ممرضة الأطفال قاتلة

ممرضة الأطفال... قاتلة

ممرضة الأطفال... قاتلة

 العرب اليوم -

ممرضة الأطفال قاتلة

بقلم - بكر عويضة

لم يفاجئني جواب أليسون، جارتي الإنجليزية، حين أكدت أنها لم تغير موقفها من معارضة عقوبة الإعدام. حواري مع أليسون، التي لا تزال في منتصف عِقدها الخامس، وتعمل معلمة أطفال متخصصة في تدريس ذوي الاحتياجات الخاصة، جرى عصر أول من أمس (الاثنين) بعد ساعات من صدور حكم قضى بحبس لوسي ليتبي مدى الحياة، إثر إدانتها بقتل سبعة أطفال، ومحاولة قتل ستة آخرين، فيما هي مكلفة بالسهر على رعايتهم، لأنها حين أقدمت على الفظائع التي ارتكبتها، كانت تعمل ممرضة في جناح حديثي الولادة بمستشفى في مقاطعة تشيستر، شمال إنجلترا. لم تكن الجارة قد علمت بصدور الحكم لأنها إزاء شدة تأثرها ببشاعة جرائم الممرضة، ذات الثلاثة وثلاثين عاماً، تجنبت متابعة قصتها، بمعنى أنها فضلت أن تشيح بنظرها بعيداً عمّا يسبب لها توتر أعصاب.

الواقع يقول إن هذا التصرف في حد ذاته، أقصد إصرار البعض على النظر بعيداً عن وقائع أحداث تجري على الأرض، جهاراً وأمام أعين جموع الناظرين، لمجرد أنها تزعج الناظر إليها، أو تفسد المزاج الرائق، يشكّل أحد عوامل منهج خاطئ يتعامل مع أي إشكال وفق نهج رأس النعامة المدفون في رمل إنكار كل حدث، حتى لو استدعى الأمر غضّ البصر عن حجم الدمار، وصرف النظر عمّا إذا كان التدمير يخص الفرد كشخص، أو مجرد بضعة أشخاص، وربما، وهو الأدهى، إذا أصاب الناس ككل، ومعهم الديار التي هم وهن أهلها. لكن الواقع يقول أيضاً إن لكل أنواع أساليب التجاهل تلك تبعات سوف تجر الويلات لاحقاً.

نعم، ففي حالات عدة، شوهد نادمٌ يبكي حرقة فيما يعض أصبع الندم حين دب حريق فالتهم البيت الذي يقطنه، بكل ما احتوى، ولم يُبقِ على شيء. ذلك ندم مَن لم يُعِر ذرة اهتمام لبدء اشتعال النار في بيت الجار. لسان حال ذلك النوع من الإهمال يخادع الذات ويوهمها بادّعاء أن ما على نفسي من ضرر جراء الذي يقع في دار غيري. خطأ، بل خطيئة، سوف تولَد من رحمها خطايا، وحينها قد يتعذر الخلاص، ويحق القول الحق «ولات ساعة مناص»، فقد فات الأوان. يعيد هذا إلى الذهن حقيقة أن الشرائع السماوية حين أقرت عقوبة القصاص من القاتل، لم تتجنَّ على أحد، ولم تمارس الظلم ضد البريء، بل أوقعت العقاب على الظالمِ نفسه، أولاً، بارتكاب ظُلم قتل غيره، وأكدت معنى حق حياة، حُرم منه المقتول، الضحية، المُعتدى عليه: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب».

أُدرِك أن تمسك جارتي بالاعتراض على عقوبة الإعدام، هو نتاج جهد استغرق عقوداً عدة توالت على الاستغراق في مجالاته، والاجتهاد في إيجاد المبررات له، ثم الدفاع عنه، أجيال من كبار فلاسفة الثقافات كلها، إلى جانب زعامات الفكر الليبرالي، وأنصار الحريات، في مشارق الأرض ومغاربها. ومعروف أن «التشكيك» في عدالة هكذا عقوبة، ينهض أساساً على خلفية احتمال اكتشاف خلل ما في أثناء المحاكمة أوصل إلى إدانة متهم بريء فأُعْدِم خطأً. يمكن الرد على محاججة كهذه بالقول إن الإقرار بحق القصاص من القاتل يجب أن يترافق مع توفير كل ضمانات التحقق من الإقدام على جرم القتل مع سابق إصرار وترصد، وبالتالي تكون الإدانة أبعد ما تكون عن ذرة شك. أما الذي يصعب، وقد يستحيل، أن يُقبل فهو الاكتفاء بمعاقبة ممرضة أطفال، قتلت سبعة منهم، بالحبس المؤبد، ثم يؤدي المجتمع نفقات إقامتها الآمنة في السجن طوال حياتها، من جيب دافع الضرائب. أليسون وافقت معي، مبدئياً، على هذه الخلاصة، رغم اختلاف الرأي بيننا في موضوع عقوبة الإعدام.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ممرضة الأطفال قاتلة ممرضة الأطفال قاتلة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab