بقلم - أحمد عوض
دائمًا ما كانت تستفزني عبارة (مع الفارق طبعًا)، التي تفنّن معلقو مباريات الدوري المصري في إتحافنا بها كلما سطع نجم شابّ في سماء الكرة المصرية، كنت أشعر وكأن المعلق يحاول استعراض معلوماته الرياضية، ومعرفته بأصدقائه من أساطير العالم، إلى جانب معرفته بإمكاناتنا المحدودة، والفارق الرهيب بيننا وبينهم، حسب معلوماته المُحْكَمَة .. وكنت دائمًا ما أجد نفسي مستنكرًا وبشدة عباراته القاتلة للأمل.
كنت أتساءل أحيانًا .. هل ما يدفعني لذلك مجرد حَمِيّة شبابية ترفض الاستسلام لواقع روتيني متبلد .. أم إننا بالفعل شباب لا أمل فينا ولا فائدة مرجوة منا .. كنت كذلك حتى وقت ليس بالبعيد .. فبعد أن تقدم بي العمر قليلًا، وزادت خبرتي في مجالات عملي، خاصة المتعلقة بالإخراج المسرحي (ولمن لا يعرف فإن المسرح مبنيّ على الحركة تمامًا مثل ملعب كرة القدم) .. أصبحت مهتمًّا أكثر بدراسة الجوانب البدنية عند لاعبينا ولاعبي أوروبا .. أيضًا بالوقوف على سلوكياتنا وسلوكياتهم .. ولا أُغفل الجانب الإعلامي بكل مشتقاته .. وكنت كثيرًا ما أحاول إقناع المقرّبين مني أنه لا فارق بيننا وبينهم على المستويات الفردية .. فلدينا لاعبون لا يقلون إمكاناتٍ عن أيٍّ من لاعبي العالم العظماء .. ولكن (مع الفارق) .. والفارق هذه المرة ليس في اللاعبين ولكن في منظومة متهالكة تضع فيها الثمره الجيدة، لتكتشف بعد فترة ليست بالطويلة أنها قد أصبحت معطوبة.
لقد كشفت مباراة السوبر بين الأهلي والزمالك التي أقيمت في الإمارات كل عورات الإدارة المصرية، وأثبتت صدق ما أقوله بالدليل القاطع .. لقد وجد المشجع المصري نفسه أمام مباراة أوروبية تمامًا مثل مباريات الكلاسيكو في الدوريات الكبرى .. فقد استطاعت الكاميرا "الإتش دي" مع صوت المعلق القوي الواعي، الذي لا يخرج عن المباراه ليتحدث عن طريقه من المنزل إلى "باركينغ" السيارات، وماسحي الأحذية، والكباري، وكل شيء إلا المباراة التي يعلق عليها .. ناهيك عن الأستوديو التحليلي المبهر، وكم المعلومات والإحصاءات التي تبهر العين .. كل ذلك يضاف إلى رصيد المباراة واللاعبين .. ولكي يتأكد لنا صدق طموحنا الشبابي المليء بالأمل .. كان لا بد من خروج لاعب مثل صلاح من رحم المعاناة، لينطلق إلى أعظم الدوريات الأوروبية، وينصهر معهم رغم صغر سنه؛ ليثبت أن اللاعب المصري لو خرج صغيرًا، قبل أن يتلوث فكريًّا بالفشل الإداري والفكري هنا، لأصبح لاعب مثل لاعبي أوروبا (لا.. مع الفارق).
أرجوكم إما أن تصلحوا من أنفسكم وتتحملوا مسؤولياتكم، بعيدًا عن إلقائها على أكتاف الغير .. أو تتركوا الفرصة للغير كي يثبت لكم أنه (ليس هناك أيّ فارق).