أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات كتاب ”المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في بيت المقدس 1987-2015“، من تأليف خالد إبراهيم أبو عرفة، وهو في أصله بحث نال به المؤلف درجة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية من جامعة القدس سنة 2016.
ويستعرض الكتاب الذي يقع في 398 صفحة، التسلسل التاريخي للهبات والانتفاضات، والدوافع وراء إصرار الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال، والتي كانت السبب الأول في إعاقة التهويد المطلق للمدينة.
ويخلص إلى عدد من النتائج، في مقدمتها أن المقاومة في المدينة تُطوّر أداءها تبعًا للمستجدات الأمنية الإسرائيلية، كما أنها تنتقل عبر الأجيال دون توقف.
ويتوزع الكتاب على أربعة فصول؛ وقد قدم الفصل الأول نبذة عن مكانة القدس لدى أهل الديانات من يهود ومسيحيين ومسلمين، وكيف أصبحت لدى المسلمين مدينة وقفية من الدرجة الأولى.
وبحث الكاتب في هذا الفصل وَضْعَ المدينة القانوني الدولي، مبينًا أن كافة إجراءات الاحتلال في القدس منذ 1947 تُعدّ غير قانونية في القانون الدولي، وأنها لا تتعدى كونها فرضٌ لسياسة الأمر الواقع.
ويشرح الكاتب حقّ المقدسيين في مقاومة الاحتلال وأسباب مقاومتهم له، وقانونية هذا الحق الذي تكفله القوانين والأعراف الدولية، إضافة إلى تطرق سريع عن المسيرة التاريخية للمقاومة الفلسطينية.
وعرج على المعارك التاريخية مثل حطين واليرموك وغيرها، مفصلًا في تنوع مقاومة المقدسيين للانتداب البريطاني التي شملت المظاهرات والمسيرات والمقاطعة والتمرد على الضرائب، وغيرها من أشكال العصيان المدني، ثم أشكال المقاومة الشعبية والمسلحة، التي هي في تطور دائم.
وأما الفصل الثاني، فقد تناول جوانب المقاومة الشعبية والانتفاضات، ومظاهر المقاومة السلمية المتمثلة بالرباط والصمود، وكذلك المقاومة المسلحة التي خاضها المقدسيون حفاظًا على مدينتهم.
وبين الكاتب في هذه الفصل أحداث الانتفاضات الفلسطينية الثلاث، وكذلك العمليات الاستشهادية وموقعها بين الحق في المقاومة و”الإرهاب“.
وتوقف المؤلف بشيء من التفصيل عند ظاهرتي الرباط والصمود التي تَميَّز بها المقدسيون، مشيرًا إلى الثبات الرائع الذي أبدوه في ذلك، شارحًا الوسائل المختلفة التي قاموا بها.
وبين دور المرابطات القوي في التصدي للاعتداءات على المسجد الأقصى، من مشاركتهن في مشروع مصاطب العلم داخل المسجد، إلى الوقوف عند الأبواب ومواجهة الإغلاقات والإبعاد، وإعاقة اقتحامات المستوطنين، ومخاطبة الرأي العام.
ويسرد الكاتب نماذج مشرقة للصمود والأنشطة الشعبية والفعاليات التي اتبعت لتعزيز حالة الصمود، من خيم الاعتصام، والالتماسات القانونية، ومقاومة التطبيع مع الاحتلال وغيرها.
وفي الفصل الثالث، ناقش الكاتب انتهاكات الاحتلال واعتداءاته المختلفة في مدينة القدس، ومقاومة المقدسيين لهذه الانتهاكات، المتمثلة في تهويد وأسرلة واستيطان ومصادرة وتدنيس للمقدسات وتهجير وإبعاد للسكان وهدم للبيوت ومحاصرة للاقتصاد واعتقالات، إضافة إلى جريمة بناء جدار الضمّ والتوسع الإسرائيلي.
ويعرض الكتاب في الفصل الرابع والأخير بشكل منهجي موثق نماذج من الشرائح المتصدية للمقاومة في القدس، والتي شملت كافة طوائف المجتمع المقدسي من حركات سياسية ومؤسسات متنوعة، والمسيحيين المقدسيين، إضافة إلى قطاع النساء، والشارع المقدسي، والإعلاميين، والأطفال.
ويرسل الكاتب من خلال دراسته هذه عدة توصيات للنخبة المقدسية والمهتمين في الشأن المقدسي، أهمها بذل الجهود اللازمة في تشكيل مرجعية وطنية مركزية قابلة للاستمرار في العمل الميداني.
ويخلص الكاتب إلى أن كل الانتهاكات والمعاناة التي تعرض لها المقدسيون لم تكن حائلًا أمام استئنافهم لمقاومتهم وعملياتهم الفدائية، وأنهم قدّموا أمثلة بارزة في مسيرة النضال الفلسطيني، وكانوا رافعة له في الكثير من المحطات.
أرسل تعليقك