تقرير تشيلكوت  وقرار محاسبة الذات

تقرير تشيلكوت.. وقرار محاسبة الذات

تقرير تشيلكوت.. وقرار محاسبة الذات

 العرب اليوم -

تقرير تشيلكوت  وقرار محاسبة الذات

بقلم: بكر عويضة

المسارعة إلى لوم الغير، أم محاسبة النفس أولاً؟ أيهما الأيسر سبيلا، بأيهما وجع الألم أكثر، وأيهما الأسلم للنجاة مستقبلاً؟ ليس من ضرر في إرجاء الإجابة قليلا. عما قريب، بعدما تمر بضع ساعات اليوم، على نشر نتائج تقرير لجنة تحقيق بريطانية ترأسها سير جون تشيلكوت بشأن حرب العراق، سوف تُكتب وتذاع، وتُحرر وتُبث بلايين الكلمات، تعقّب على ما انتهت إليه مليونان وستمائة ألف كلمة تضمنتها صفحات التقرير، فهل يُصلح كل ما سيقال من كلام بعض ما تعرض له العراق، وهو الذي رفل ذات يوم بوميض أملٍ أن نهوض العرب مُتاح. ما الذي حصل إذنْ؟ لماذا ملأ النواح أرض الرافدين، ثم فاض الكيل فطفح الخراب، وإذا ديار العرب أجمعين تغرق إلى لجج شرور نعيق غراب البينْ، ينشر بين الناس إرهاب دين يتلفح لباس ديّانٍ، كتب على نفسه الرحمة قبل أن يجعلها شرط خُلق قويم على الخَلق كلهم؟حسنًا، هل من الضروري فتح كتب الأمسين، القريب والبعيد؟ نعم. بالطبع، ليس في ضَيّق المكان هذا، بل المطلوب أن تُفتح الأبواب كلها على أوسع نطاق، وفي المقدم منها مبرر غياب مراجع عليا في العالم الإسلامي عن إشهار حجج الحق لتكسر مزاعم سيف الباطل في المهد، وتنسف فكر التنطع بعدما طلع من جحور هزائم التيار العروبي ونكساته، ليلوّح أرباب الترويج لبديله برايات زيف الجهاد، وتأويل النصوص وفق الهوى.

 لقد رفض أقطاب ذلك البديل المزعوم مبدأ الانصياع لولي الأمر، أو الاستماع لنصح ذوي الألباب، سواء بين المسلمين أنفسهم، أو جموع شخصيات وازنة، تنتمي لقارات الكوكب الخمس، تحترم نبي الإسلام وتجّل قرآنه، ولم تبخل بجهد ترجمته إلى لغات العالم قاطبة، ثم إنها تقدّر للدين الحنيف دوره المؤثر في إنماء الحضارة البشرية، وتشجع على النهل من منابع أمد بها العلوم كافة، من الطب إلى الكيمياء إلى اللوغاريتمات، حتى محاولة التحليق في فضاء السماوات، ترك ذلك الجمع المنغلق على ظلمات الجهل أنوار ذلك كله وراء ظهورهم، وانطلق سواد حقدهم ينشر فظائع القتل والدمار بلا تفريق بين رجل مسن وامرأة حامل، أو طفل رضيع وشاب يافع. كان رسول صلى الله عليه وسلم، ينهى أصحابه في الغزوات: «لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلًا، ولا صغيرًا، ولا امرأة» إذاً لماذا وقع هذا التكاسل، من المسؤول، أم أنه يقع ضمن المسكوت عنه؟بإعلان تقرير تشيلكوت اليوم، يثبت قوم هذا البلد حرصهم على محاسبة أنفسهم، بقصد التعرّف على مكامن الخطأ، أين حصل، لماذا، وكيف السبيل لتجنب تكراره، مع ملاحظة أن عدد قتلاهم في العراق لم يتجاوز 179 قتيلاً.

أسمع التصفيق مُدويًا لما سيتضمن التقرير من إدانات الأرجح أنها محقة، إنما أليس من الحق التساؤل متى تقع محاسبة العرب لمن تسبب بوقوع أكثر من واقعة أوردت شعوبهم موارد خراب سوف تبقى آثاره ردحًا من الزمن طويلا؟في ختام تقريره مساء أول من أمس (الأحد) عن فظائع ما وقع بمجزرة الكرادة، قال جيريمي بوين، مراسل «بي بي سي» الذائع الصيت، إن العراق لم يعرف السلام يومًا واحدًا منذ غزو بوش الابن وتوني بلير للعراق في أبريل (نيسان) 2003. ومساء أربعاء الأسبوع الماضي وثقّت جين فيليبا كوربن، الصحافية التي برعت في أفلامها التوثيقية، أقوال عدد من الشهود ذوي الاختصاص تكفي لإدانة بوش وبلير بما ارتكب كلاهما من حماقات تلك الحرب، لكن واحدًا من مشاهد بانوراما (العراق، الحكم النهائي) أعاد للذاكرة صفعة إذلال تلقاها كل عربي شاهد صدام حسين خارجًا من مخبأ الحفرة، فاغرًا فمه، مخرجًا لسانه لضابط أميركي يلتقط عيّنة (DNA). أما كان بوسع قائد «قادسية صدام» وقد أجبر الخميني على «تجرّع سم» وقف حرب أكلت من أخضر ويابس العراق وإيران الكثير، أن يتحلى بالحكمة، فلا يغزو الكويت (1990)، بل يُحكم أبواب العراق والمنطقة كلها دون أي تدخل للأجنبي؟ بلى، كان ذلك باستطاعة رئيس حكم العراق بقبضة حديد ونار، ولو أنه فعل، لما كان، على الأرجح، غزو أبريل 2003، ولم ظهر «داعش» وفظائعه، ولا «الحشد الشعبي» وفظائعه. لكن، أليس لخالق الكون حكمة في كل شيء ليس يعلمها أحد غيره. بلى، بالتأكيد. ترى، بأي مذاق يمكن نطق تهنئة العيد لثكالى وأرامل وأيتام إرهاب الظالمين، سواء في العراق أو أي من البقاع في هذا الزمن الأليم؟

arabstoday

GMT 04:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

صيحة سلمان الداية... لها وعليها

GMT 05:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة في حفرة الأرنب

GMT 03:18 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

الهجرة... وسيلة أم غاية؟

GMT 23:45 2024 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

العَوَج ثقافة ومنهج

GMT 00:39 2024 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

مهزوم منتصر... ونصر مزعوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقرير تشيلكوت  وقرار محاسبة الذات تقرير تشيلكوت  وقرار محاسبة الذات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab