ما حدث في بري بيتش

ما حدث في "بري بيتش"

ما حدث في "بري بيتش"

 العرب اليوم -

ما حدث في بري بيتش

محمدابراهيم

تشتعل وسائل التواصل الاجتماعي في السودان، منذ يومين، بجدل أكثره غث –وللأمانة بعضه سمين- بسبب ما جرى في ساحل "بري بيتش" المطل على شاطئ النيل الأزرق، في قلب العاصمة الخرطوم.

فبداية من مارس/آذار الجاري، وحتى الخامس عشر منه، تنظم شركات خاصة حفلات مجانية على الشاطئ "الخرطومي"، ويؤمها في العادة شباب من الجنسين وبعض الأسر، وهذا من العادي الذي لا يلفت الأنظار. ما جعل حفل يوم الأحد الماضي استثنائيا هو الحديث عن وقوع حالات تحرش بالنساء المشاركات من قبل الشباب الحاضرين.

سألت شاباً كان حاضرَا في الفعالية، فقال إن الأمر لا يعدو كونه تضخمياً في غير محله، وإن ما حدث هو اندماج المشاركين مع موزع "دي جي" في رقص حيوي أقرب لممارسة الرياضة. بينما يقول مشاركين في مجموعات "فيسبوك" شهيرة، إن ما جرى يرقى لدرجة التحرش الجماعي.

ووصفت صحيفة "التيار" السودانية ما تم بأنه مجون استدعى تدخل رجال الأمن الذين فضوا الحفلة الليلية بقوة السلاح، وعابت الصحيفة على المشاركات ارتدائهن لما اسمته أزياء فاضحة وترزح النسوة السودانيات تحت وطأة قانون شرطي فضفاض يعاقب النسوة على ارتداء البنطال، وكشف الشعر، وتقييم الزي ما اذا كان فاضحاً من عدمه

الأحاديث الموتورة التي حاولت –وتحاول- التبرير للتحرش بالنسوة لمجرد ما يرتديهن، فطير، ولا يستوي على سوق، فغالبية المشاركات خرجن بذات أزياء الحفلة من بيوتهن، وعلى مرأى من ذويهن، كما أن الزي الفاضح –ذاته- لا يعطي مبرراً للتحرش. إنها بلا شك مشكلة سلوكية تكمن في الأدمغة ذات القول إن المشاركين ممن اعتادوا تعاطي حبوب التخدير، هو تعميم مخل، ولا يجّوز مهاجمة المحتفلين، أو وصمهم بتهم مجانية يقينية كمن أجرى مسحاً بحثياً

لكن هل ما يدور في "بري بيتش" كله (في السليم)، الإجابة لا جازمة، فحاضري الاحتفالية يمثلون طيفاً واسعاً من المجتمع بمشكلاته التي أزكتها حكومة شمولية تحاول فرض سلوك اجتماعي معين مستند إلى الدين، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة فرضها انفصال جنوب السودان بثلثي الموارد النفطية في العام 2011م، زد على ذلك تدني جودة التعليم المقدم في المدارس والجامعات، وانسحاب منظومات المجتمع المدني من الفضاء العام بفعل السلطة لصالح استقطابات العولمة والتطرف.

ومع ذلك الواقع البئيس، لا يحق لنا الاختباء وراء الحواسيب والهواتف، وقتل تلك الروح الجمالية التي تحاول بث الرقص والفنون –ما أمكن- وتجريفها في وسائل التواصل بتعليقات تحض السلطات على التدخل لقمع ما تبقى من مظاهر فرح نادرةنحتاج فوق ذلك كله إلى المقاومة، مقاومة الواقع، ومقاومة تلك الآراء المعلبة والصنمية، ومقاومة المتحرشين، فلا حل أمامنا سوى المقاومة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما حدث في بري بيتش ما حدث في بري بيتش



GMT 21:33 2017 الأحد ,26 آذار/ مارس

الكل خاسر

GMT 18:23 2017 الأحد ,19 آذار/ مارس

إدعاءات القومية

GMT 01:24 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

ثورة "أكتوبر" السودانية والربيع العربي

GMT 22:23 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

التحركات العمالية والاستقرار

درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:01 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا
 العرب اليوم - أردوغان يرحب بمبادرات تطبيع العلاقات مع سوريا

GMT 12:22 2024 الخميس ,27 حزيران / يونيو

كيمياء الدماغ تكشف سر صعوبة إنقاص الوزن

GMT 09:48 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

العيش بالقرب من المطار قد يصيبك بالسكري والخرف

GMT 00:25 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الغرب والرغبة في انهياره!

GMT 11:18 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

الجيش الإسرائيلي يعلن سقوط جندياً في معارك رفح

GMT 08:11 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوب أذربيجان

GMT 00:22 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

بناء الجدران يصل إلى إيران
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab