رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي
بيروت – جورج شاهين
أصدر بيانا رد فيه على رئيس مجلس النواب نبيه بري، معتبرا أن الجلسة النيابية التي دعا إليها لن تكون دستورية طالما أن الحكومة التي ستمثل أمامها مستقيلة وفقدت صلاحياتها الدستورية وتمارس أدنى درجات تصريف الأعمال ولا تتحمل تبعات قوانين وتشريعات جديدة ولذلك فليس بقدرة
المجلس النيابي أن ينفرد في ممارسة صلاحياته الدستورية كافة بصورة مطلقة وغير محددة.
وقال الرئيس ميقاتي في بيان مسهب "تابعت باهتمام وقائع المؤتمر الصحافي الذي عقده دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ظهر السبت، وقبل الدخول في نقاش النقاط القانونية التي أوردها دولته، لا بد لي بداية من أن أثمن حرص دولة الرئيس بري، وهذا بالتأكيد حرصنا أيضا، على وضع النقاش في إطاره الدستوري والقانوني البحت، بعيداً عن أي تساجل سياسي أو اصطفافات طائفية ومذهبية، كما أوحت بذلك بعض التعليقات السبت".
وأضاف "من هذا المنطلق فإن التداول في المسائل الدستورية والقانونية التي أثيرت في هذا الصدد ، هو الكفيل بالمحافظة على منطق العمل في نطاق المؤسسات الدستورية، وعليه، فإننا نرى أن قرارنا بشأن الجلسة النيابية التشريعية المقررة الاثنين في الأول من شهر تموز/يوليو المقبل يستند إلى أن النص الدستوري بأنه عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يصبح مجلس النواب حكما في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة ، أدرج في نطاق وحدود المادة (69) من الدستور ( البند 3) المتعلقة حصرا في حالة استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة".
وأضاف أن الحكومة المستقيلة أو التي اعتبرت مستقيلة تتوقف بحكم الدستور عن ممارسة صلاحياتها ، باستثناء ما يدخل منها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال ، عملا بأحكام البند (2) من المادة (64) من الدستور،
وبالتالي فإن الحكومة المستقيلة أو التي اعتبرت مستقيلة لا يمكنها أن تتمثل لدى المجلس النيابي أو تمثل أمامه، بعد أن فقدت كينونتها الدستورية، فهي لم تعد مسؤولة عن ممارسة صلاحيات السلطة التنفيذية المناطة بها وبرئيسها ، كما أنها لن تستطيع بعد الاستقالة أن تدافع عن مشاريع القوانين المحالة من قبلها، ولا أن تبدي رأيا في إقتراحات القوانين المقدمة من النواب.
وأشار إلى أن النظام البرلماني المعتمد في لبنان، سواء قبل الطائف، أو بعده ، يقوم على مبدأ الفصل المرن بين السلطتين التشريعة والتنفيذية، أي على مبدأ التوازن والتعاون بين السلطتين. وقد كرست أحكام الدستور ، كما أحكام النظام الداخلي للمجلس النيابي، أصول وقواعد هذا التعاون، لا سيما في العملية التشريعية. وأن الهيئة العامة للمجلس النيابي لا تنعقد في جلسة ذات صفة تشريعية من دون حضور رئيس الحكومة وأعضائها.
وتابع "من جهة ثانية، فان الاستثناء يجب أن يفسر دائما بصورة ضيقة، وإلا لما كان المشرع الدستوري قد نص بصورة دقيقة وحصرية مثلا في المادة (33) على وجوب تحديد جدول أعمال العقد الاستثنائي ، أو لما كان ربط انعقاد المجلس بصورة استثنائية ، بموجب المادة (69) في حالة استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، وبالتالي، فلا يعقل، في ظل حكومة مستقيلة أو اعتبرت مستقيلة، أن ينفرد المجلس النيابي في ممارسة صلاحياته الدستورية كافة بصورة مطلقة وغير محددة ،بالاستناد الى نص استثنائي ورد حصرا في حالة استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة".
وأضح أن "الأصل والغاية من هذا العقد الاستثنائي ،إنما هو اسباغ الطابع الدستوري على الجلسات التي يجب أن يعقدها المجلس النيابي لمناقشة البيان الوزاري للحكومة الجديدة ونيلها الثقة".
وقال "إن ما يؤكد على المضمون الحصري والضيق للبند (3) من المادة ( 69) أن العقد الاستثنائي المفتوح بموجب هذا البند يستمر فقط حتى نيل الحكومة الثقة، فهذا العقد يبتدئ حده باستقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، وتنتهي حدوده بنيل الحكومة الثقة. ولو أراد المشترع الدستوري خلاف ذلك لكان نص صراحة على أن يمارس المجلس النيابي صلاحياته كاملة فور استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة".
وتابع "هذا لا يعني أن استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة يحول دون تأمين استمرارية العمل في مؤسسات الدولة، التشريعية منها والتنفيذية، ولكن مبدأ استمرارية سير المرافق العامة إنما يتجلى أكثر ما يتجلى بنظرية تصريف الأعمال، وليس بإنشاء قواعد تشريعية وقانونية جديدة، في ظل حكومة غير موجودة دستوريا وغير مسؤولة سياسياً".
كما أن مبدأ استمرارية سير المرافق العامة يستوجب، إضافة للاستمرار في تصريف الأعمال، مواجهة حالات الظروف الاستثنائية وحالات الضرورة التي قد تفرض اجتماع المجلس النيابي في عقد استثنائي لمواجهتها حفاظا على الأمن أو الاستقرار أو منع التعرض للاقتصاد أو للحقوق الدستورية، علما أننا في كل مرة نجد أن ثمة فائدة في الركون إلى رأي قانوني، نلجأ إلى استطلاع رأي هيئة التشريع والاستشارات ونلتزم به، علما بأن رأي الهيئة جاء مستندا المسند إلى نصوص الدستور والنظام الداخلي للمجلس النيابي، وإلى الفقه والاجتهاد.
وأشار إلى أن ما يؤكد على هذا الطابع الاستثنائي أن السوابق التشريعية التي حصلت كانت ، في كل واحدة منها، ذات ماهية وطبيعة خاصة إستوجبتها حالة الضرورة في اللحظة السياسية التي كان على المجلس النيابي ان يتصدى لها، في ظل وجود حكومة مستقيلة.
وقال إننا نؤكد ، كما دائما ، أن استقرار وديمومة عمل المؤسسات الدستورية يتأمن بالاستمرار في التعاون الايجابي والبناء بين مختلف هذه المؤسسات . وعلى الرغم من الظروف العصيبة والطارئة التي عرفها النظام السياسي اللبناني ، فقد كان حرص جميع من تولوا السلطة السياسية في لبنان ، وفي اي موقع كان ، على وجوب احترام المبادئ الدستورية والاصول البرلمانية التي تميز الحياة السياسية في لبنان، وسيكون لنا، كما العادة في حكمة وتبصر دولة الرئيس نبيه بري كل الأمل في أن يستمر بقيادة الحياة البرلمانية الى ما يصون عمل المؤسسات ويحفظ موقع لبنان الديموقراطي المتقدم.
أرسل تعليقك