طهران - مهدي موسوي
دخلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 19 أيار (مايو) المقبل، مرحلة جديدة نتيجة المناظرة التلفزيونية الأولی، التي أجريت ليل الجمعة بين المرشحين الستة: "الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ومعاونه إسحاق جهانغيري ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وسادن العتبة الرضوية إبراهيم رئيسي وعضو اللجنة المركزية لحزب المؤتلفة، مصطفی مير سليم، إضافة إلى الوزير السابق مصطفی هاشمي طبا.
وتفوق جهانغيري في استطلاعات الرأي التي أجريت بعد المناظرة، وحصل علی نسبة استحسان بلغت 41.7 في المئة في استطلاع أجراه موقع "تابناك"، القريب من أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي، في حين حصل الرئيس روحاني علی 34.89 في المئة وقاليباف علی 15.5 في المئة، في مقابل 5.61 في المئة لرئيسي و1.15 في المئة لكل من هاشمي طبا ومير سليم.
وعلی رغم أن مراكز مهمة في التيار الأصولي كـ "الجبهة الشعبية لقوی الثورة الإسلامية"، وجامعة "التدريسيين" في حوزة قم الدينية وجبهة "بايدراي" القريبة من المرجع المتشدد محمد تقي مصباح يزدي، تدعم المرشح رئيسي، فإن قاليباف سعی إلى توجيه رسالة خلال المناظرة بأنه الأقدر علی جمع أصوات الناخبين، بخلاف رئيسي الذي بدا أضعف مما تصوره العديد من الأوساط السياسية.
وفي الوقت ذاته، فإن التيار الإصلاحي ليس لديه قرار بتأييد جهانغيري على حساب روحاني، لذا اعتُبر تفوق الأول في نتائج المناظرة التلفزيونية مصدر استحسان وإعجاب له لا يغير شيئاً في قرار دعم ترشح روحاني لولاية ثانية، كما اعتُبر ما جری في المناظرة توزيعاً للأداور بين روحاني وجهانغيري الذي أبدی شجاعة وجرأة في تناول المواضيع والرد علی هجمات قاليباف، في حين نأى الرئيس ما أمكن عن السجال.
ورأی المحلل السياسي الأصولي عباس سليمي نمين، أن المناظرة عكست تقدم الحالة المعرفية السياسية، لدی المجتمع الإيراني، ما يؤدي الی مشاركة أوسع في الانتخابات، فيما رأی عالم الاجتماع السياسي برويز أميني أن روحاني خسر نقطتين، الأولی أمام قاليباف والأخری أمام مشاركة جهانغيري الذي ظهر ناطقاً باسم الاصلاحيين وربح نقطتين الأولی أمام قاليباف والثانية من خلال خطابه الذي اعتمد علی الأرقام والشفافية.
واختلفت الصحف الإيرانية في شأن المناظرة التلفزيونية فانحازت الإصلاحية إلى المرشحين روحاني وجهانغيري، في حين راوحت إشادات الصحف الأصولية بين المرشحين رئيسي وقاليباف، الأمر الذي يؤشر الی صعوبة موقف الاصوليين في الاتفاق علی مرشح واحد، في الوقت الذي يميل الشارع الإيراني الی روحاني في منصب الرئاسة من أجل استكمال برامجه الاقتصادية خصوصاً في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي والرؤية التي يمتلكها في شأن معالجة المشكلات الاقتصادية التي تعترض إيران كالبطالة والركود والتضخم.
ورأی رئيس تحرير صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري أن هذه المرة الأولی التي يواجه فيها روحاني منتقديه، في شكل مباشر أمام الشعب بعدما قمع أي انتقاد وجه لبرامجه خلال السنوات الأربع في كل المجالات، فيما اعتبر رئيس تحرير صحيفة "اعتماد" الاصلاحية جواد دليري أن المناظرة لم يكن فيها فائز بقدر ما سلطت الضوء، علی ظاهرة جديدة اسمها جهانغيري الذي عمل علی عدم سقوط روحاني في النار التي فتحها قاليباف، معتبراً أن دخول جهانغيري الانتخابات كان يهدف الی إخماد صوت قاليباف، فيما جاء دور روحاني لمواجهة رئيسي.
وأشاد روحاني بالأجواء التي سادت المناظرة إلا أنه قال إنه كان من الأفضل طرح قضايا اجتماعية أخری تتعلق بالمذاهب والقوميات الإيرانية، داعياً الی طرح القضايا بنوع من الوضوح والشفافية لإعطاء صورة واضحة للناخب، ودافع خلال زيارته السبت، مدينة كرمان أمام حشد من مناصريه في ملعب المدينة عن حقوق المواطنين الخاصة في الحرية والعمل، في حين أعلن المرشح رئيسي عن انطلاق حملته الانتخابية، مشيراً في بيان له إلى أن الأوضاع التي تعيشها إيران لا تتلائم ومكانة الشعب الإيراني والأهداف الأساسية للثورة الإسلامية التي أرسی دعائمها الإمام الخميني والتي استندت الی خدمة المحرومين وتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعية.
واعتبر أن الوقت حان لوضع حد للفساد المالي والرشاوی التي بدأت تنخر في النظام الإداري وتسببت في التفاوت الطبقي المجتمعي، وإعادة عجلة الثورة الی مسارها الطبيعي، الذي يحتاج الی عمل ثوري من خلال تشكيل حكومة ثورية فاعلة، ومقتدرة تؤمن بمبادئ الإمام والقيادة والشعب الإيراني الثوري.
وعلی رغم أن المناظرة الأولی كانت مخصصة للقضايا الاجتماعية والثقافية، إلا إنها انحازت للقضايا الاقتصادية، ما یؤشر الی أهمية الاقتصاد في البرامج التي يطرحها المرشحون، إضافة الی تطلع الشارع الإيراني الى المناظرتين المتبقيتين، واللتين تتناول القضايا السياسية والاقتصادية.
أرسل تعليقك