مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 3

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (3)

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية (3)

 العرب اليوم -

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 3

بقلم : عمار علي حسن

وهناك من يؤكد أن التنمية الاقتصادية عامل مسهّل لقيام نظم ديمقراطية، وذلك استناداً إلى عدة اعتبارات، منها أن التنمية الاقتصادية تقود إلى تغير فى القيم المجتمعية يخدم التوجهات الديمقراطية.

فالتنمية توفر قدرة على قيام عملية تعليمية شاملة، وتعميق التعليم يجذّر فى عقول المواطنين ونفوسهم قيم التسامح والاعتدال والعقلانية واحترام الآخر.

كما أن التنمية الاقتصادية تؤدى إلى انتعاش الدخل القومى بما يحقق «الأمن الاقتصادى» للمواطنين، ويحد من «الصراع الطبقى» بينهم بما يمكّنهم من تكريس وقت أطول لبلورة رؤية سياسية ذاتية. وتبرهن تجربة بعض دول العالم الثالث على صحة هذا الرأى إلى حد كبير، فانشغال الناس بتحصيل ما يقيم أودهم فى الدول التى تحقق معدلات نمو منخفضة يجعل العمل العام بالنسبة إليهم ترفاً لا يقدرون عليه، واحتكار السلطة الحاكمة فى بعض الدول لمقدرات الثروة وتوزيعها حسب أهوائها يجعل مواطنيها يتحولون إلى مجرد رعايا لا مواطنين. وغياب المواطنة يعنى فى النهاية غياب الرافد الأساسى الذى يغذى الديمقراطية ويحافظ عليها.

وتساهم التنمية الاقتصادية كذلك فى اعتدال موقف الطبقات الدنيا من الشرائح الاقتصادية الاجتماعية العليا، بما يجعل الأخيرة تطمئن إلى أن الشرائح الدنيا لا تشكل خطراً عليها، وأنها تستحق ممارسة الحقوق السياسية ونيل نصيبها من القوة فى المجتمع. كما أن الوفورات المالية التى تحققها التنمية تزيد من وجود الطبقة الوسطى التى تضفى بدورها طابعاً وسطياً على التنافس أو الاختلاف السياسى عن طريق مساندة الأحزاب الديمقراطية والمعتدلة والتخلى عن الجماعات الراديكالية سواء كانت يسارية أو يمينية. وتوافر الثروات المالية، أو على الأقل بلوغ حد الكفاية، يوسع هامش الاختيارات أمام الطبقة العاملة والمهمشين، بحيث يصبح بإمكانهم أن يستخدموا وسائل ضغط سلمية للحصول على حقوقهم ولا ينحدرون إلى التطرف السياسى. وفى المقابل فإن هذا يقلل من احتياج السلطات الحاكمة إلى استخدام «البطش» فى مواجهة أى احتجاج من أجل الحفاظ على درجة مناسبة من الاستقرار.

علاوة على ذلك فإن التنمية الاقتصادية تتيح فرصاً كبيرة لقيام العديد من الهيئات الاجتماعية التطوعية المستقلة «مؤسسات المجتمع المدنى» التى لا تكتفى فقط فى بعض الأحيان بممارسة دور رقابى غير رسمى على أداء الحكومة، بل تشجع على قيام مشاركة سياسية، وتعمل جاهدة على إيجاد رأى عام يتمتع بدرجة مناسبة من الوعى والمهارات السياسية اللازمة لقيام نظام حكم ديمقراطى.

وقد أعطى هنتنجتون هذا التصور بعداً إمبريقياً فى كتابه «الموجة الثالثة للديمقراطية»، حيث قال إن متابعة التحولات الديمقراطية فى العالم خلال الفترة من 1974 إلى 1990 أظهرت أن المناطق التى شهدت مثل هذه التحولات قد حققت معدلات تنمية اقتصادية فوق المتوسط، وخرج من ذلك بنتيجة مفادها أن «الفقر يمثل عقبة كأداء أمام التطور الديمقراطى، وأن تعزيز الديمقراطية يعتمد على تحسين مستوى التنمية الاقتصادية، وأن العقبات التى تقف فى وجه التنمية هى عقبات فى طريق الديمقراطية».

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 3 مزايا توافق الديمقراطية والتنمية 3



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab