الأهمية الاستراتيجية لزيارات الرئيس للصين ودول شرق اسيا

الأهمية الاستراتيجية لزيارات الرئيس للصين ودول شرق اسيا

الأهمية الاستراتيجية لزيارات الرئيس للصين ودول شرق اسيا

 العرب اليوم -

الأهمية الاستراتيجية لزيارات الرئيس للصين ودول شرق اسيا

بقلم - الدكتور عادل عامر

توجه الصين لتعزيز التعاون وتكثيف التشاور مع أفريقيا. أنه لا بد من دراسة احتياجات السوق الصيني، لا سيما بعد ما فتح ذراعيه لاستقبال صادرات مصرية، أن حجم التبادل لا يمثل العلاقات الصينية المصرية التاريخية. لابد لمصر أن تكون لها علاقات وطيدة مع الصين وأن تستفيد من هذه العلاقات على المستوى الداخلي، كون الصين لديها فرصة كبيرة كي تشارك في المشروعات العملاقة لان لزيارة تعكس ما وصلت إليه العلاقات الاستراتيجية بين مصر والصين خلال الأعوام القليلة الماضية من رسوخ وتميز لم تصل إليه من قبل على مدى أكثر من ستين عاما من علاقات الصداقة والدعم المتبادل.

من بين أكبر المشروعات التي تدخل في إطار هذا الترابط البيني بين آسيا وبقية أنحاء العالم، ومن ثم يبدى البنك اهتماما بالاستثمار مستقبلا في منطقة قناة السويس لأن ذلك سيخدم آسيا بوجه خاص والعالم بوجه عام.

 وجود اهتمام بالغ من الشركات الصينية بالمشاركة في هذه المشروعات زيارات عبدالفتاح السيسي المتكررة دليل على اتجاه مصر شرقا والبحث عن شراكة في مختلف المجالات مع جمهورية الصين الشرقية والابتعاد عن الشركة التقليدية

فعلى الصعيد السياسي، يبدو أن بكين تحاول إعادة ترتيب سياستها في الشرق الأوسط بعد فقدانها الثقة بواشنطن إزاء قضايا المنطقة وتزايد الشكوك حول السياسية الأميركية في إيجاد سبل حل تلك القضايا وإعادة الاستقرار لها خاصة عقب ما يوصف بالخريف العربي، إذ كانت تعول بكين وعلى مدى عقود على الولايات المتحدة للحفاظ على استقرار المنطقة.

 وستسهم جولة الرئيس الصيني في إعادة صياغة الدور الصيني إزاء المنطقة الذي طالما تميز عن الدور الأميركي من خلال السياسة المرنة والمتزنة في التعاطي مع قضايا المنطقة التي ترقد على صفيح من نار.

تنظر الصين للمنطقة كإحدى العوامل الحاسمة لتحقيق الانتعاش الاقتصادي للصين في ظل البيانات الاقتصادية الصينية مؤخرا والتي تؤشر على تراجع ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وتعزز المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في أزمة جديدة في ظل تراجع أسعار النفط والأسهم وتباطؤ معدلات النمو في الاقتصادات الصاعدة.

وإنْ مالت الصين في مرات لدفة دون أخرى إلا أنها حافظت على علاقاتها مع الجميع. هذا الحال سهّل وصفها بالرابح الأكبر وسط حروب المنطقة واهتزازاتها، بينما يرى آخرون أنها لن تحلّ محلّ واشنطن أو موسكو. وقد تصح النظريتان معاً، فمَن قال إن الصين تسعى للعب دور مماثل لدوري أمريكا وروسيا؟

وتحرص البلدان بشكل دائم على تبادل الزيارات بين الكوادر، ففي فبراير 2018 زار وفد من رجال أعمال أوزبكستان مصر، لبحث سبل التعاون المشترك بين البلدين في القطاعات الهندسية المختلفة خلال الفترة الحالية، والدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى شراكة تخدم الطرفين، وجدد السيسي دعم مصر لمبادرة الرئيس الصيني (الحزام والطريق)، خاصة أن مصر تعد شريكا حضاريا وتاريخيا للصين في تلك المبادرة، التي تمثل إعادة لإحياء طريق (الحرير)، كما أن المبادرة تتجاوز بعدها التجاري لتشكل عددا آخر من المحاور الثقافية والحضارية التي تهدف إلى تحقيق الترابط بين الشعوب، وهي الأهداف التي طالما أيدتها مصر وسعت إلى تعزيزها. وأكد الرئيس المصري "أهمية الدور المصري في إطار المبادرة، أخذا في الاعتبار موقعها الجغرافي المتميز، الذي يربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، فضلا عن قناة السويس التي تعد مسارا تجاريا محوريا في تعزيز وتيسير حركة التجارة عالميا، بما يتوافق مع مبادئ وأهداف مبادرة الحزام والطريق".

وهذا ما يفسر أن زيارة جين بينج لمصر جاءت ضمن جولة إقليمية هى الأولى من نوعها للرئيس الصينى فى الشرق الأوسط شملت كلا من المملكة السعودية وإيران، وكلاهما يلعب دورا أساسيا فى مبادرة الصين الإقتصادية "حزام واحد، طريق واحد"، حيث يقعان على طريق التجارة الذى تزمع الصين إحيائه. وقد وقع الإختيار عليهما لما لهما من ثقل إقتصادى وسياسى. ولذلك تم التوقيع خلال جولة جين بينج على إتفاقيتين لرفع العلاقات مع الدولتين لمستوى "الشراكة الإستراتيجية الموسعة"، على غرار ما تم مع مصر.

 كما تم إبرام مجموعة كبيرة من الإتفاقات الإقتصادية تبلغ عدة مليارات من الدولارات، تتضمن مشروعات صناعية وبنية أساسية وطاقة، بما فى ذلك بناء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء، وتمثل الدولتان أهمية إضافية، إذ انهما المصدران الأساسيان لتزويد الصين بإحتياجاتها من البترول. وتحتل السعودية المركزالأول فى هذا الشأن.

 كما تم الإتفاق خلال زيارة الرياض على تسريع مفاوضات إقامة منطقة تجارة حرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجى بحيث يتم توقيعها قبل نهاية العام الحالى.

وتدرك بكين ان الحفاظ على مصالحها الإقتصادية الضخمة فى مصر والشرق الأوسط يتطلب تحقيق الإستقرار فى هذه المنطقة الحيوية. ولهذا السبب أبدت القيادة الصينية رغبتها فى المشاركة فى محاربة الإرهاب من خلال القيام بمناورات عسكرية مشتركة والتعاون الأمنى وتبادل المعلومات الإستخباراتية مع الدول الرئيسية فى المنطقة. ولا يقتصر الأمر على الحفاظ على المصالح الإقتصادية وحماية الإستثمارات التى تصل لمليارات الدولارات، إذ أن الصين ترى مصلحة أمنية أساسية فى التعاون لمحاربة الإرهاب. فقد أعلنت بكين إن هناك عدة مئات من الأقلية المسلمة المعروفة باسم "الأويجور" والتى تتركز فى منطقة شينجيانج بغرب الصين، إنضمت إلى تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق، وان هناك مخاوف من عودة هؤلاء للصين وإرتكابهم لأعمال إرهابية بدعوى تحقيق مطالبهم الوطنية. وينتمى معظم الصينيين الذين إنضموا لداعش إلى "الحركة الإسلامية لشرق تركستان" التى تطالب بإقامة دولة إسلامية فى شينجيانج.

وتدرك القيادة الصينية ان تحقيق الإستقرار يتطلب أيضا تسوية النزاعات المسلحة التى تنتشر فى المنطقة وخفض التوترات السياسية. وتاريخيا لم تمارس الصين أى دور رئيسى لحل صراعات الشرق الأوسط وهى تتفادى التورط فى أى منها، وفى مقدمتها النزاع الفلسطينى الإسرائيلى، تاركة ذلك للقوة العظمى الأولى عالميا وهى الولايات المتحدة، وبقية الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، وهم روسيا وفرنسا وبريطانيا. وكان التدخل الخارجى للصين ينحصر فى المحيط الجغرافى المباشر لها فى جنوب شرق أسيا. لكن تنامى قوة الصين الإقتصادية وإمتداد وتشعب مصالحها التجارية وإستثماراتها فى مختلف قارات وبلاد العالم خلال السنوات الماضية بدأ يدفعها للإهتمام بالقضايا السياسية الخارجية التى قد تعوق تمددها الإقتصادى العالمى. ولذلك فهى بدأت مؤخرا على إستحياء فى محاولة التوسط فى بعض تلك النزاعات. فقد أرسلت على سبيل المثال فى ديسمبر الماضى نائب وزير الخارجية زانج مينج لكلا من الرياض وطهران لمحاولة إحتواء التدهور فى علاقات الدولتين فى أعقاب الإعتداء على السفارة السعودية فى العاصمة الإيرانية الذى وقع كرد فعل لإعدام السعودية لرجل الدين الشيعى نمر النمر. كما إستقبلت بكين وزير الخارجية السورى وليد المعلم فى 24 ديسمبرالماضى ورئيس الإئتلاف الوطنى السورى المعارص خالد خوجة فى 5 يناير للقيام بمحادثات منفصلة، فى محاولة منها للتوصل لأرضية مشتركة قبيل إنعقاد مفاوضات جنيف للسلام. وهى أول مرة تقوم فيها بذلك. كما وقعت بكين مع جيبوتى إتفاقا فى ديسمبر 2015 لإقامة أول قاعدة بحرية للصين خارج أراضيها فى هذا البلد الواقع على مضيق باب المندب الذى يتحكم فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر وقناة السويس.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأهمية الاستراتيجية لزيارات الرئيس للصين ودول شرق اسيا الأهمية الاستراتيجية لزيارات الرئيس للصين ودول شرق اسيا



GMT 10:08 2018 الأربعاء ,11 تموز / يوليو

استراتيجيات تخفيف الفساد

GMT 22:12 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

الزيادة السكانية قنبلة موقوتة

GMT 10:37 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

الإصلاح الاقتصادي ..والطبقة المتوسطة

GMT 14:43 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

صندوق سيادي للثروة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab