طهران ـ مهدي موسوي
وجّه 7 من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، أمس، رسالة إلى وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي يطالبون فيها تنظيم وقفة احتجاجاً على الأوضاع الحالية في البلد، وتدهور الوضع الاقتصادي، ويقول المسؤولون إن “حرية تشكيل التجمعات والنقد والاحتجاج على السياسات والأداء، وبيان المطالب المحقة والقانونية، التي يعترف بها الدستور”، وتشير الرسالة إلى تجمعات كثيرة خلال الشهور الماضية “احتجاجاً على بعض السياسات والسلوكيات والأوضاع الاقتصادية السيئة، وسوء الإدارة في الأقسام المختلفة”. كما انتقدت الرسالة ما اعتبرته تجاهل المسؤولين والأجهزة الأمنية في الرد المناسب على تلك الاحتجاجات.
وانتقدت الرسالة الاحتجاجات الشعبية الأخيرة في إيران، “بعض السلوكيات غير الصحيحة خلال الأسابيع الأخيرة والمشكوك فيها، مثل التخريب وحرق الأماكن العامة، بما فيها العلم الإيراني، تسببت في مواجهة بعض المحتجين واعتقال عدد كبير منهم”، ورغم ذلك، يستند طلب رجال أحمدي نجاد على ما اعتبروه “تفريق كبار المسؤولين الإيرانيين بين حق التجمع والاحتجاج على الأداء وضرورة الاهتمام به وبين الفوضى وتخريب الأموال العامة”، كما استند المسؤولون على المادتين 8 و27 من الدستور. وقال المسؤولون السبعة في جزء آخر من الرسالة: “نطلع إلى دعوة الناس إلى التجمع للاحتجاج الهادئ والقانوني” ويقول الموقعون إن الاحتجاج رداً على أداء السلطات الثلاث (البرلمان والقضاء والحكومة) وبعض السياسات والسلوكيات، وبخاصة على صعيد الشؤون “الاقتصادية والحقوقية والاجتماعية”.
ونشر المستشار الإعلامي لأحمدي نجاد، علي أكبر جوانفكر، عبر حسابه على شبكة “تلغرام” نص الرسالة الموجهة إلى وزير الداخلية الإيراني، والرسالة موقعة من مستشار أحمدي نجاد الخاص اسفنديار رحيم مشائي، وحميد بقائي، ووزير العمل السابق عبد الرضا شيخ الإسلام، ومستشار أحمدي نجاد الاقتصادي مرتضى تمدن، وحسن موسوي، رئيس مكتب الرئيس السابق. وأعلن المسؤولون السبعة عن تكليف محامي فريق أحمدي نجاد، علي أصغر حسيني، بمتابعة الطلب في وزارة الداخلية، وأتت الخطوة الجديدة لجماعة أحمدي نجاد بعد أقل من أسبوع على مشاركته في آخر اجتماع لمجلس تشخيص مصلحة النظام؛ وذلك بعدما تناقلت صحف عن مصادر مجهولة معلومات عن فرض الإقامة الجبرية على أحمدي نجاد على خلفية اتهامه بالوقوف وراء اندلاع الاحتجاجات الأخيرة.
وشهد ديسمبر (كانون الأول) الماضي تلاسناً حاداً بين الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وكبار المسؤولين في الجهاز القضائي، وذلك على أثر ملاحقة قضائية لعدد من الشخصيات المقربة من أحمدي نجاد، وكانت الوزارة الداخلية الإيرانية بعد يومين من الاحتجاجات قد دعت الأحزاب السياسية إلى تقديم طلبات التجمهر، وذلك ضمن محاولاتها الأولى لاحتواء الاحتجاجات الإيرانية، وقال المدير العام لمكتب الشؤون السياسية في الداخلية الإيرانية بهرام سرمست حينذاك: إنه إذا تقدم حزب طلب التظاهر ستنظر وزارة الداخلية بإيجابية “لكنها رهن الموافقة على الطلب بموافقة نهائية من المحافظ”.
وكشف المساعد الأمني في الداخلية الإيرانية حسين ذو الفقاري تفاصيل تقرير أمني قدمته الداخلية الإيرانية للرئيس الإيراني حسن روحاني حول الاحتجاجات. ويشير التقرير إلى ثلاثة أسباب وراء اندلاع الاحتجاجات، أولها تراجع ثقة الرأي العام، والثاني “الإدارة الخاطئة للرأي العام” والثالث “استمرار نشاط الأعداء الأجانب بقيادة أميركا”، وتضمن التقرير الفئات العمرية والمستوى العلمي للمشاركين في الاحتجاجات. وبحسب التقرير، فإن 59 في المائة من المحتجين يحملون شهادة الثانوية وما دونها، بينما 15 في المائة من خريجي الجامعات بما فيهم أصحاب الشهادات العليا، في حين لم يتضح المستوى الدراسي لـ26 في المائة.
وأبدى مراقبون شكوكاً حول الإحصائية المعلنة؛ لأنها تؤكد على حمل الشهادة؛ وهو ما دفع فريقاً من المراقبين للقول: إن نسبة 59 تشمل طلاب الجامعات، وهم ما تشير إليهم مفردة حملة الشهادات الثانوية، ولاقت الصحف ردود فعل متفاوتة في الصحف الإيرانية، ورداً على التقرير كتب الناشط الإصلاحي سعيد حجاريان في افتتاحية صحيفة “اعتماد” الإصلاحية إن “جزءاً من الشعب تجاوز السلطة”، واتهم حجاريان أطرافاً معارضة لروحاني بالتسبب في الاحتجاجات، بقوله “هؤلاء الذين ضخوا التشاؤم واليأس في خطبهم الدينية ومنبر الإذاعة والتلفزيون، ومن أرادوا القول إن روحاني يفتقر للكفاءة أصدروا أوامر (لا لروحاني) ورددوا شعار (الموت لروحاني)، في حين لم يقولوا بعد روحاني الشعار يستهدف أي شخص أو أي جهاز. الرد واضح تجاوز روحاني يعني تخطي الحكومة والوصول إلى السلطة وأصل النظام، وفي النهاية تجاوز الجمهورية الإسلامية”.
وبحسب حجاريان، فإن إيران “شهدت ثلاثة أحداث على مدى عقدين، أولهما في يونيو (حزيران) 1999، والثاني في مايو (أيار) 2009، والثالث في ديسمبر 2016”. ويرى أن الحدث الأول كان له هدف واضح، وأراد الطلاب تحقيق مطالبهم السياسية، لكنهم واجهوا قمع الاحتجاجات من جانب الحكومة، وفي الحادث الثاني فإن الشعب تظاهر بصمت من أجل إعادة أصواته في الانتخابات السياسية، لكن قوات الأمن أطلقت الرصاص على المتظاهرين، لكن في الاحتجاجات الأخيرة القوات الأمنية كان أداؤها أضعف من الأحداث السابقة، وكلما زادت حدة الاحتجاجات تراجع القمع”، لكن نشر تفاصيل رسالة فريق أحمدي نجاد أغضب وسائل الإعلام الإصلاحية. بدورها، قامت وكالة “إيلنا” الإصلاحية بنشر مقابلات من متحدثين باسم نقابة العمال ونقابة المعلين حول منعها من تنظيم وقفات احتجاجية في زمن رئاسة أحمدي نجاد، ونقلت الوكالة عن ناشط في نقابة المعلمينـ رضا مسلمي، أن “حكومة أحمدي نجاد قامت بأسوأ تعامل مع النشطاء النقابيين في فترة رئاسته”، وختم أمين عام المجمع التنسيقي للجان العمالية في طهران حسين حبيبي، أنّ “هؤلاء عندما كانوا على رأس الأمور لم يصدروا ترخيصاً لأي احتجاج سلمي، رغم ذلك الجماعات العمالية ترحب بأي نوع تجمع احتجاجي”.
أرسل تعليقك