المسافر 5

المسافر (5)

المسافر (5)

 العرب اليوم -

المسافر 5

بقلم- السيناريست أحمد صبحي

لن تستطيع أن تعلم أو تعرف أو تتوقع كيف تحب بلدك إلا إذا عرفت قيمتها وتاريخها وأهميتها ولن تستطيع أن تعرف مكانتها ولن تستطيع أن تعرف كم هي عظيمة إلا إذا رأيت تلك الحضارة بعينك وقام بشرحها لك شخص يحب تلك الحضارة ويقدرها ويستطيع أن يعطيك المعلومة بهدوء وبساطة، والحقيقة هذا هو ما لفت نظرنا في المرشدين الذين تعملنا معهم.

هم يتعاملون معنا على أننا مصريين .. أي لسنا شيئًا مهمًا بل إن هناك حالة من التعجب؛ لأننا قررنا أن نقوم برحلة إلى الأقصر وأسوان ورؤية الآثار المصرية فنجد من يقول لنا ببسطة (كنت رحت شرم ولا الغردقة أحسن) هذا من أهم الأشياء السيئة التي قابلتنا في الرحلة أولاً، لأن المرشد يجب أن يكون على قدر المسؤولية فهو عليه أن يقدم الخدمة كاملة من دون النظر إلى نوعية الزائر وجنسيته، على العكس المفروض أن يقدم الخدمة بدقة أفضل وأعلى حين يقدمها لابن البلد.. والحقيقة حتى نكون منصفين حين يجدون الاهتمام يتغير الوضوع والحالة والفكرة لديهم .. المهم

يجب أن نشير إلى أن المعبد يقع على شارع الكونيش مباشرة ويمكن رؤيته من المركب حين تسير متجهة لرحلتها إلى أسوان فلن تتخيل ولن تستوعب أبدًا مدى جمال المشهد إلا إذا رأيته بنفسك .. آمون كلمة تعني (الخفي) وزجته (موت) وابنهما (خون سو) إله القمر الذي يعبر إلى السماء وهذا المعبد تم تشييده ليكون دارًا لهم أي أن معبد الكرنك هو قصر آمون الرسمي أما معبد الأقصر فهو منزله الخاص الذي كان يقضي فيه مع عائلته فترة من الراحة والاستجمام في ميعاد محدد من كل عام والكرنك تعني الحصن أو المكان الحصين.

خرجنا من معبد الكرنك ونحن على موعد مع معبد الأقصر في الصباح الباكر وزيارة إلى البر الغربي، وكان المتفق عليه أن نستقل سيارة خاصة بالشركة التي تم الحجز من خلالها ولكن تم الاتفاق بيني وبين إبراهيم أننا لا نرغب في أن نكون تقليديين إننا نريد أن نستكشف المكان وأن نكون نحن أصحاب الرحلة بشكل كامل لذلك تم إبلاغ المسؤول أننا لسنا معهم من الصباح وأننا سنتولى أمر الزيارات الخاصة بالمدينة بأنفسنا.

وفي الصباح الساعة (7) كان الإفطار ثم خرجنا سريعًا ارتديت شورت وتي شيرت وقمت بعقد شال على رأسي بشكل خاص ووضعت الكاميرا على كتفي وحملت حقيبة صغيرة بها الماء وبعض البسكويت أما إبراهيم فكان شخص رسمي تراه تعتقد أنه أحد المنقبين عن الآثار ببنطاله وقميصه ونظراته الحادة وابتسامته الهادئة التي لا تعبر عن أي شيء فلا تستطيع أن تعرف هل هو مهتم أم لا، ثم اتجهنا إلى المعدية لنعبر بها إلى البر الغربي، المعدية سعرها نصف جنيه تنقلك إلى الجهة الأخرى، ومن هناك تستطيع أن تاخذ سيارة خاصة لتذهب إلى الآثار الموجودة في البر الغربي أو تعتمد على المواصلات التي يوفرها الأهالي، وقد قررنا أن نستفيد بالمواصلات التي يوفرها الأهالي ولحسن الحظ استطعنا أن نركب سيارة نصف نقل متجهة إلى وادي الملوك وكانت التوصيلة ببلاش.

أولًا البر الغربي يحتوي على تمثالي ممنون وادي الملوك والملكات مدينة هابو معبد الرامسيوم والدير البحري مقابر الأشراف كما يمكن أن تمر على مصانع الألباستر، والحقيقة كان الأمر ممتعًا وقد شاهدنا في الطريق الأجانب وهم يقومون بالجولة على العجل وفكرنا أننا في المرة المقبلة سنقوم بالجولة على عجل وحين دخلنا البر الغربي أول شيء وقع عليه النظر تمثالا ممنون، وقد كان هذان التمثالان الضخمان لأمنحوتب الثالث موجودين في الأصل أمام معبده الجنائزي الذي يبدو أنّه دُمّر لأسباب غير معروفة.

ويبلغ طول كل تمثال 21 مترًا ويصوران الملك أمنحوتب الثالث وهو جالس على كرسي العرش، وتقول الأسطورة إنه بعد أن تعرّض أحد التمثالين لزلزال مدمّر في عام 27 قبل الميلاد، أخذ التمثال يصدر أصواتًا غريبة في الصباح، ربما بسبب حرارة الشمس بعد الرطوبة في الليل، وهنا كانت بداية أول أسطورة مرت على الذهن من أساطير الفراعنة، وأهمها أسطورة إيزيس وأزوريس وأساطير الصراع الأزلي بين الخير والشر.

ومرّ الأمر أمامنا كأنه شريط سينمائي حين تذكرنا اللصوص وكيف كان يحاولون سرقة الآثار أو المقابر كما تخيلنا كل ما قيل عن إن الجن وملوك الجان هم من يحمون الآثار والمقابر الخاصة بالفراعنة، وتذكرنا كل ما قيل عن الأحداث التي صاحبت اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، آنت الآن في البر الغربي حيث تغيب الشمس وتسكن أجساد الملوك في مقابرها أنت الآن حيث الحياة الأخرى حيث يذوب الجسد وتبقى الروح وتبدأ الحياة الأبداية، أنت الآن تسير على الأرض السر الأرض التي عاش عليها أصحاب أقدم الحضارات على وجه الأرض.

ولكن السؤال الذي طرح نفسه إذا كنا نعتقد أن المصري القديم وثني كما يقولون لماذا كان يؤمن بالبعث والحساب والأهم أن سيدنا إدريس عليه السلام بعث إلى المصريين وأهل العراق وهو أول من خط بالقلم ويخيط الملابس وبالتالي إذا كان نبي الله إدريس تعلم منه المصريون تلك الأمور فإنهم بالتالي تلقوا منه الرسالة وهي الإيمان بالله الواحد والإيمان بالبعث، وأصبحت الأسئلة أكثر ومحاولة الفهم أكثر إلحاحًا، ولم تعد الرحلة للمتعة بل للفهم والمعرفة، وكان أول شيء نفكر فيه هو فهم  الرموز التي نراها ولا نفهم معناها، وفي الحقيقة إننا تحدثنا كثيرًا عنها وفرضنا فروضًا قد تكون صحيحة أو خاطئة، ولكننا كنا نحاول الفهم وإثارة التساؤلات للوصول إلى حقيقة نعتقد أنها مازالت في عالم الأسرار.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المسافر 5 المسافر 5



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,20 آب / أغسطس

شكاية فنية موضوعها الإقصاء والتهميش   

GMT 06:37 2022 الجمعة ,30 أيلول / سبتمبر

انفلات ممثل محبط

GMT 08:24 2022 الأحد ,14 آب / أغسطس

نجاة «سيدة القصيدة العربية»

GMT 19:47 2021 السبت ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفيديو كليب صورة افتراضية

GMT 14:02 2019 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

يشبهنا صراع العروش

GMT 08:04 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

" ابو العروسة " والعودة للزمن الجميل

GMT 07:59 2019 الأربعاء ,13 آذار/ مارس

محمود مرسي

GMT 08:06 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

أحمد زكي

إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 07:51 2024 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - أفكار لملابس تناسب شتاء 2025
 العرب اليوم - مقتل 54 صحافياً في عام 2024 ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab