حارس الذاكرة الأدبية

حارس الذاكرة الأدبية

حارس الذاكرة الأدبية

 العرب اليوم -

حارس الذاكرة الأدبية

حارس الذاكرة الأدبية
عمار علي حسن

قبل مدة احتفلنا ببلوغ الشاعر والكاتب الأستاذ شعبان يوسف سن الستين، وتبارى الحاضرون فى ذكر مآثره، فهناك من تحدث عن شعره الذى أبدع فيه ثلاثة دواوين «مقعد ثابت فى الريح» و«1999» و«تظهر فى منامى كثيراً»، وهناك من تناول دراساته الأدبية مثل «خلوة الكاتب النبيل» عن إبراهيم أصلان، و«خيرى شلبى فيلسوف الهامش»، و«حلمى سالم ناقداً ومحاوراً»، ويوجد من أتى على ذكر تجربة «ورشة الزيتون»، التى كافح من أجل أن تبقى على قيد الحياة الأدبية زمناً طويلاً، وتقدم كل سنة أقلاماً جديدة فى الشعر والقصة والرواية والمسرحية والنقد.

ولم يفت الجميع أن يتحدثوا عن دأب الرجل الذى يفتش فى بطون الكتب والدوريات القديمة ليزيح التراب المتراكم على معارك أدبية وقصص متوارية وروايات أولى لم تكتمل وكتابات ضائعة لكتاب كبار وأسماء طمر بعضها النسيان فى تدفق الأيام بلا هوادة، وفى الطريق يفضح أكاذيب وينبش أسراراً ويكشف مستوراً.

فى هذه الناحية يتميز شعبان يوسف فيما يختار وما يكتب، إلى درجة تسترعى انتباه كل من يستمع إليه، وكل من يقرأ له، ويجد نفسه يتساءل: ما المكان الذى يعثر فيه على هذه المعلومات بعيداً عن المكتبات العامة التى تتاح فيها مطالعة المجلات والدوريات القديمة جداً؟ فالرجل كان موظف حكومة يقضى نهاره فى مكتبه، وحين يغادره تكون هذه المكتبات قد أغلقت أبوابها. والمكان قطعاً لدى باعة الكتب والدوريات القديمة، الذين يذهب إليهم ويفتش فى أكداس وأكوام الورق ليلتقط ما يريد، فيطالعه، ويخرج من بطونه بعض ذاكرتنا الأدبية المنسية أو التى تقادمت، لكنها عنده لا تسقط أبداً بهذا التقادم.

فى حفلة تكريمه كان شعبان يوسف يجلس على المنصة منصتاً لما يقال عنه، وعلى وجهه دهشة طفل فاجأه إطراء لم ينتظره، ونظرة طائر إلى فضاء بعيد يستعد للانطلاق إليه، فقد تعود الرجل أن يتحدث عن الجميع، ويكتب عنهم، ويحدب عليهم، دون أن يقول له أحد فى أى لحظة: أحسنت.

يمدح كثيرون شعبان يوسف فى وجهه لكنهم يخشون إظهار ما قالوه له، مكتوباً أو مسموعاً، خوفاً من أن ينالهم بعض آثار المعارك والمشاحنات الأدبية التى تجرى معه، أو الخلافات والأقاويل حوله. لكن أى كاتب مر من «ورشة الزيتون» وكان لها عليه بعض فضل أو خير، ليس بوسعه، إن كان لديه قدر من وفاء، أن ينكر ما فعله شعبان يوسف له، فلولا حرصه طيلة السنوات التى خلت على أن تبقى الورشة موجودة ومفتوحة أمام الأدباء، كانت ستموت مثلما ماتت مبادرات وحركات كثيرة فى تاريخ الأدب المصرى.

فى «ورشة الزيتون» البسيطة مثل كوخ فلاح قددت الشمس صفحة وجهه وأرضه، أو قارب صياد عجوز يغالب الريح، بدأت أسماء تعرف طريقها إلى عالم الكتابة والإبداع ثم شقت طريقها فى ثقة نحو الأمام، وهناك أسماء أخرى لم تصمد، وضاعت فى زحام الحياة. لكن كل من تحدث فى الورشة من نقاد نابهين، أتوا من الجامعة أو من خارجها، أفادوا كثيراً من أنصت إليهم بإمعان، وكان شعبان يوسف طيلة الوقت واحداً من هؤلاء، إذ لا يحضر ندوة إلا وعلق على العمل، ديواناً كان أو مجموعة قصصية أو رواية أو مسرحية أو احتفاء بأديب نال جائزة أو تأبيناً لآخر رحل عن دنيانا.

فى حفلة تكريمه قال: «آن الأوان كى أتفرغ للشعر، الذى نسيته فى زحمة الأشياء الأخرى»، لكن كل الجالسين خالفوه الرأى، وقالوا له: «ليس بوسعنا الاستغناء عن آثار تنقيبك عن الكنوز القديمة»، وهذا طلب مشروع، فذاكرتنا الأدبية تحتاج إلى حراس، وهو فى أولهم، لأنه قطع شوطاً بالغاً على هذا الدرب.

arabstoday

GMT 13:39 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 13:37 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

لبنان.. عودة الأمل وخروج من الأسر الإيراني

GMT 13:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ليلى رستم نجمتنا المفضلة

GMT 13:31 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ظاهرة إيجابية بين الأهلى والزمالك

GMT 13:28 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 13:26 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 13:25 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 13:23 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حارس الذاكرة الأدبية حارس الذاكرة الأدبية



أيقونة الموضة سميرة سعيد تتحدى الزمن بأسلوب شبابي معاصر

الرباط ـ العرب اليوم

GMT 06:40 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون
 العرب اليوم - أسرار أبرز التيجان الملكية التي ارتدتها كيت ميدلتون

GMT 06:57 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل
 العرب اليوم - أبرز العيوب والمميزات لشراء الأثاث المستعمل

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 14:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مورينيو ومويس مرشحان لتدريب إيفرتون في الدوري الانجليزي

GMT 14:39 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

وست هام يعلن تعيين جراهام بوتر مديراً فنياً موسمين ونصف

GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تحتفل بألبومها وتحسم جدل لقب "صوت مصر"

GMT 14:38 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتى يحسم صفقة مدافع بالميراس البرازيلى

GMT 14:30 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

جوزيف عون يصل إلى قصر بعبدا

GMT 20:44 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مانشستر يونايتد يعلن تجديد عقد أماد ديالو حتي 2030

GMT 14:32 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

كييف تعلن إسقاط 46 من أصل 70 طائرة مسيرة روسية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab