معه فى بعض الأحداث التى ارتبطت به وبدوره مع الكنيسة القبطية المصرية.

ففى آخر برلمان مصرى قبل ثورة 25 يناير 2011 جرى اختياره بالتعيين عضوًا فى المجلس ضمن النسبة التى يختارها رئيس الجمهورية ويستكمل بها أعضاء البرلمان الجديد.

ولقد افترض البابا الراحل شنودة الثالث- وقد كان صديقًا غاليًا فى حياتى الفكرية- أن ذلك التعيين قد جاء نكاية فى الحبر العظيم، ولم يكن الأمر كذلك على الإطلاق بل إن المسؤولين حينذاك كانوا يبحثون عن شخصية قبطية نجحت من قبل فى الانتخابات العامة فى أحد البرلمانات السابقة.

وانطبق الأمر على جمال أسعد، فقد كان عضوًا سابقًا فى أحد برلمانات الثمانينيات من القرن العشرين، ولم يكن لجمال أسعد يد فى هذا التعيين ولا سعى إليه، بل ربما لم يفرح به!.

فى ذلك الوقت، جرت أحداث العمرانية ذات الطابع الطائفى، فقرر البابا شنودة الاعتكاف فى الدير وإلغاء كل المناسبات المرتبطة به، بل أخذ معه جهاز غسيل الكلى، بما يعنى أن مدة بقائه سوف تطول.

وقد سعى إليه بعض أساقفة الكنيسة القبطية من خلال الأستاذ منير غبور لحث الدولة على التدخل لترضية البابا وإقناعه بالعدول عن اعتكافه وممارسة صلاحياته العادية.

خصوصًا أننا كنا على بعد أيام من انعقاد البرلمان الجديد الذى يجلس فى شرفته بابا الكنيسة إلى جانب شيخ الأزهر فى مشهد رمزى معتاد للوحدة الوطنية المصرية.. وذهبت إلى البابا ومعى صديقان من الأقباط هما: (الأستاذ منير غبور همزة الوصل الأولى فى هذه الواقعة، والدكتور الراحل نبيل بباوى الذى كان يريد أن يرى البابا فى شأن يتصل بدعوته لحضور مناقشة رسالته للدكتوراة من أكاديمية الشرطة).

وعندما التقيت البابا فى حضور بعض كبار الأساقفة، بدا منزعجًا وحزينًا من كل ما جرى.. لكننى نجحت بعد ساعات من المناقشة فى إقناعه بالعودة إلى القاهرة، حيث اشترط البابا الراحل الإفراج عن أبنائه المعتقلين فى الأحداث الطائفية الأخيرة.

وأن يلتقى مع الرئيس الراحل مبارك لقاءً منفردًا فى أقرب فرصة، وقد كان له ما أراد، وعاد إلى الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة وحضر افتتاح الدولة البرلمانية بعد أن اقتنع أيضًا بأن تعيين جمال أسعد فى البرلمان ليس مكيدة ضده ولا موقفًا معاديًا له.

وأتذكر وقتها أنه قد قيل لى رسميًا عندما أردت اقتراح الذهاب إلى البابا واسترضائه بأن يكون ذلك على مسؤوليتى الشخصية، وبمبادرة منى بحكم قربى من الكنيسة القبطية حينذاك، دون التزام من الدولة بتبنى هذا الاقتراح الذى لا تعترض عليه ولا تتحمل مسؤوليته أيضًا.

وقد كان ما كان.. إن سيرة جمال أسعد تفوح برائحة مصر من أول سطورها إلى آخرها، فلا تكاد تعرف ديانته إذا لم تكن على معرفة شخصية به، فقد عاش عصور عبدالناصر والسادات ومبارك وما بعدها بضمير مجاهد وطنى لا يضعف ولا يتراجع ولا يقل حماسه.

إننى أنتهز هذه المناسبة لأحيى ذلك الرجل المكافح الذى جرى وصفه هو وزُمرة من المؤمنين بأفكاره بأنهم علمانيون دون الأخذ فى الاعتبار أن دوافعهم وطنية بحتة وأن ولاءهم للكنيسة ولاءٌ دينى، بينما ولاؤهم للوطن ولاءٌ لا يعلوه ولاء آخر.

تحية للصديق على كتابه الذى استمتعت كثيرًا بقراءته، وأصدق أمنياتى له بأن يظل دائمًا رمزًا مصريًا وطنيًا نعتز به ونسعد بوجوده، وترى فيه الأجيال القادمة نموذجًا مشرفًا، فهو مصرى بارٌّ بوطنه معتزٌ بدينه.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جمال أسعد مجاهد وطنى جمال أسعد مجاهد وطنى



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:05 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن القضاء على 200 مسلح في ريفي حماة وإدلب
 العرب اليوم - الجيش السوري يعلن القضاء على 200 مسلح في ريفي حماة وإدلب

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab