قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، إن الاعتداءات الإسرائيلية العسكرية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، لن تجلب سوى الدمار.
جاء ذلك في ثلاث رسائل متطابقة بعثها السفير منصور إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن (جمهورية مصر العربية) ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول تأكيد رفض إسرائيل للسلام الذي ما تزال دولة فلسطين ملتزمة بتحقيقه، وذلك مع استمرار تصاعد التوتر والعنف في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بسبب تواصل الاعتداءات الإسرائيلية العسكرية ضد الشعب الفلسطيني، لا سيما الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، والحصار والقصف على قطاع غزة، وهدم المنازل وعمليات الهدم والاستفزازات التحريضية.
وقال منصور إن إسرائيل تتحدى بشكل صارخ القانون الدولي، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334 (2016)، رغم المطالب المستمرة لوقف حملتها الاستيطانية غير القانونية المدمرة لدولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إلا أنها ما تزال مستمرة في إعلان الخطط الاستيطانية لاستعمار المزيد من الأرض الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد وضع الأسبوع الماضي حجر الأساس لمجمع استيطاني جديد يضم أكثر من ألف وحدة استيطانية في مستوطنة "بيتار عيليت" غير الشرعية الواقعة جنوب بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، مشيدا في كلمة ألقاها في "مراسم" بدء البناء، بأعمال حكومته المستمرة في المستوطنات غير القانونية وخدمة السكان المستوطنين، قائلا "لم تعمل أي حكومة أخرى لبناء مزيد من المستوطنات مثل حكومتي".
وأكد منصور أن التخويف والعنف والمضايقات المستمرة من قبل المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، بتواطؤ وحماية قوات الاحتلال، ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته، هي سبب انتشار المعاناة وفقدان الأمل وضياع فرص السلام، مطالبا بمحاكمة هؤلاء المجرمين على جرائمهم ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
ونوه في رسائله، أيضا، إلى عمليات الإخلاء التعسفي في منطقة الشيخ جراح، التي تقع إلى الشمال من البلدة القديمة في القدس، وتضم حوالي 3000 فلسطيني، وقال إن الشيخ جراح هي حي فلسطيني يضم معالم مثل بيت الشرق (مقر منظمة التحرير الفلسطينية في القدس، الذي أغلقته سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالقوة عام 2003)، والمسرح الوطني الفلسطيني، ومقر العديد من البعثات الدبلوماسية، وأن الوجود الفلسطيني في هذه المنطقة من المدينة، كما في جميع أنحاء القدس الشرقية المحتلة، يتعرض لتهديد خطير نتيجة للسياسات والإجراءات العدوانية وغير المشروعة التي تقوم بها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال.
وأوضح أنه منذ عام 1967، ارتكزت السياسات الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة على استراتيجيتين، الأولى هي خلق أغلبية يهودية في المدينة من خلال إنشاء مستوطنات "يهودية صرفة"، أما الثانية فتتمثل في تحقيق الهدف نفسه من خلال تدابير ترمي إلى الحد من السكان الفلسطينيين، باستخدام سياسات تبعد العائلات الفلسطينية من القدس بالقوة أو تعرقل نمو المجتمع الفلسطيني هناك.
وبين منصور أن أحد العناصر الرئيسية في الاستراتيجية الأولى، هو إدراج "البؤر الاستيطانية" الإسرائيلية في النقاط الاستراتيجية الرئيسية داخل الأحياء الفلسطينية، مشيرا إلى أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة دعمت منظمات المستوطنين في جهودها المكثفة للاستيلاء على الأرض الفلسطينية والمنازل وغيرها من الممتلكات في الحي، باستخدام أساليب مثل نقل ملكية الأراضي، أو مصادرة الممتلكات بموجب ما يسمى "قانون أملاك الغائبين".
وتابع أنه في الوقت نفسه، تواصل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، عمليات اعتقالها واحتجازها في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، فتحتجز المدنيين الفلسطينيين يوميا، مع استهداف الشبان والصبية بشدة من قبل قوات الاحتلال التي تعتدي بصورة روتينية عليهم وتعرضهم للإيذاء والإذلال والاعتداء الشديد، بما في ذلك التعذيب، وللاعتقال التعسفي.
وأردف: وفقا لتقرير مشترك أعدته جمعية الأسرى الفلسطينيين، ومركز ميزان لحقوق الإنسان، وجمعية الضمير لدعم حقوق الإنسان، واللجنة الفلسطينية لشؤون الأسرى، احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي 880 فلسطينيا من الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة المحاصر في شهر تموز/يوليو وحده.
ويذكر التقرير أن من بين المعتقلين 144 طفلا و18 امرأة، وأن أغلبية الاعتقالات وقعت في القدس الشرقية والأحياء المحيطة بها.
ودعا منصور إلى وضع حد لهذه الممارسة غير القانونية وإطلاق سراح 7 آلاف سجين فلسطيني تحتجزهم إسرائيل في سجونها، ما يشكل انتهاكا جسيما لاتفاقية جنيف الرابعة.
وقال: وعلاوة على ذلك، تواصل السلطة القائمة بالاحتلال في قطاع غزة سياساتها وتدابيرها المتعلقة بالعقاب الجماعي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين كافة، وما يزال الحصار غير القانوني الذي يمتد على مدى عقد من الزمان، يؤثر تأثيرا خطيرا على مليوني من المدنيين هناك، الذين يعانون من أزمة اجتماعية واقتصادية وإنسانية مزرية وخيمة سببها الاحتلال.
وأشار إلى أن إسرائيل واصلت، خلال الأسبوع الماضي، عدوانها على قطاع غزة، بما في ذلك شن ضربات جوية في ثلاث مناطق مختلفة، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن أربعة فلسطينيين، أحدهم دخل إلى المستشفى جراء كسور في الجمجمة، وبالإضافة إلى ذلك، تواصل السلطة القائمة بالاحتلال مهاجمة الصيادين الفلسطينيين الذين يبحرون في مياه غزة.
وقال منصور إنه وفقا لتقارير إخبارية حديثة، أعلنت إسرائيل أنها تعمل حاليا على خطط لبناء حاجز حول قطاع غزة، مؤكدا أنه يجب إدانة هذا المخطط الاستفزازي وغير القانوني وإيقافه فورا لأنه يشكل بالتأكيد انتهاكا صارخا للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ويضع السكان المدنيين الفلسطينيين وكل قطاع غزة، الذي اعتبرته الأمم المتحدة بالفعل "غير قابل للحياة" "بحلول عام 2020، في حالة أكثر هشاشة.
وشدد منصور على إدانة الأعمال الإسرائيلية غير المشروعة، وطالب المجتمع الدولي بالعمل الجاد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء العدوان والجرائم الإسرائيلية، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني أخيرا من العيش بحرية وكرامة في دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.
أرسل تعليقك