دروس أفول بوريس وصعود تراس

دروس أفول بوريس وصعود تراس

دروس أفول بوريس وصعود تراس

 العرب اليوم -

دروس أفول بوريس وصعود تراس

بقلم: بكر عويضة

يعكس أفول نجم بوريس جونسون السياسي، وصعود ليز تراس إلى زعامة حزب «المحافظين» ورئاسة الوزراء، أكثر من درس. بالطبع، هناك دائماً دروس تتمخض عنها مسيرات السياسيين عموماً، سواء أفضت إلى تحقيق نجاحات بارزة يُشار إليها بكثير من الإعجاب، محلياً وعلى صعيد عالمي، أو أنها انتهت إلى إخفاق ذريع يثير أحياناً بعض إشفاق على السياسي المتعثر، وربما يولد شيئاً من الغضب بين أنصار له أقدموا على استثمار ثقتهم بوعوده، أو برامجه، ثم صدموا بما انتهى إليه من فشل. يحدث هذا ويتكرر حدوثه في مجتمعات العالم كافة، ويستطيع كل دارس معني بالبحث في انعكاسات تجارب الساسة، صعوداً وأفولاً، أن يعثر على دروس عدة يمكن استخلاصها من مسيرة كل سياسي أثر بشكل لافت داخل مجتمعه، وفي جواره الإقليمي، ثم امتداداً في الإطار الدولي. ضمن هذا السياق، يمكن القول إن الاهتمام الذي جرى قبل أيام برحيل مفكك الاتحاد السوفياتي، ميخائيل غورباتشوف، يشكل مثالاً يستوقف المرء.

في كلمتها فور إعلان فوزها على منافسها ريشي سوناك، بعد ظهر أول من أمس، لم تنسَ ماري إليزابيث - اسمها الأول كاملاً - أن توجه كلمات شكر خصت بها بوريس جونسون. قالت ليز تخاطب سَلَفها، وأيضاَ صديقها، كما وصفته: «بوريس؛ لقد أنجزت وعدك بتحقيق (بريكست)، وأشرفت على حملة تطعيم ناجحة ضد (كوفيد)، كما نجحت في سحق جيريمي كوربن»؛ قصدت الفوز الساحق على حزب «العمال» في انتخابات عام 2019. صحيح. أصابت مسز تراس في كل ما نسبت من نجاحات إلى مستر جونسون، لكنها إما نسيت، أو أنها تناست عمداً، وهو الأرجح، أن تشكر بوريس جونسون على مسلسل فضائح، وزلات لسان، تورط فيها الرجل نتيجة سوء إدارة، وإهمال، وغياب حُسن التقدير، فكان طبيعياً أن تسلط الضوء على مكامن ضعف في زعامته، وأن تنتهي به، سياسياً، إلى حيث انتهى.

ربما يجوز للمراقب المحايد القول إن الدرس الأول في أفول نجم بوريس جونسون يتمثل في أنه أجاز لغرور نجاح البدايات أن يحكم قبضته على شخصيته كمواطن أولاً، فأنساه ذلك ضرورات التحكم في تصرفاته كسياسي يحكم، وليس جالساً في موقع المعارضة، بل يجلس في مقر رئاسة حكومة بريطانيا. الأرجح أن خطأ جونسون الأساسي، في هذا الإطار، تمثل في الإقدام على صدام مع دومينيك كامينغز، كبير مستشاريه الذي كان موضع ثقته أكثر من غيره. مذ وقع التصادم بينهما، أخذ مسلسل المتاعب يتكاثر، وطفق سيل فضائح التصرفات الذاتية يزيد من اهتزاز صورة جونسون، كزعيم لحزب «المحافظين»، وكرئيس للوزراء. عندما يطفح كيل الصبر بين عتاة الجالسين وراء كواليس أي من الأحزاب الكبرى في العالم، تُشحذ «السكاكين»، وإذ ذاك هو الحال، لن يجدي نفعاً السياسي الصادر ضده الحكم بأن يمضي إلى حال سبيله، طلب السماح له أن يبقى، لعله ينجح في إصلاح ما فسد. كلا، يجب أن يذهب، وهو ما حصل مع جونسون، كما مع الأقدم منه زمناً، والأهم تأثيراً، والأطول مشواراً، منذ ونستون تشرشل إلى تيريزا ماي، مروراً بمارغريت ثاتشر.

من قبل تأكيد الفوز، وهو كان الأرجح، أفرط كثيرون على منصات ومنابر الإعلام في الربط بين ليز تراس ومارغريت ثاتشر، وانطلق معلقون يعطونها وصف «السيدة الحديدية» الثانية. توصيف متعجل، غير دقيق، بل هو يفتقر إلى أساس صحيح يقوم على منطق المقارنة بين عمق إرث تجربة ثاتشر السياسية، ومشوار شابة في مقتبل عمرها السياسي، رغم تسلمها مناصب مهمة جداً. مع ذلك، ثمة درس مهم يمكن استخلاصه من صعود ليز تراس، خلاصته هي أن السياسي الناجح، مع الأخذ في الاعتبار تباين مفاهيم النجاح والفشل، يرفض تجمد القناعات السياسية عند زمن محدد. هذا جانب يؤخذ، وفق فهم البعض، على السيدة تراس، لكونها انتقلت من نشاطها خلال بواكير شبابها في ضفة اليسار الليبرالي، إلى التزام التيار اليميني، متمثلاً في انتمائها إلى «المحافظين».

في أول مجلس عموم تحضره رئيسةً وزراء، تواجه ليز تراس اليوم (الأربعاء) سير كير ستارمر، زعيم حزب «العمال». بالطبع، سوف تصدع بنبرة تحدٍ تزعم أنها ستقود حزبها إلى انتصار ساحق في انتخابات عام 2024. ذلك النوع من الخطاب السياسي متوقع دائماً، إنما غير المضمون إطلاقاً هو أن تصمد السيدة تراس في زعامتها للحزب حتى ذلك الحين.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دروس أفول بوريس وصعود تراس دروس أفول بوريس وصعود تراس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab