بقلم - عيسى الجوكم
أتعبتنا الحروف وسَبَحْنا بها في بحر الكلمات، نركض في مضمارها دون كلل أو ملل، أخذت منا السنين دون أن نشعر، سهرنا في حضرة جمالها ليالي، وعجز يجارينا في عشقها عنترة لعبلة وقيس لليلى وروميو لجولييت.
الساحرة أتعبتنا ولم تتعب، رحيق جمالها أحرقنا ولم تحترق، وكلما قررنا الطلاق زادت في نشر مفاتنها لتغوينا من جديد بخصال شعرها ونثرها وأسطرها وقصصها وفصولها.
بعيونها نرسم المسير، ومن نهرها نشرب عذب الكلام ونكتبه، وبعناوينها ننام ونصحى، في كل يوم ترمي حبالها لاصطيادنا، تتلذذ في فرز أناملنا حد الإدمان، تتفنن في أعاصيرها لننحني لرياحها ونخضع لسحرها.
نسأل كغيرنا ألم يمت حرفك ويبتل ورقك؟!
يقولون (الكيبورد) أخمدك، والفضاء صوب نحوك ألف (سكود) والطائر الأزرق الصغير جعلك جنازة تنتظر الدفن.. فلم العناد أيتها الفاتنة.. لماذا لا ترفعي الراية البيضاء.. وترمي بمنديلك في محيط التكنولوجيا.. ألم تسمعيهم يقولون (دقة قديمة)!!
يقولون لم تعد قهوة الصباح.. ولم يعد كربونك ذا رائحة محببة، فالجهاز الصغير كتب نهايتك.
بربك وصلنا إلى الفضاء حتى تسرب الملل بداخلنا، لكننا عجزنا عن الوصول لهذه اللحظة معك.
تقولين يا هذا.. الباقي فروع وأنت الأصل، ولكننا في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل، فليس هناك أصل وفرع مع موضة القرن الجديد.يا ساحرة الحرف وفاتنة الكلمة أريحينا من همك
اليومي، وانسي ما قد مضى.. ألم تكتف بركضنا طوال هذه السنين؟!
يا بلاط صاحبة الجلالة أقدم لك استقالتي أو إقالتي سميها ما شئت، فقد أتعبني المسير في طرحك وعنوانك ومراهقتك.. لكنني أعترف لك أنني عاجز عن هجرانك، ففي كل مرة أعلن ابتعادي أعود صاغرا أطلب الصفح والسماح، كأنك قدري.