فعل أحمق ورد فعل مُحق

فعل أحمق... ورد فعل مُحق

فعل أحمق... ورد فعل مُحق

 العرب اليوم -

فعل أحمق ورد فعل مُحق

بقلم - بكر عويضة

معروف أن مقولة «لكل فعل رد فعل مساوٍ في القوة ومعاكس في الاتجاه»، انتشرت على نطاق عالمي منذ زمن بعيد. في القاموس العلمي، يرجع أصل العبارة إلى «قانون نيوتن الثالث»، أو «القانون الثالث للحركة»، كونها تشير إلى آخر قوانين الحركة التي اكتشفها إسحق نيوتن، العالم البريطاني الشهير، والتي تضمنها كتاب نُشر له منذ ما يفوق ثلاثة قرون وستة وثلاثين عاماً (5-7-1687)، وفيه وضع أسس «الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية». القياس على مضمون عبارة نيوتن اتخذ أشكالاً عدة، وطُبق في مجالات مختلفة. بعض الناس طفق يلجأ إليه حتى في فض إشكالات لها طابع شخصاني، إذ يُقال، عند الاضطرار إلى إسكات شخص، أو ردع آخر، إن الفعل الذي أقدم عليه كلٌّ منهما يبرر رد الفعل الذي لم يرق لكليهما. بيد أن المجال الأوسع في القياس على المقولة ذاتها، تبدى بشكل جلي ضمن الإطار السياسي أكثر من غيره.

انطلاقاً مما سبق، يجوز استحضار الحدث الذي جرى في السويد نهار عيد الأضحى الأخير، حيث أقدم متطرف ملحد، أعمى الحقد بصيرته، فألغى عقله، رغم ادعاء أنه عِلماني التفكير -مع ملاحظة أن العلمانيين غير المتعصبين لا يفعلون ما فعل- على فعلٍ تجاوز بارتكابه كل حدود احترام حق الآخرين في معتقدهم، من منطلق الزعم بممارسة حق حرية التعبير، فأشعل النار في إحدى نسخ القرآن الكريم، وبفعلته الحمقاء تلك أشعل نار غضب في قلوب مئات ملايين بسطاء المسلمين، وأوقد في نفوسهم حافز الانتقام لمكانة أقدس الكتب عندهم، بل يمكن القول إن الأدهى والأخطر، يتمثل في أن ذلك الفعل الأحمق أعاد للأذهان ما تسببت به أحداث مشابهة وثقتها سجلات التاريخ، إنما طواها النسيان، بفعل طبيعة الإنسان نفسه، المخلوق في كَبَد، كي يكابد متطلبات حياته اليومية، فينشغل بها عن الاهتمام بكل شيء عداها، إلا أنْ يَحدُث أمام ناظريه، وعلى مسمع منه، ما يُحدِث وقع زلزال يهز الواقع، ويعيد فتح مسام الذي نام من الذاكرة. حين يقع حدث بهذا الحجم، من الطبيعي أن تُقرع أجراسُ إنذار تنبه الناس أنهم يواجهون جحيم فتنة، قد تؤدي إلى أوخم العواقب.

الناس المعنيون، في إطار الحدث المُشار إليه، هم أهل القرار في السويد، المملكة التي لم يُعرف أن لها، دولةً وبشراً مجتمعاً وثقافةً، أي مشكل محدد مع الإسلام، ديناً وقرآناً وممارسة، بل إن التواصل التجاري بينها وبين دول العالم الإسلامي يرجع إلى القرن السابع الميلادي، فما الذي جد حتى تغدو ساحة لتصرف أخرق على هذا النحو؟ الجواب، باختصار، هو في الهجرة والمهاجرين. بالطبع المشكل ليس في الهجرة ذاتها، إذ يُسجل للسويد فتح أبوابها أمام مهاجرين أتوا من غير مجتمع مسلم، حتى فاق عددهم الثمانمائة ألف في عام 2017. إنما الإشكال هو في استغلال نفر قليل، كما مرتكب الفعل الأحمق، أجواء التسامح السويدية لارتكاب أفعال ترفضها أي نفس سوية التفكير، وأهل السويد ليسوا استثناء.

ضمن هذا السياق، كان طبيعياً أن تبادر العواصم والهيئات الإسلامية إلى تنبيه المسؤولين في استوكهولم لمدى خطورة سماح القضاء السويدي بممارسات مثل الذي حصل، بزعم أنها تندرج في إطار حرية تعبير، رغم وضوح أنها تعبر عن حقد ممنهج ضد الإسلام والمسلمين. التنبيه، كرد فعل مُحق على فعل أحمق، كان ضرورياً، إنما يبقى من الضروري أيضاً، أن تسعى الجهات المعنية في العالم الإسلامي إلى مزيد من الجهد التثقيفي بين جموع الجاليات الإسلامية في السويد وفي غيرها من المجتمعات الغربية، تصدياً لكل مناهج التطرف الوافدة إليها من العالم الإسلامي ذاته.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فعل أحمق ورد فعل مُحق فعل أحمق ورد فعل مُحق



دينا الشربيني بإطلالات متفردة ولمسات جريئة غير تقليدية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 02:42 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

شولتس ينتقد مقترح ترامب بشأن غزة ويصفه بـ"فضيحة"
 العرب اليوم - شولتس ينتقد مقترح ترامب بشأن غزة ويصفه بـ"فضيحة"

GMT 03:30 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

هاكر مصري يخترق القناة الـ14 الإسرائيلية

GMT 04:32 2025 الإثنين ,10 شباط / فبراير

وفاة ملاكم إيرلندي بعد أسبوع من خسارة اللقب

GMT 13:32 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

عودة شبكة بلايستيشن PSN للعمل بعد انقطاع طويل

GMT 12:53 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

حورية فرغلي تكشف مأساتها وعمرها الحقيقي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab