يوم السبت في السابع من الشهر المقبل، الجمهور العربي على موعد مع مسرحية «همسات» التي تجمع بين الكوميديا والدراما، في عرض «أونلاين»، يشارك فيه العديد من كبار الفنانين اللبنانيين، بينهم نادين لبكي، وندى بو فرحات، وجورج خباز، وريتا حايك، وطلال الجردي، وبديع أبو شقرا، وبرناديت حديب، ودوري السمراني، وسني عبد الباقي، وبشارة عطا الله، وهو من إنتاج أغاثا عز الدين وجوزيان بولس، وإخراج لينا أبيض.
العرض الذي يدوم 70 دقيقة، مأخوذ عن نصوص لستة كتاب إنجليز قرّروا أن يهدوا مونولوجاتهم لبيروت، ولإنجاز هذا العرض تحديداً الذي يعود ريعه لإعادة تأهيل المسارح البيروتية التي تعرضت في غالبيتها لأضرار أوقفتها عن العمل، بسبب انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس (آب) الماضي. والكتّاب الإنجليز الذين قدموا نصوصهم هم كل من جيرالدين برينان، ومايك اليستون، وكيم هاردي، وأنجيلا هارفي، وجون جيسبر، وكيت ويبستر.
من لندن ولدت الفكرة. فبعد انفجار المرفأ، وكما الكثير من اللبنانيين، أُصيبت الممثلة والكاتبة والمنتجة اللبنانية المقيمة في بريطانيا أغاثا عز الدين باكتئاب شديد، نتيجة عجزها عن فعل أي شيء في مواجهة المأساة. زاد من ألمها الأخبار السيئة حول غالبية مسارح العاصمة التي تضررت ولم تعد صالحة للعمل. «تخيلت أي شعور سينتابني حين أعود إلى مدينتي وأجدها بلا مسارح؟ أي انكسار في القلب سيسكنني وأنا أرى جزءاً من ثقافتي محطماً؟ فبيروت تكتسب خصوصيتها من الثقافة» تقول أغاثا «صحيح أنّ البيوت والمحلات وكذلك المستشفيات يجب أن تعمّر بسرعة، لتنتظم الحياة، لكن المسارح أيضاً، نحن بحاجة لأن نستعيدها».
أخذت أغاثا تتصل بكتاب إنجليز تعرفهم بحكم الزمالة في مهنتها، وتطلب إليهم أن يقدموا نصوصاً لبيروت، فهي بفعل نشاطها في لندن، على صلة بعدد من المؤلفين السينمائيين والمسرحيين المرموقين الذين سعدوا بالفكرة ووافقوا على الفور، وأبدوا رغبتهم في الوقوف إلى جانب بيروت، وزملائهم في لبنان. «اتصالي الأول في بيروت كان مع المخرجة والمنتجة جوزيان بولس، عرضت عليها أن نأخذ هذه النصوص ونترجمها ونلبننها ونستعين بنجوم لبنانيين، محبوبين من الناس، لنقدم مسرحية يعود ريعها لإعادة تأهيل المسارح، وتجاوبت على الفور». تقول أغاثا. المخرجة لينا أبيض لم تتردد هي الأخرى في إبداء حماستها للمشروع.
وفريق كبير من الكتاب والممثلين والفنيين، جميعهم تطوعوا، وتحمسوا، لأنّ جل ما يريدونه هو إعادة انتشال المسرح في لبنان. تشرح لنا جوزيان بولس التي كانت تدير العمل من لبنان بينما كانت زميلتها أغاثا تقوم بما يلزم من لندن. التمرينات هي على قدم وساق، والممثلون يضيفون إلى نصوصهم من ذواتهم، كي يفيضوا على العمل من تجربتهم ويغنوا النصوص الآتية من أجواء أخرى» تقول لنا جوزيان. «ومن طريف ما حدث، أن نادين لبكي وجورج خباز يجتمعان للمرة الأولى، وقد كتبا حواراً ثنائياً، سيؤديانه معاً على المسرح». أمّا قصة العمل فهي عن مجموعة من الممثلين، نراهم في خضم تدريبات على مسرحية جديدة، يقومون بها يوم الرابع من أغسطس عام 2020، حين يباغتهم انفجار مهول، يغير مسارهم ويطيح بكل شيء.
الممثل دوري السمراني يلعب دور عمر، التقني على المسرح الذي بواسطته يتم الربط خلال المسرحية بين الممثلين وهم يقدمون مونولوجاتهم الخاصة، وذلك بمساعدة مدير الإضاءة الذي نسمعه ولا نراه. وتشرح جوزيان بولس: «كلنا سنكون مؤدين على المسرح، مع الممثلين الرئيسيين، لأن الموضوع يتطلب ذلك. سيرانا المتفرج أنا وزميلتي في الإنتاج أغاثا، وكذلك المخرجة، وآخرين من الفنيين. إذ يتطلب الموضوع أن نكون ضمن ورشة التدريبات التي هي في صلب القصة».
وتتابع بولس: «اختير الموضوع على هذا النحو قصداً، لأن ما حدث بعد الانفجار، لا يزال صعباً على الاستيعاب، فنحن لا نعيش حتى هذه اللحظة تحت الصدمة».
المنتجة، وصاحبة الفكرة، أغاثا عز الدين حطت من لندن منذ أيام لتشارك بوضع العمل على خشبة مسرح «بلاك بوكس» في لبنان، وهو أحد المسارح المتضررة، التي يفترض أن تستفيد من عوائد المسرحية. سيتم تصوير العمل مسبقاً، وقبل أيام من العرض، لبثه في الوقت المحدد، بدون أي مخاطرة بخطأ أو خلل تقني قد يطرأ. فالمسرح بحضور جمهور، يحتاج لتقنيات مختلفة عن عمل يبث عبر شاشة، حيث إن التصوير تصبح له شروطه الخاصة، كي يتمكن المتفرج من الاستمتاع بصرياً. وتضرر عدد كبير من المسارح اللبنانية جراء الانفجار، بينها «مسرح الجميزة» الذي يقع في مبنى عمره حوالي مائة عام، ويتسع لـ317 متفرجا، له تاريخ في استضافة العروض العالمية والمحلية والمعارض الفنية والمؤتمرات والورش.
وكذلك «مسرح مونو» الذي لعب دوراً محورياً في المشهد الثقافي منذ عام 1997، واستضاف عروضاً من مختلف أنحاء العالم ومهرجانات ودورات تدريب ومعارض. وكذلك «مسرح المدينة» الذي تأسس عام 1994 وكان له الدور الكبير في صعود مواهب مسرحية، واستضافة مختلف أنواع العروض العربية والعالمية. وهناك أيضاً مسرح «بلاك بوكس» الذي فتح دائماً ذراعيه دائماً لاستضافة الفنانين، ونشاطاتهم وتجمعاتهم.
وتقول أغاثا، إن هذا المشروع ساعدها على استبدال الحزن غير المنتج بالأمل، وفتح لها نافذة، كما لكل المشاركين في المسرحية. وقد «أطلقنا اسم همسات على العرض، لأننا في الوضع النفسي الذي كنا نعيش، غير قادرين على إطلاق عمل كبير وله ضجيج. نحن أردناه عملاً هامساً، حميماً، وأردنا منه أن يصل لكل اللبنانيين في بلدهم، وبشكل أساسي في مغترباتهم. وأيضاً إلى الجمهور العربي، كون العمل يقدم بالعربية». تباع التذاكر في لبنان بسعر 25 ألف ليرة لبنانية، وفي الخارج بسعر 10 جنيهات إسترلينية. حيث يصل صاحب التذكرة رابط العرض في اليوم ذاته.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك