احتضنت مدينة برشلونة الإسبانية، أعمال المؤتمر الأوروبي السنوي لشبكية العين (EuRetina 2017) الذي ناقش آخر المستجدات في مجال علاج اعتلالات الشبكية والوقاية منها، واشتمل على 11 جلسة علمية، واستمر أربعة أيام واختتم الأحد الماضي. وركزت التقارير على المنظور الحديث والاختلافات في اعتلال الشبكية السكري، وآخر المستجدات في تصوير الشبكية إضافة إلى مختلف أمراض العيون.
وللتعرف على الدراسات حول مشاكل الاعتلال الشبكي السكري، التقت "صحتك" عددا من المشاركين في المؤتمر من منطقتنا العربية والخليجية، وهم: الأستاذ الدكتور جمال علي الكندري استشاري طب وجراحة العيون وجراحة الشبكية رئيس وحدة الشبكية في مركز البحر للعيون ورئيس كلية العيون في الكويت، والأستاذ الدكتور سعد عبد الله وهيب استشاري وأستاذ مشارك طب وجراحة العيون ورئيس قسم العيون بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، والأستاذ الدكتور عمر بسة أستاذ طب وجراحة العيون بكلية طب الإسكندرية بجمهورية مصر العربية، والدكتورة سوسن رشاد نويلاتي استشاري أكاديمي أول في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض.
تعتبر الشبكية أحد أكثر أجزاء العين حساسية، فهي عبارة عن نسيج رقيق جدا يتكون من عدة طبقات معقدة، تقع داخل كرة العين مبطنة التجويف الداخلي للعين، وظيفتها الرئيسية تحويل الضوء إلى صورة بعد إرسالها إلى المخ الذي يفسرها ويتعرف على ألوانها وشخصيتها، أما باقي أجزاء الشبكية فيسمح برؤية المحيط والرؤية في الظلام.
تختلف اعتلالات الشبكية، فهناك حالات تتعلق بقصر النظر الشديد وهي منتشرة في آسيا بشكل كبير، وحالات تتعلق بالعرق وأخرى بنمط الحياة وممارسة العادات الخاطئة وغيرها بالوراثة التي تنتج عن زواج الأقارب. ومن أهم الاعتلالات التي ناقشها المؤتمر ما يلي:
اعتلال الشبكية السكري: الذي يترأس قائمة أمراض الشبكية بسبب ارتفاع نسبة الإصابة بالسكري على المستوى العالمي، وهو أحد مضاعفاته التي تؤثر على الشبكية بدرجة تصل إلى فقدان البصر.
جلطات الشبكية: وهي تحدث نتيجة ارتفاع ضغط الدم إضافة إلى وجود مرض السكري عند الشخص نفسه.
الانفصال الشبكي: وهو مرض معقد وكبير وله أسبابه الخاصة.
أمراض الشبكية الوراثية: وهي تنتشر في منطقة الخليج بسبب زواج الأقارب والأعراق التي تتصف بنمط الكسل في حياتهم وعدم ممارسة الرياضة ويكونون مؤهلين للسمنة والسكري ومن ثم الاعتلال الشبكي.
إصابات الشبكية: وأهمها إصابات العمل التي تكون عادة خطيرة، وإصابات الرياضة العنيفة المباشرة على العين كالملاكمة، إصابات الألعاب التي تطلق أجساما طائرة كالبندقية التي تطلق رصاصا من البلاستيك.
الالتهابات داخل العين: التي تصيب الشبكة وأيضا يكون علاجها صعبا لحد كبير.
اعتلال الشبكية المرتبط بالسن: وهو من الأمراض الشائعة في أميركا ودول أوروبا وأقل إصابة في منطقة الخليج، يصيب مركز الإبصار بشكل رئيسي ولحسن الحظ أنه لا يؤدي إلى العمى الكامل. وينتشر الاعتلال الشبكي التحللي للكبار في العرق القوقازي. كما يسهم التدخين في الإصابة بالاعتلال الشبكي الشيخوخي.
انفصال الشبكية في الأطفال الخدج: فيجب فحص العين للأطفال المولودين قبل أوانهم للكشف المبكر والوقاية من العمى.
في البداية، أوضح الأستاذ دكتور وهيب أن الاعتلال الشبكي السكري يعتبر الأكثر انتشارا عالميا فهناك ما يقرب من 500 600 مليون مصاب في العالم، ومن المتوقع أن يكون هناك أكثر من ثلث هذا الرقم من المصابين الآخرين ولكن المرض لم يشخص بعد لديهم. لقد سجلت الإحصاءات العالمية ارتفاعا كبيرا في نسبة الإصابة بالسكري في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط والخليج بشكل خاص، لأكثر من 25 في المائة من السكان.
أما عن مصر فالنسبة تتراوح ما بين 15 20 في المائة عدا الحالات غير المسجلة وفق الدكتور بسة. وقد يكون الوضع أفضل في دولة الكويت بسبب الرعاية الصحية والكشف المبكر والوعي المرتفع لدى السكان وفق الدكتور الكندري.
أما الدكتورة نويلاتي فأكدت أن المشكلة، هنا، تكمن في تعرض المصابين للعجز واقتصاد الدول للاستنزاف في تقديم الرعاية العلاجية والتأهيلية لهؤلاء المرضى أكثر من الأمراض الأخرى حتى السرطانات منها. وأضافت أن شبكية العين تتعرض لتغيرات في الأوعية الدموية بسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم خاصة في الحالات التي لا يتم فيها التحكم جيدا فتبدأ التغيرات عادة بسيطة ثم تتدرج إلى متوسطة وشديدة فتسبب الرشح الدموي الذي يؤدي للانفصال الشبكي الذي يعتبر واحدا من أخطر مضاعفات داء السكري.
وتشمل عوامل الخطورة طول فترة الإصابة بالسكري، التي تؤدي إلى اعتلال من الدرجة العالية والشديدة.
عدم تنظيم سكر الدم، والمحافظة عليه في المعدل الطبيعي، فكلما كان التحكم في سكر الدم جيدا تأخرت فرص الإصابة بالاعتلال. والعكس صحيح حيث يحدث الاعتلال مبكرا وشديدا.
ارتفاع نسبة الدهون في الدم، الكولسترول والدهون الثلاثية.
التدخين الذي يؤثر في الأوعية الدموية في الجسم ومنها الشبكية.
الحمل، الذي يساعد على سرعة الإصابة بالاعتلال للمرأة الحامل المصابة بالسكري.
هل كل مصاب بالسكري سيتعرض للاعتلال الشبكي؟ أجاب الدكتور سعد وهيب بنعم! فكل مريض بالسكري سيتعرض في مرحلة معينة من المرض لدرجة من التغيرات في شبكية العين، وهذا لا يعني أنه سيفقد البصر. ففي الوقت نفسه، هناك مرضى مصابون بالسكري لأكثر من 30 سنة ولا تزال التغيرات في الشبكية لديهم بسيطة جدا، وهناك آخرون مصابون من 3 5 سنوات فقط وفقدوا البصر. إن اكتشاف هذه التغيرات يحدث صدفة ومن قبل الطبيب في معظم الحالات مما يعني تأخر الحالة وصعوبة علاجها.
الذبابة الطائرة. أوضح الأستاذ الدكتور جمال الكندري أن الذبابة الطائرة أو «ذبابة العين» تعتبر تغيرا فسيولوجيا يحدث في العين وخاصة مع تقدم العمر والذبابة عبارة عن خلايا من الجسم الزجاجي الهلامي الذي يملأ تجويف كرة العين والذي يترهل مع الزمن فتبدأ الخلايا والكولاجين بالتحرك. وهي تحدث في سن معينة ويكون هناك قصر نظر محدد.
ويفضل أن يتم الكشف عليها من قبل الطبيب للتأكد منها خاصة لمرضى السكري، لأن حدوث أي شد على الشبكية بصحبة هذا الترهل يعتبر إنذارا باحتمال حدوث انفصال للشبكية حتى وإن لم يكن الشخص مصابا بالسكري.
تقول الدكتورة سوسن نويلاتي أن اكتشاف الحالات يتم بطرق مختلفة، منها:
اعتلال مركز الشبكية، حيث تكون الأعراض سريعة مثل زغللة الرؤية، وعدم الوضوح صباحا، اعوجاج في الصورة، وعدم القراءة بسهولة كما في السابق.
اعتلال أطراف الشبكية، لن يشعر المريض بأي أعراض محددة إلا إذا حدث نزيف فجائي يؤدي إلى رؤية نقطة أو شعر أو خطوط حمراء وسوداء. تعتبر هذه الأعراض إنذارا باحتمال وجود نزيف من الأوعية الدموية للشبكية وإذا كان شديدا فيؤدي إلى ضعف رؤية شديد فجائي.
اعتلال طرفي مع نزيف، يؤدي لتليف الأوعية الدموية ومن ثم انفصال الشبكية وما ينتج عنه من فقدان البصر، وهي مرحلة متقدمة جدا.
وأكد الأستاذ الدكتور عمرو بسة أن مسؤولية إحالة مرضى السكري إلى عيادة العيون لعمل فحص الشبكية تقع على عاتق طبيب الأسرة، للتأكد من وضع الشبكية والتشخيص والعلاج مبكرا، وفقا للآتي:
إذا كانت الحالة بسيطة، يتم إعطاء النصائح الطبية مع جدول للمتابعة.
إذا كانت الحالة شديدة، يعني هناك رشح دموي أو عروق غير طبيعية سواء في أطراف الشبكية أو في مركزها، فلا بد من تقديم العلاج الفوري بالليزر أو بالحقن. ولقد أصبح العلاج بالحقن الخيار العلاجي الأول ثم يأتي دور الليزر وذلك بعد التطور الهائل الذي شهدته صناعة الدواء.
الحالات الطارئة المهددة بفقدان البصر، يفضل فيها الخيار الجراحي. إن صناعة أدوية الشبكية شهدت تطورا هائلا خلال الـ15 سنة الأخيرة مما أكسبها الخيار الأول للعلاج بعد أن كان الخيار المتاح سابقا هو كي الشبكية بالليزر أي حرق الأماكن الراشحة لإيقاف المرض وليس لتحسين النظر، لكن من إيجابياته أنه يعطي نتائج طويلة الأمد، وما زال خيارا مفضلا لحالات العروق غير الطبيعية فيتم كي محيط الشبكية. ولقد تغيرت بروتوكولات العلاج في السنوات الثلاث الأخيرة، فأصبح العلاج الأول بالحقن داخل العين لإيقاف نمو تلك الأوعية الشاذة والتخفيف من درجة اعتلال الشبكية وتحسين النظر. واستدركت الدكتورة نويلاتي أن العلاج بالحقن مكلف جدا، وفرصة عودة العروق مرة ثانية كبيرة في حالة توقف العلاج فجأة أو عدم الانتظام في أخذه لغلاء سعره. وعليه يجب موافقة المريض على الانتظام واستعداده لمواصلة العلاج شهريا لمدة 6 8 مرات حتى يستقر الوضع. وأشاد الأستاذ الدكتور الكندري بتطور صناعة الحقن الخاصة بعلاج اعتلالات الشبكية الذي أدى بالفعل لانحسار كبير في استخدام الليزر أو التدخل الجراحي بنسبة 60 إلى 70 في المائة.
وأشار الأستاذ الدكتور سعد وهيب إلى أن هناك ثلاثة أنواع من الحقن المستعملة في علاج الاعتلال الشبكي وهي تشهد تطورا مستمرا سنة بعد سنة، وهي:
أولا: «أفاستين Avastin»: وهو الأقدم، ويستخدم أساسا لعلاج أنواع من الأورام لإيقاف نمو الأوعية الدموية الشاذة، ولوحظ أن نتائجه امتدت إلى الشبكية عند المصابين بتلك الأورام. وقد أعطى نتائج جيدة وبنسبة أمان عالية عند استخدامه (وفقا لدراسات عالمية أميركية وأوروبية)، ويعود له الفضل في توجه الشركات لإيجاد حقن أخرى متخصصة للشبكية تعمل على تحسين الرؤية إضافة لإيقاف المرض. ومن إيجابياته أن سعره في متناول الجميع حتى أطلق عليه (علاج العمى للفقراء Blind cure for the Poor).
ثانيا: «لوسنتيس Lucentis»: له أيضا فاعلية وقدرة على تثبيط الأوعية الدموية الهشة المسببة لاعتلال الشبكية السكري، ويعطى شهريا دون توقف.
ثالثا: «أفليبريست Aflibercept»: ويسمى (إيليا)، يعمل على تثبيط عامل نمو بطانة الأوعية الدموية في العين، وعلاج الأمراض المرتبطة بها، والتي قد تنتهي بالعمى، مثل التنكس البقعي الرطب المرتبط بالسن، والاعتلال الوعائي المشيمي السليلاني، والاعتلال البصري الناجم عن وذمة السكري البقعية. وله نتائج عالية الفعالية والأمان في علاج الاعتلال الشبكي السكري المصاحب بضعف شديد في النظر.
وقد تم مناقشة سبع دراسات عالمية واستعراض أكثر من 50 ملخصا من شركات أبحاث مستقلة، تؤكد على المستوى المتقدم لحقن «إيليا Eyelea» في علاج اعتلال الشبكية السكري بشكل خاص والتي حققت المعايير العالمية في دراسات الأدلة والبراهين في العالم الواقعي (Real World Evidence، RWE)، والتي أجريت في دول مختلفة من العالم، منها اليابان وألمانيا وفرنسا. ومما يميز إيليا أنه يعطى بشكل شهري في الجرعات الست الأولى ثم يمكن إعطاؤه كل شهرين إلى ثلاثة أشهر إلى أن تتحسن الحالة بينما يجب إعطاء الأدوية الأخرى بشكل شهري فقط.
أرسل تعليقك