أوجاع الأمم وآلام الشعوب

أوجاع الأمم وآلام الشعوب

أوجاع الأمم وآلام الشعوب

 العرب اليوم -

أوجاع الأمم وآلام الشعوب

بقلم: مصطفي الفقي

كنت أرقب جماهير الشباب العراقى من مدينة البصرة وهم يهرولون نحو استاد كرة القدم الذى كان يستضيف بطولة الخليج 25 والتى غاب عنها العراق لأربعة عقود كاملة، وتأملت انفعالات الشباب وهم يتزاحمون فى اندفاع وقسوة أدت إلى وجود ضحايا من قتلى وجرحى، وذلك كان رد فعل للحرمان الطويل من تعاطى الفرح وممارسة البهجة، شهد العراق فى العقود الأخيرة آلامًا وأوجاعًا تفوق الخيال عندما عانت الدولة واختنق الاقتصاد، وأصبحت دعوتهم إلى الله أن يطعمهم من جوع، وأن يأمنهم من خوف، وليت ذلك الدعاء ينطلق من بلد فقير بل على العكس، فالعراق من أغنى شعوب الأرض وأكثر بلاد الدنيا وفرة بالنفط والمياه والأرض الزراعية الخصبة، إن كلمة العراق تعنى أرض السواد كتعبير عن الخصوبة ودليل على جودة الموارد ووفرة الميزات، نعم إن هناك من عبث بمصادر المياه فى بلاد النهرين، وكانت الحروب والمواجهات بل والحصار الاقتصادى مصدرًا للمعاناة الحقيقية لذلك الشعب العربى الذى أسهم إسهامًا ضخمًا فى الحضارة العربية الإسلامية وقبلها كان إسهامه الأكبر فى حضارات أقدم زمنًا وأطول عمرًا، ولولا سقوط بغداد فى أيدى المغول لتواصلت مكانته ودامت نهضته، إننى أكتب هذه السطور، لكى أوضح أن كثيرًا من شعوب الأرض عرفت المعاناة الطويلة، كما أن كثيرًا من الشعوب قد ذاقت الكأس المر فى حياتها عبر الزمن، لذلك فإننا حين نكتب عن أوجاع الأمم وآلام الشعوب الحقيقى الذى دام ولم يتوقف حيث دفعت تلك الشعوب الثمن غاليًا فى الحروب المتتالية ومصر ذاتها مثال على هذا، لأنها واجهت المغول والصليبيين والأتراك العثمانيين، وعندما تدلى جثمان (طومان باي) على باب زويلة مشنوقًا أمام الغزو التركى الذى قاده سليم الأول حيث وصلت إلى مصر قوات لا تفهم معنى الحضارة ولا منطوق التحرر، فكانت النتيجة أن مصر وشقيقاتها فى المنطقتين العربية والإفريقية أصبحوا يعيشون قرونًا مظلمة فى ظل الحكم العثمانى الذى كان يتسم بالأنانية وانعدام القدرة على تحضير الشعوب أو الاهتمام بالولايات العثمانية فى غرب آسيا أو شمال إفريقيا أو دول البلقان، وإذا كنا نتحدث عن أوجاع الأمم وآلام الشعوب فإن القضية الفلسطينية هى النموذج الأوضح لما نتحدث عنه إذ إن الجرائم التى ارتكبت ضد هذا الشعب الذى سُلبت حقوقه ووقع اختيار الغرب عليه لكى يكون ضحية للمسألة اليهودية بديلًا عن أصحابها الحقيقيين فى القارة الأوروبية، إن ذلك يدعونا إلى أن نكتشف أننا نعيش فى عالم مزدوج الشخصية يكيل بمكيالين ويطبق معايير مختلفة فى الحالة الواحدة، ولقد ناضل الفلسطينيون كما لم يفعل غيرهم ودفعوا واحدة من أغلى فواتير الدم فى التاريخ، ومع ذلك فإن حقوقهم ضائعة وآمالهم معدومة وحرياتهم مكبلة، ولقد رأيت آسيرًا فلسطينيًا يستقبل الحياة بعد أربعين عامًا من الحبس المتصل حتى خرج الرجل وهو لم يعرف من الدنيا إلا القليل، وذلك نموذج متكرر من سجناء الرأى فى العالم كله، إننا ننتمى إلى شعب قد لا تكون فيه الديمقراطية متقدمة ولكن البديل فى تلك الحالة هو اكتشاف حجم الرأى العام المصرى -على سبيل المثال- وتأثيره على المنطقة فهو ما زال يحتفظ بريادة الفكر وينطلق منه قادة الرأى، وربما كانت هذه النقطة تحديدًا هى التى تعطى للدولة المصرية نصيبها إقليميًا ودوليًا رغم أننا لا ننكر التراجع الذى أصاب الكنانة بسبب الزيادة الفلكية فى عدد السكان التى تلتهم كل عوائد التنمية، فالانفجار السكانى فى مصر هو الأب الأكبر لمعظم المشكلات التى تتمثل فى غياب التوازن بين الدخول والنفقات فتكون النتيجة سقوط البلاد فى دائرة شريرة لا نستطيع الفكاك منها أو كسر الإحكام الذى يكبلها ولو فى إحدى نقاطها، لذلك فإننا نظن صادقين بأن التعليم هو قاطرة التطور التى تشد الدول والمجتمعات إلى الأمام وتسمح بالوقوف بصلابة أمام التيارات الوافدة والتوجهات المفروضة.

إن ما نريد التحدث عنه اليوم هو رد فعل للمآسى الضخمة والحروب القاتلة التى شهد العالم مخاطرها ، بل إن كثيرًا من المحللين يرون أن استخدام الأسلحة النووية أصبح محتملًا بعد أن كان مستحيلًا، ويجب علينا أن نعلم بأن أوجاع الأمم وآلام الشعوب موزعة فى كل مكان ولم تبرأ دولة واحدة منها فى مراحل حياتها الطويلة من عقود تدهور بل وقرون تخلف أيضًا. دعنا نتطلع إلى عالم مختلف تتراجع فيه الحروب وتختفى منه الأوبئة ويتحمل إنسان العصر مسئولية وجوده حرًا كريمًا مهما ظهرت التحديات أو بلغت التناقضات أو تكاثفت الهموم والأوجاع.. إن الصراع هو سنة الحياة وناموس الوجود ولن يتوقف ذلك الصدام الذى بدأ من اقتتال قابيل وهابيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها، إنها محنة الوجود ومأساة البشر فى كل عصر!

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوجاع الأمم وآلام الشعوب أوجاع الأمم وآلام الشعوب



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين
 العرب اليوم - نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab