بقلم :جمال اسطيفي
كان على المغربيين أنّ ينتظروا 20 سنة كاملة ليعيشوا فرحة التأهل إلى كأس العالم، فقد ظل هذا الحلم عصيا علينا، وفي كل تصفيات مونديالية كنا نعيش على إيقاع الخيبة، وكانت الجماهير تذرف دموع الحسرة، قبل أن يتغير الوضع كليا هذه المرة، ويضمن المنتخب الوطني بطاقة التأهل بجدارة واستحقاق.
لم يفوت "الأسود" الفرصة، ونجحوا في اصطياد "فيلة" الكوت ديفوار بعقر دارهم بهدفين لصفر، وتفوقوا عليهم نتيجة وأداء، بل وفرضوا أسلوب لعبهم وشخصيتهم.
قبل المباراة كانت هناك حالة من الثقة وسط المسؤولين، وأيضا بين الجماهير، حيث لم يكن هناك صوت يعلو على صوت التأهل إلى المونديال، لكن المدرب هيرفي رونار ولاعبيه حافظوا على تركيزهم، وبدا مع انطلاقة مباراة الحسم أنهم جاهزون لكسب المعركة، وإطلاق العنان للفرحة، لذلك، لم يتأخر الهدف الأول الذي حمل توقيع نبيل درار، قبل أن يعقبه هدف ثان من قدم المهدي بنعطية أراح الجميع، وجعل المغاربة يتابعون ما تبقى من المباراة بهدوء وبقليل من الضغط.
في المحصلة النهائية كان تأهل "الأسود" مستحقا، لقد تصدروا مجموعتهم بـ12 نقطة، بفارق أربع نقاط عن الكوت ديفوار، علما أنهم لم يستقبلوا أي هدف في الدور الأخير من التصفيات، حيث حافظ الحارس منير المحمدي على شباكه نظيفة، وهو أمر لم يحدث لأي منتخب في تصفيات مونديال روسيا.
أما اللافت أكثر فهي روح المجموعة التي تحلى بها اللاعبون المغاربة، لقد ظهر واضحا أنهم يشكلون لحمة واحدة، و هو أمر مهم جدا، هذا دون الحديث عن أن اللاعبين لم يعودوا يتحدثون عن الرطوبة والحرارة وسوء أرضية الملعب، وغيرها من المبررات.
لقد أصبحت أرضية ملعب "بورت جانتي" الكارثية التي خاضوا فيها مباراة مصر في نهائيات كأس إفريقيا بالغابون 2017 هي المرجع بالنسبة لهم، إذ عندما يكون هناك حديث عن أرضية الملعب يطلقون الضحكات، ويقولون بما أنها لن تكون أسوأ من ملعب "بورت جانتي" فإنها ستكون جيدة.
وإذا كان لاعبو المنتخب الوطني أظهروا قتالية كبيرة، ويستحقون أن يحملوا فوق الأكتاف، مثلما يستحق ذلك الجمهور المغربي العظيم الذي سافر إلى أبيدجان وتحدى الظروف الصعبة، وتابع المباراة بكثافة كبيرة جعلت اللاعبين يعتقدون أنهم في الدار البيضاء وليس في الكوت ديفوار، فإنه لابد من التوقف أيضا عند حضور شخصية المدرب هيرفي رونار، الذي ذوب الكثير من الخلافات، ووضع خلف ظهره العديد من الأمور السلبية، وأعلن انطلاقة جديدة قبل مباراة مالي التي حسمها "الأسود" لصالحهم بستة أهداف لصفر، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا الخطوة المتميزة التي قام بها رئيس الجامعة.
أيضا، لابد من الإشادة بالدور الفعال الذي قام به رئيس الجامعة فوزي لقجع، لقد قام بعمل كبير جدا، ووفر الحماية لمنتخب وطني، كان إلى وقت قريب يخوض مبارياته الإفريقية، وهو شبه أعزل.
وإذا كانت الكرة المغربية تعيش على إيقاع الأفراح بعد فوز الوداد بلقب عصبة الأبطال، وتأهل المنتخب الوطني إلى المونديال، فإن ورشا كبيرا مازال ينتظر لقجع، وهو ورش الحكامة وتنظيم وهيكلة الفرق ماليا وإداريا، حتى تصبح هذه الفرحة دائمة، وليست عابرة.
برافو "الأسود" لقد أسعدتمونا، وشكرا لكل من ساهم في هذه الفرحة المستحقة، وخصوصا رجال الظل ممن يحبون هذا الوطن، ولا ينتبه أحد إلى ما يقومون به..