بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها.

 العرب اليوم -

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها

دلال قنديل
بقلم : دلال قنديل

كيف لمبدع مستباحة حقوقه وحريته ان يحمي ابداعه؟

يشيح زائرو معرض بيروت الدولي للكتاب وجوههم عن الواجهة البحرية المطلة على آثار زلزال العصر في مرفأ المدينة .
ينحازون لفرحة عودة النبض للقاعات الخاوية  منذ عام2019. 
تنظيم المعرض المتقلصة مساحته إنجاز يعتد به المنظمون رغم تراجع عدد المشاركين.
لطالما كانت الكتابة الأصيلة هماً ذاتياً إبداعياً لكن عدم توافر روافد دعمها يجعلها عرضة للاندثار.
يستوقفني ناشر لا يعرف النوم قبل أن ينهي التدقيق بكتاب احبه، وآخر يسّر لي في دردشة ان كتاباً فلسفياً نشره قد غيرَ حياته.
كم تنعش آمالنا ظاهرة الناشر المثقف وكم نخشى تقهقرها كما هو حاصل في عالمنا الآيل لتسليع كل شيء .تسليع الثقافة كقيمة فكرية قبل اي شيء آخر.الثقافة ليست ظاهرة هي لب تطور المجتمعات وحصيلة تقدمها.هي الحصان الذي يقود العربة والرافعة التي تنهض بها.
عن اي ثقافة نتحدث والعلم الى تقهقر في بلد تنفث جامعته الوطنية انفاسها الاخيرة ويهاجر شبابه ومثقفوه.
قد يبدو معرض الكتاب مناسبة لسؤال مستفز هو قديم جديد، لكنه يبقى ماثلاً امام هول الاستخفاف بنتائجه على مدى السنوات.كيف تستمر الكتابة كفعل يتنامى و حقوق المؤلفين والمترجمين مهضومةبلا روادع؟كيف يبدع من يرى حياته مهددة ومستباحة بالقمع والقهر والتسلط في مجتمع العصبيات المتفاقمة؟ .
تحت شعار الثقافة يُستباح  نتاجُ المبدعين و عبودية المؤلفين مبررة.كثر جعلوا الكتاب سلعة تبتغي الربح.يطبعون نسخاً متراكمة بلا تعداد، يسرقون حقوق المؤلفين بلا رادع ، يمتهنون التزوير وسيلة كسب وان غير مشروعة.
تطفو الاحتفالات على السطح،
ندخل محرك غوغل لتصبح آلاف الكتب محملة بلا ترخيص او اذن او حقوق يكفي ان تكون قد كتبت بالعربية.علامة فارقة لتشريع السرقة واستباحة الفكر.
قدلا يسأل معظم المؤلفين عن حقوقهم لأصالة علاقتهم المتنامية بالكتابة ، ربما هي الوهم او الحلم الذي يتغذى به الواقع والهواء الذي يتنفسونه ليبقوا على قيد الحياة.
أليست ظاهرة نشر بعض المؤلفين لكتبهم في المشاع الادبي تستحق التوقف.قد تأتي تضامناً مع تذمر قرائهم من تردي الاوضاع المعيشية التي جعلت اقتناء الكتب ترفاً يتعذر نيله ، لكنها في جانب آخر وسيلة استعادة لحقوق مسلوبة من ناشرين استولوا على حقوقهم.ناشرون قلة يحترمون اصول الابداع الفكري بعقود مبرمجة بنسخ محددة يحصل المؤلف على نسبة من مبيعاتها ويتواصلون من اصحاب المؤلفات الاجنبية لترجمتها بأمانة ، هم قلة قليلة لكنهم الخميرة المتبقية ، اذا ما قيض لهم الاستمرار وهم يسيرون عكس رياح الكسب السريع.
ان تكون كاتباً في زمن شحت فيه الثقافة والمعرفة يعني ان تصارع الحياة بيومياتها الشاقة لتخرج من سلاسل العبودية الى فضاءالحرية بالكتابة.  خارج فضاءات مواقع التواصل في قاعات معرضها تطل بيروت بجانبها الآخر المتلاشي كفعل ثقافي حيوي في بناء الفكرة واثارة النقاش حول كل ما يدور في المحيط لا بل في العالم .كان يقصدها المثقفون لعقد مؤتمراتهم من كافة الدول لتمتعها بشعاع الفكر وفضاء الحرية.
كيف نخرج الى فضاءات الحرية في بلاد اسيرة العتمة والسرقات المفضوحة المتسترة بالصمت والذل اليومي؟
ماذا يخفي المشهد البيروتي العابق برائحة الحبر الذي سال على كتب من كل نوع ولون .
هل عادت بيروت التي عرفناها عاصمة للنشر والعلم والمعرفة ؟
ألا يجدر ان نطرح السؤال عن جديد الاصدارات واكثرها رواجاً لدى القراء؟
أي نوع من الكتب سيخرج الى الضؤ في بلاد اظلم نورها؟ وعن اي ثقافة ممكن ان نتحدث حيث بات العيش  عبئاً على قاطنين يعدون اياماً قليلة تعبر دون إذلالهم.
الكتابة فعل تفريغ واسلوب عيش والا لتوقف هذا الزبد الابداعي الفائض للبنانيين مقيمين ولمغتربين ما زالت اواصر الكتابة تربطهم بلغة تمسكوا بها وبوطن لم يحفظ ادنى حقوقهم.
تتنفس بيروت بمعرض الكتاب دون ان تستفيق من كبوتها.
لا بل قد تفضح المشهدية ما آلت اليه المناسبة مقارنة مع معارض الكتب العربية بعدما كان معرض بيروت مناسبة يتحلق حولها العرب من دول العالم اجمع فتقلصت مشاركتهم بفعل الازمات المتمادية. 
غربة بين الشباب والكتاب لا بل بينهم وبين لغتهم الام كيف نردمها؟ وهل تكفي الجوائز المتواضعة او المنح الاجنبية لتحريك الوصل المقطوع بين جيل شبابي يكتب بلغات العالم ولا يعرف لغته الام؟
نافذة معرض بيروت المفتوحة على عالم النشر كمطبعة للشرق قبل زمن تثير في النفس نوازع متناقضة.ليس فقط لمن هو مثلي يرى من بعيد حركة كانت جزءاً من ديمومته على مدى سنوات قبل الانهيار الكبير والزلزال الذي تلاه .كان معرض بيروت للكتاب محطة سنوية نربط روزناماتنا على وقعها كل عام. تطل علينا وجوه الاصدقاء من الاعلاميين والكتاب والناشرين كعرس ثقافي تضج به اجنحة المعرض ويتمدد الى كل ملتقى ومقهى لا بل لمعظم بيوت الكتاب والناشرين في مدينة الحرف .
تصل الصور متناقضة اليوم ، أتلقفها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بحزن الابتعاد عن مشاركة شعراءوكتاب هم اصدقاء الكتابة حتى قبل معرفتهم الشخصية.
يشكو اللبنانيون غلاء الكتب.
تكثر احتفالات التوقيع ،هي فرصة التقاء حول الكتاب ، قد تخرج عن سياقها عندما تصبح فرصة ترويج تجعل من الكتاب سلعة.
يشكو الصحافيون والمهتمون نوعية النشر ،يشكو الناشرون غلاء تكاليف المعارض وصناعة الكتاب .
الكل يشكو من الكل في بلاد العذاب ما دامت الضوابط مفقودة والفوارق شاسعة وكل ما نشهده خطوة للخلف مقارنة مع ما سبقه.ثمة قائل بأن الخطوة تنطوي على مغامرة وجرأة تُحسب لكل من أعلى للكلمة شأناً حيثما تُستباح المعرفة وتنهار القيم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها بيروت تتوالد من رمادها وتتزين بكُتابها



GMT 13:34 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

GMT 13:22 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

GMT 10:46 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 10:58 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:02 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ألبانيا "جزر المالديف الأوروبية" أفضل وجهة سياحية لعام 2025
 العرب اليوم - ألبانيا "جزر المالديف الأوروبية" أفضل وجهة سياحية لعام 2025

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 07:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:07 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

GMT 04:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

قصف متفرق على أنحاء غزة والاحتلال ينسف مباني في جباليا

GMT 18:10 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:07 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أغنى قطة في العالم تمتلك ثروة تفوق ضعف ثروة توم هولاند

GMT 12:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كاليدو كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 13:17 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

راموس يرفض اللعب في كأس العالم للأندية 2025

GMT 13:27 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

منافسة إسبانية سعودية لضم الإنكليزي ماركوس راشفورد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab