تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

 العرب اليوم -

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي

سارة طالب السهيل
بقلم : سارة طالب السهيل

إن الكتابة الأدبية التقليدية للأطفال من أصعب الكتابات الأدبية لأنك تتوجه إلى قارئ خياله جامح ويحتاج في نفس الوقت للإقناع والمتعة والتسلية والبساطة في عرض المضمون.
كما أن أدب الطفل يشارك في إنتاج إبداعات أخرى مثل الألعاب، وألعاب الفيديو، والكمبيوتر، وبعض هذه الألعاب تنمي الذكاء وتفرغ عنصر التفاعلية وتنشط ملكة اتخاذ القرار لدى الطفل.

ففي بعض هذه الألعاب يجد الطفل طريقه للشعور بنشوة الفوز عندما يحرز هدفا في المرمى بلعبة كرة القدم، وآخر ينشط إحساس الشجاعة والإقدام لديه عندما يلعب مع شخصيات سوبرمان، وثالث يشعر بالفخر عندما ينجح في القبض على لص البنك في إحدى الألعاب ويقدمه للعدالة.
قد يرى الكثير من التربويين أن ألعاب الفيديو وألعاب الكمبيوتر مضيعة لوقت الطفل وتكسبه ثقافة العنف وسلوكيات أخرى مرفوضة، وبالضرورة فإنني اتفق معهم، لكننا لا نستطيع إيقاف عجلة الزمن ثابتة في محطة بعينها، فالحياة في صيرورة دائمة ومن متغير لآخر، بل إن تقليب التربة ضرورية لغرس البذور فيها وإنباتها من جديد.

وللحرص الدائم على التطوير والتحديث جعل المسئولين والمهتمين بالطفل الاهتمام بتشكيل وعيه وفقا لمعطيات عصر التقنية والتكنولوجية الرقمية.. فالثقافة الرقمية أصبحت تشكل مفردات حياتنا اليومية في التعليم والوظائف وحتى المولات التجارية بل محلات البقالة؛ حيث أثبتت الدراسة العملية أن المخرجات الرقمية لفنون أدب الطفل تساعد في بناء شخصيته، وتأهيله للتعلم والقدرة المستقبلية على الالتحاق بسوق العمل.

إن الأدب الرقمي قد فتح نافذة جديدة للمبدعين في مجال مخاطبة الطفل وفقا لأساليب عصرهم وتقنياته، مما جعل الأدب الورقي يتحول عبر وسائط تعبيرية متنوعة كالصوت والصورة والحركة الى أدب رقمي.

ويعد أدب الطفل الرقمي، المرحلة الثالثة في مراحل تطور أدب الطفل الذي بدأ بالأدب الشفاهي ممثلا في حكايات الجدات وأغانيهم والأساطير والملاحم وغيرها، ثم المدون بالكتابة مع اختراع الطباعة وأخيرا الرقمي الذي أتاح عبر التقنيات الإليكترونية و وسائطها العديد من الإبداعات القصصية والشعرية والثقافية والألعاب كنصوص جديدة لطفل الألفية الثالثة للميلاد.

ومع ظهور الأدب الرقمي للأطفال، فإن الكتاب وأنا منهم نواجه تحديات شديدة في كتابة نصوص جديدة، حيث تسيطر سيطرة ثقافة الصور على الأدب الرقمي، ومع أهميتها في هذا النص وتأثيرها في إقناع الأطفال بالمحتوى الأدبي ورسالته التربوية أو الثقافية او التعليمية، فإنها تضع مهام كبيرة من حيث ضرورة التزود بالثقافة البصرية والعديد من العلوم والمعارف الخاصة بالبيئة والطبيعة إلى جانب الخيال.

فبالطبع يحتاج كاتب الأطفال المتخصص في أدب الطفل الاطلاع على التقنيات الحديثة والتواصل مع المحترفين في هذا المجال لترجمة نصوصه الأدبية إلى أعمال مرئية وإلكترونية وهذه الأدوات المستخدمة للتنفيذ، ومن الطبيعي أن هذه العملية مكلفه والسؤال المطروح من الذي سيتحمل نفقات العمل لتحويل أدب الطفل العربي من تقليدي ألى معاصر تماشيا مع الزمن وسرعة التطور واللحاق بركب الأجيال الناشئة الجديدة و تطلعاتها.

فمن الصعب جدا إقناع طفل اليوم بأن يبقى مدة أطول لقراءة الكتب و النصوص فالأيام القادمة ستكون صعبة جدا.
فأصبح من الضروري على الكاتب العربي تطوير أدواته وضرورة الإلمام بأسرار الكمبيوتر ولغة البرمجة، وإتقان لغتها، ومعرفة فن الجرافيك والإخراج السينمائي، ومعرفة فن الكتابة بالصورة المتحركة والثابتة، وطرق استخدام مؤثرات بصرية وسمعية مختلفة، باستخدام برنامج الفلاش ماكرو ميديا، وكذلك طرق الاستعانة بمقاطع من أفلام سينمائية.

والكتابة الرقمية للأطفال تحتاج الإلمام بفنون الكتابة السردية، وسيناريو السينما وكتابة المشاهد المسرحية وأسرار الكتابة الشعرية من موسيقى وصور فنية وأوزان وغيرها، بحيث يبدو وكأنه يؤدي وظائف عديدة من حيث التأليف التصوير والإخراج لفيلم سينمائي.

وقد يقوم المبرمجون بهذه الوظائف والمهام التقنية، لكن الكاتب ينبغي أن يكون متابعا لإنجاز هذه المهام التقنية عن فهم ورؤية فنية. وللصورة خطورتها على الأطفال، خاصة اذا كانت تتضمن سلبيات معينة و هو ما يتطلب من الكاتب مراعاة الفئة العمرية المستهدفة من نصه الرقمي، كما يواجه المؤلف الرقمي أيضا تحديات أخرى مثل السرقات الفكرية، ما يهدر من جهده الأدبي ويسلبه حق الملكية الفكرية.

إن  مخاوفنا الأخلاقية والدينية على الأطفال وهم يتعاطون تكنولوجيا عصرهم  لها ما يبررها و يجب علينا المواجهة والتحدي وأن نعمل بجدية لملء الفراغ وأيضا لاستبدال المنتج الغربي الرديء بمحلي يتناسب مع طبيعة مجتمعنا و ثقافتنا ومبادئنا، لكننا لابد وان نتسلح  بالعلم الواقي من الأشواك.. فعلينا مواكبة العصر وتطوير الأدب الرقمي الموجه للأطفال في عالمنا العربي، بدلا من أن يتلقاه الطفل من منظومات ثقافية أخرى بعيدة عن قيمنا الأخلاقية والروحية.

يمكن توظيف الأدب الرقمي في تنمية الذكاء اللغوي لدى الناشئة من خلال استخدام الأغاني والأناشيد المحببة للأطفال، وكذلك توظيف الشعر وما يحتويه من إيقاعات موسيقية وموسيقى الوزن والقافية في تنمية تذوقه الموسيقي واكتساب مهارات اللغة  وغرس حب الأوطان والانتماء إليها، وقي التعاون والصداقة والحب عبر الأغاني الرقمية.

ويبقى نجاح الأدب الرقمي للطفل مرهونا بقدرة الكاتب ومهارته في استخدام التكنولوجيا، وتحديد الفئات المستهدفة بدقة والضمير الذي يتمتع به الكاتب في توصيل رسالته للأطفال، لأنها لو كانت رسالة شريرة فان تأثيرها على الطفل يصبح كالصاروخ القاتل، لان النص الإلكتروني أكثر انتشارا ويصعب السيطرة عليه.. ومع أهمية الأدب الرقمي ارتباطا بلغة العصر التكنولوجية، فإن الأدب المنشور ورقيا يظل له حضوره وبقائه فهو يوفر لقرائه متعة مشاركة الأديب في التخيل.

قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

 

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي تحديات تحولات الكتابة للطفل في العصر الرقمي



GMT 13:22 2023 الأربعاء ,23 آب / أغسطس

سأغتال القصيد

GMT 10:46 2023 السبت ,29 تموز / يوليو

ضفضة_مؤقتة

GMT 10:58 2023 الأربعاء ,12 تموز / يوليو

لكى تعرفَ الزهورَ كُن زهرةً

GMT 14:20 2023 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

فلسطين بين رمضان والفصح المجيد

الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:51 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

نصائح مهمة يجب اتباعها عند شراء السجاد لضمان اختيار مناسب
 العرب اليوم - نصائح مهمة يجب اتباعها عند شراء السجاد لضمان اختيار مناسب

GMT 01:55 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

إصلاح فلسطين وإسرائيل والإقليم!

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 02:32 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

ما قال... لا ما يقال

GMT 02:04 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

سوريا فى السياق العربى

GMT 02:27 2024 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

لكنّها الطائفيّة... أليس كذلك؟

GMT 12:52 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

فساتين سهرة رائعة تألقت بها ريا أبي راشد في عام 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab