غزة ـ صفا
لم يعد الشاب الأصم محمد أبو عليان ورفاقه يواجهون صعوبة كبيرة في الانخراط بالمجتمع والتنقل بين محافظات قطاع غزة بفضل مبادرة "تعميم لغة الإشارة الفلسطينية" التي نظمتها مجموعة من المؤسسات الأهلية العاملة مع الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويمارس الشاب الغزي الذي يتعلم بجمعية دير البلح لتأهيل المعاقين -أحد الجمعيات المشاركة بالمبادرة- حياته اليومية بشكل طبيعي دون مساعدة من أحد؛ فيذهب لشراء ما يحتاج من الأسواق الشعبية ويحضر مباريات كرة القدم بشكل منتظم، ويمارسها مع العديد من أصدقائه الطبيعيين، كما يتابع التلفاز ويشارك أصدقاءه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وتمول المبادرة من مؤسسة "أوكسفام– بريطانيا" في محاولة لنشر لغة الإشارة في كافة المرافق العامة في القطاع لتسهيل وصول الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية(الصم) ودمجهم في المجتمع.
ويؤكد الشاب لوكالة "صفا"- من خلال مدرسه الذي ترجم اللقاء- أن المبادرة ساعدته كثيرًا على التنقل بدون مرافق، وشجعت أسرته على السماح له بذلك.
ويشكو الشاب ورفاقه من تمزيق بعض "المستهترين" من المواطنين للافتات الحملة في الأماكن العامة، "فعندما أرى شبان لا يشعرون بنا ويمزقون اللافتات التي تعمم لغتنا أشعر بأسف شديد، ولكن لا أستطيع أن أفعل شيئًا.. يجب على الجهات المعنية مساعدتنا".
ولا يختلف حال الطالبة شيماء أبو هداف كثيراً عن زميلها، وتعتبر أن المبادرة جاءت لتعليم المجتمع الفلسطيني وليس أصحاب الإعاقة.
وتؤكد أبو هداف التي تحدثت لوكالة "صفا"- من خلال جهاز خاص بالصم- أنها استقبلت خبر تدشين المبادرة بكثير من الفرح "لأنني سأتشارك بالأحاديث مع العديد من الأشخاص العامة".
تنسيق مع الداخلية
ويقول مدير مدرسة الحنان لتأهيل المعاقين جهاد أبو غزة إن : "لغة الاشارة أساسية للتعاون في المجتمع، والمبادرة هي سياسة لنشر هذه اللغة وجعل المجتمع الفلسطيني بكافة شرائح يتعامل مع أصحاب الإعاقة السمعية".
لغة الاشارة للصم
ويوضح أبو غزة في حديثه لوكالة "صفا" أن الجمعيات نسقت مع وزارة الداخلية في غزة لوضع الملصقات على الجدران العامة وداخل المستشفيات والبنوك والمحلات التجارية، داعيًا الوزارة لحمايتها ومحاسبة "المستهترين".
ويشير إلى أن ضعف الإمكانيات حد من انتشار الحملة وتوسيع دائرة توزيع الملصقات في مناطق القطاع
الأطباء والسائقون
واختلفت آراء العاملين في مجمع الشفاء الطبي بغزة عن الحملة، فمنهم من رأى أنها مفيدة للصم وتساعدهم على الوصول إلى المكان المراد، ومنهم من شكك كثيرًا بأهميتها معتبرين أن أصحاب لغة الإشارة يمكن أن يتعاملوا مع الأشخاص العاديين بإشارات بسيطة يفهمها الجميع دون أي حملة.
ويقول الإداري في المستشفى فضل طافش لوكالة "صفا" إن: "المبادرة عادت بالفائدة على الأشخاص الصم، لأننا أصحبنا نادرًا ما نرشدهم إلى غرف المستشفى، وعلينا أيضًا، فأصبحنا نعرف القليل عن لغة الإشارة الفلسطينية".
ويشير إلى أن المستشفى مكان عام لكافة المواطنين، ولا يحق لأي شخص أن ينزع ملصقات الحملة من مكانها إلا إذا كان هناك أوامر من الإدارة، "وفي حال غياب ذلك يجب معاقبة الذين يقدمون على هذا الفعل حتى لا يتكرر الأمر".
وكان لأصحاب السيارات العمومية نظرة مختلفة تجاه المبادرة، وقال بعضهم إن الحملة ستحد من سرقة هواتف الصم النقالة التي تكررت عندما كان يكتب الشخص منهم العنوان الذي يريده ويعطيه للأشخاص ليرشدوه أين يذهب.
ويؤكد السائق زكريا جرغول في حديثه لوكالة "صفا" وصول المبادرة إليهم، لكنه قال إن "الكثير من الصم لا يحتاجون للتعامل بها لأننا نعرف أين يسكنون تحديدًا، ونوصلهم إلى أماكنهم دون أي مشاكل.
وتابع "أصحاب الإعاقة أذكياء ويتبعون لغة خاصة تقرب عملية الفهم بيننا وبينهم.
أرسل تعليقك