اختلاف الحياة بين منطقة وأخرى في لبنان
آخر تحديث GMT22:52:28
 العرب اليوم -
أخر الأخبار

الضاحية الجنوبية في بيروت وحي السلم

اختلاف الحياة بين منطقة وأخرى في لبنان

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - اختلاف الحياة بين منطقة وأخرى في لبنان

العاصمة اللبنانية بيروت
بيروت - غنوة دريان 

تختلفُ الحياة بين منطقةٍ وأخرى، في لبنان ، وقد تختلف بين شارع وآخر تمامًا، بين الفوضى التي تزعجُ العينَ والقلبَ معً والهدوءِ المريحِ فرقٌ شاسعٌ ، إلا أنَّ القلوبَ قد لا تختلف والأحلامُ، اعتقدُها لا تفرقُ بين الشوارعِ، تمرُّ ليلًا أو حتى في اليقظة دونَ تمييز ، وقد يكونُ الفرقُ أنَّ الأحلامَ في الشوراعِ الضيقةِ وفي البيوتِ المتراصةِ بِعطف فوق بعضها لا تنامُ ولا تستريحُ.

لا يُخَيّلَنّ إليك حين دخولك الضاحية الجنوبية لبيروت أن تشهده من تنظيم في العمران وتناسق في المشهد كالذي تلحظه وسط العاصمة ، ذاك التنظيم يتلاشى شيئًا فشيئًا كلما ولجت عمق الضاحية أكثر.

حي السلم يرحب بك ، الحي الموسوم بالفوضى والحرمان والأزمات اللامتناهية هو صورة عن أماكن كثيرة ممتدة على طول الوطن ، عند تجوالك في الحي هنا تطالعك وجوه طبعَ الشقاءُ عليها بصمةً لا تزولُ إلا بِقدرةِ قادر.

أما الجدران هنا فتستندُ إلى بعضِها كأنَّ الواحدَ يَستمِعُ أنينَ وشكوى الآخر ، رقيقةٌ هذه الجدرانُ، لا تَحجُبُ عن سُكّانِها أصواتَ الخارِجِ ، وفي الخارجِ تَتناهى إلى أسماعِ المارةِ أحاديثُ البيوتِ ، أصواتُ شجارِ أهلِها ونجواهُم، أصواتُ نشراتِ الأخبار أو المسلسلاتِ التي تُتابِعُها "الصَّبايا" ، تَتطايَرُ تلك الحروفِ وتَلتحمُ معَ ذراتِ المَكان ، قد يفني أصحابُها وتبقى هي ، ومع الزمنِ تتكدَّسُ أكثر.

هذا وقتُ عودةِ الطُّلابِ مِن مَدارِسِهم ، تَزدَحِمُ شوارعُ المنطقةِ "البائسةِ" ، بالباصاتِ المترعَةِ بالأولاد ، عدا عَن العائدينَ مِنهم سيرًا على الأقدام ، هذا الوقتُ بالتحديد بَطيءُ الوتيرة ، لو اتيحَ للطُّرقاتِ أن تُطوي حتى يصِلَ هؤلاءِ إلى منازلهم سريعًا ويضعوا عن كواهلِهم حقائبَهم المثقلةَ بالكتبِ وقلوبَهم المثقلةَ أيضًا على صِغَرِها، فيحظوا بِقِسطٍ من الأمل.

على تلكَ الشُّرفةِ الصغيرةِ والمُطلّةِ على الزُّقاق، اجتمعَ ثلاثةٌ يَحتسونَ القهوةَ، شرابَهم المُفضَّل ، يتناولونّ في حديثِهم شجونَ أيامِهم وأمنياتهم ، أخالُ الحلمَ جليسَهُم الرابع ، ماذا لو كانتِ الشرفةُ أكثرَ اتساعًا ، ماذا لو كانت مطلةً على حديقةٍ تَفتَرِشُها الزُّهور المزركشةُ الألوان ، ليسَ من الضروري أن تكون تلك الحديقة المُتخيّلة كبيرة جدًا ، المهم أن يجد المرء ما يعينه على الاسترخاء بعد يوم منهك للغاية ، سعيًا في تأمين أدنى مستويات العيش الكريم.

الدراجات النارية، في هذا الحي النائي عن عين الدولة، تكاد تضاهي بعددها أنفاس البشر ، مرغمون هم على اقتنائها لتوفير تنقلاتهم بسبلٍ غير باهظة التكلفة.

صخب السيارات وضجيج الحياة هنا لا يترك مجالًا لطيرٍ أن يُرى ، وماذا سيفعل طائر هنا في هذه الفوضى والتبعثر الكئيب ، فالطيور تهوى الهدوء ولا تتخذ من الشقاء مساكن لها ، قد يكون مسكنها في شارع آخر.

لى بعد أمتار من تلك الشرفة المكتظة بالأمنيات حفرة أشغال كبيرة ، منظرٌ لا يروق للمتلذذ بطعم القهوة بعد عناء ، عمال كثر حول الحفرة التي يبدو أن لا وقت أنسب لوضعها عثرة في طريق الناس أكثر من بداية العام الدراسي وفصل الأمطار ، هذه الحفرة التي تنبئ بمشروع عظيم الشأن في المنطقة ، تضيّق العيش أكثر مما هو ضيق وتزيد المشهد المتعب اختناقًا ، هي ليست "الجورة" الوحيدة. ثمة زميلات لها في "الشارع" الذي يبقى إسم "شارع" فضفاضًا عليه كثيرًا.

 على الرغم من أن هذا المشهد يجب أن يكون غير اعتيادي ، إلا أن أهالي حي السلم ألفوا تفاصيل تلك اللوحة التي رسمتها يد الحرمان والإهمال ،
فأنى للشقاء أن يترك هذه الوجوه والمشهد نفسه منذ أعوام خلت، بل يزيد تعقيدًا وبؤسًا ، وبالرغم من تلك اللوحة البائسة إلا أن هناك نسوة لا يمكن أن يستقبلوك بالابتسامة وفنجان الشاي وطبق الفول وحلويات صنعوها على طريقتهم وابتسامتهم تدل على إنهم أصبحوا في أله توأمة ، مع هذا العالم  الغريب وهذه اللوحة التي يملئها الكثير من البؤس والقليل من الأمل أن يتغير الحال من  حال إلى حال أفضل  .

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اختلاف الحياة بين منطقة وأخرى في لبنان اختلاف الحياة بين منطقة وأخرى في لبنان



إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء
 العرب اليوم - أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 10:04 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث
 العرب اليوم - شيرين رضا توضح أسباب غيابها عن رمضان للعام الثالث

GMT 05:45 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 12:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 02:18 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 12:03 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 09:36 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5.1 درجات يضرب جزر ماريانا غرب المحيط الهادئ

GMT 22:02 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتجديد المنزل في فصل الشتاء

GMT 07:54 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حميد الشاعري يكشف تفاصيل بيع بصمته الصوتية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab