بغداد ـ العرب اليوم
فجر التدخل الأمريكي عسكريا ضد مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) شمال العراق لحماية الطائفة اليزيدية بعد مقتل أكثر من 500 شخص منهم على أيدي (داعش) قضية الأقليات العرقية والطائفية في العراق وسبل حمايتها قانونيا ودوليا، خاصة أن القوات الأمريكية أكدت أن الهدف من عملياتها في العراق هو حماية هذه الطائفة، مشيرة إلى أن طائرات عسكرية أسقطت مساعدات غذائية لصالح عشرات الآلاف من النازحين من هذه الطائفة في جبل سنجار - الذي يمتد على مساحة كبيرة صخرية وعرة - إلى كردستان العراق أو تركيا، إلا أن الآلاف لا يزالون بمناطق جبلية قاحلة وباتوا مهددين بالموت جوعا أو عطشا في حال نجاتهم من مسلحي داعش، وتضمنت المساعدات 72 حزمة تشتمل على 16 ألف وجبة غذائية و3800 جالون من المياه.
لقد بات خطر التقسيم يلوح في سماء العراق في ظل استمرار المعارك العنيفة بين الجيش العراقى وتنظيم (داعش)، ومساعي الأكراد في الشمال للحصول على مكتسبات على الأرض، خاصة في المناطق الغنية بالنفط، مما يمهد لإعلان استقلال الإقليم، واستمرار الاحتجاجات السنية ضد الحكومة العراقية، وتعبيرهم عن رفض التهميش في العملية السياسية، إضافة إلى استمرار تعثر التوافق على اختيار رئيس الوزراء في ظل معارضة قطاعات كبيرة، من بينها فصائل وأطراف شيعية لاستمرار نور المالكي رئيسا للوزراء لولاية ثالثة.
ومن هنا لابد من استعراض التشكيلة السكانية للعراق والتي أضحت إحدى معوقات الاتفاق على نمط للعملية السياسية يحظى بالقبول من جانب جميع القوى السياسية والأطياف المكونة لنسيج المجتمع العراقي.
ووفقا لبعض الدراسات، فإنه منذ عام 1997 لم يجر أي تعداد سكاني شامل في العراق، وبصورة أخص لا توجد أية إحصائية رسمية تبين حجم الطوائف الدينية والقوميات العرقية، وكل ما يصدر عن المؤسسات ومراكز الأبحاث في هذا الشأن هو تكهنات تعتمد على إحصاءات قديمة أو على مرجعيات إحصائية أخرى، مثل بطاقة التموين الصادرة عن النظام السابق أو سوى ذلك من وسائل يشوبها هامش كبير من الخطأ يخل بحقيقة الواقع السكاني، خاصة إذا كانت تترتب على التعداد السكاني نتائج سياسية تطال مستقبل العراق السياسي ومستقبل طوائفه وأعراقه.
ويبلغ عدد سكان العراق نحو 28 مليون نسمة، حسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية لعام 2005، يمثل المسلمون نحو 95% من السكان، كما تضم مسيحيين ويزيديين وصابئة وديانات صغيرة أخرى.
وعرقيا، يتألف العراق من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكردية (دستور عام 1970) وتشكل الأولى غالبية سكان العراق (نحو 80%)، كما يتألف من قوميات أخرى أصغر مثل التركمان وغيرهم، وبحسب الاستخبارات الأميركية، فإن العرب يشكلون من 75 إلى 80%، الأكراد من 15 إلى 20%، والتركمان والسريان والآخرين 5%.
ويتمركز الأكراد في شمال البلاد، وخاصة في السليمانية ودهوك وأربيل، وحسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية لعام 2005 فإن نسبة سكان هذه المحافظات الثلاث إلى باقي أنحاء العراق يبلغ نحو 2ر13 % من عدد السكان الكلي، وذلك من دون احتساب الأكراد المتوزعين في مدن أخرى مثل ديالى والموصل وكركوك وبغداد.
ويعتبر التركمان من أبرز الأقليات العرقية التي تشكو من عدم منحها حقوقا موازية لأهميتها السكانية، وبحسب التقديرات التركمانية يقدر عددهم بنحو 4 ملايين شخص، لكن تقديرات أخرى تقول إنهم لم يتجاوزوا المليونين، وذلك من غير أن تتأكد صحة أي من التقديرين في ظل عدم وجود إحصاء سكاني دقيق ومعلن، ويقطن معظم التركمان في كركوك وبعض مناطق شمالي العراق.
ويعترض التركمان عموما على كل الإحصائيات الرسمية التي اعتمدت حتى الآن، وأنها لا تمت إلى الواقع بصلة، وهدفت دائما إلى تحديد نسبتهم كنسبة ثابتة لا تتغير بالنسبة لمجموع السكان وهي 2%، في حين يذهبون إلى أنهم أكثر من ذلك بكثير.
الطائفية عدو توحد العراق
وطائفيا، أشارت تقديرات موقع الاستخبارات الأميركية إلى أن الشيعة يمثلون نسبة 60 - 65% من أعداد السكان وبذلك فهم غالبية نسبة إلى السنة الذين يمثلون 32 - 37%.
لكن إحصائيات غير رسمية لمراكز أو منظمات دولية تقدم أرقاما ونسبا متفاوتة، فقد توصلت إحصائية المنظمة الإنسانية الدولية (هيومانيتارين كوردينيوتر فور إيراك) عام 1997 إلى أن تعداد السنة يزيد بـ 819 ألفا و950 نسمة على تعداد الشيعة.
كما يبلغ عدد أفراد الطائفة المسيحية في العراق 550 ألف نسمة، ويشكل الكلدانيون والآشوريون أكبر تجمعين داخل المجتمع المسيحي بالبلاد، ويعيش الكلدانيون في الجزء الجنوبي للعراق على الضفة اليمنى لنهر الفرات، بينما يتركز الآشوريون في شمال العراق.
وتشير بعض المصادر العراقية إلى أن عددهم يبلغ من 100 إلى 350 ألف نسمة، وتضم هذه الطائفة خليطا من الأكراد والأتراك والفرس والعرب، ويتركز وجودهم في منطقتين، الأولى في قضاء شيخان شمال شرقي الموصل، والثانية في جبل سنجار شمال العراق قرب الحدود السورية.
ويرى البعض أن السبب وراء الهجوم الذي يتعرض له الأيزيديون على يد (داعش)، هو ديانتهم الفريدة من نوعها، فهي مزيج من ديانات عدة مثل اليهودية والمسيحية والإسلام والمانوية والصابئة وتختلف معتقداتهم ورموزهم الدينية عن الديانات السماوية الثلاث، فهم يعتبرون الله ربهم ولكنهم يؤمنون بأن الملك على الأرض هو الطاووس الذي يعتقدون بأنه يحكم الأرض بمعية سبعة ملائكة خاضعة للرب الأعلى، ولديهم طقوس خاصة بهم وبسبب معتقداتهم غير المألوفة، غالبا ما يشار إليهم على أنهم "عبدة الشيطان".
ويقدر عدد الأيزيديين في العالم بحوالي مليونين ونصف المليون نسمة موزعين على عدد من الدول مثل تركيا وإيران وجورجيا وأرمينيا، ولغتهم الأم هي الكردية.
وختاما يمكن القول أن التكاتف بين كل العراقيين، سواء شيعة أو سنة أو أكراد، والتوافق الوطني واستكمال مسيرة الديمقراطية وبناء دولة المؤسسات، والإسراع في تسمية اسم رئيس الوزراء بشكل توافقي، وتصحيح الخلل في العملية السياسية والتخلي عن الطائفية وتحقيق التنمية والتقدم وتوظيف موارد البلاد النفطية الضخمة، هو الكفيل بالحفاظ على العراق موحدا ضد أية محاولات للتفتيت والتقسيم الذي بات هو الخطر الحقيقي أمام دول المنطقة العربية.
أرسل تعليقك