أكد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، الأحد، أن الجيش العراقي لم يتمكن من تحرير المدن التي سيطر عليها تنظيم "داعش" لولا تضحيات البيشمركة، فيما قال شهود عيان إن متظاهرين بعضهم يحمل هراوات اقتحموا مبنى برلمان كردستان العراق في أربيل، الأحد، تعبيرا عن غضبهم لقرار مسعود برزاني بالتنحي عن رئاسة الإقليم. وقال بارزاني في كلمة له إن "البيشمركة حاول عدم الدخول باشتباكات مع القوات العراقية، إلا أن الحشد الشعبي تعمد الاشتباك، وبالتالي سقوط ضحايا".
وأضاف "كنا نتوقع من المجتمع الدولي أن يوجه الشكر للبيشمركة على ما قدمته في الحرب ضد تنظيم داعش وتحرير المدن التي سيطر عليها التنظيم"، مشيرا إلى أنه "من غير المعقول أن يستقدم الجيش العراقي والحشد الشعبي اسلحتهم الحديثة للهجوم على مواطني كردستان، ومنها دبابات ابرامز الأميركية وغيرها".
وتابع بارزاني أن "القوى السياسية العراقية تعلم جيدا أن جميع المآسي التي تعرض لها الشعب الكردي لم تتمكن من كسر إرادة هذا الشعب"، مردفا "لازلنا نقول إن الخيار السليمي والحوار هو خيارنا ايضا منذ البداية وحتى الان، ودليل ذلك أن حكومة الاقليم بادرت بتقديم مقترح للحوار". وزاد بارزاني "لو أرادوا تخريب الوضع وافساد تجربة كردستان وفرض ارادة ظالمة فان امامهم الف طريق وطريق، والبيشمركة لن يسمحوا بذلك".
وأوضح "لو يتصورون أن اعداداً من الحشد الشعبي التي تم السماح لهم بالدخول إلى عدد من مدن كردستان، فان هذه الأوضاع والظروف هي مؤقتة ولن تستمر إلى مدى طويل". وشدد على "انني سأبقى بيشمركة مع شعبي، واتمنى منه ان يكون عالي العزيمة والإرادة وأن لا يسمح للاعداء بكسر ارادته وعزيمته".
وبالمقابل قال شهود عيان إن متظاهرين بعضهم يحمل هراوات اقتحموا مبنى برلمان كردستان العراق في أربيل الأحد، تعبيرا عن غضبهم لقرار مسعود برزاني التنحي عن رئاسة الإقليم. وأضافوا أنهم سمعوا أصوات أعيرة نارية في الوقت الذي شق فيه المحتجون طريقهم داخل المبنى. ووصف المحتجون أنفسهم بأنهم من المقاتلين الأكراد "البشمركة". وفي أثناء ذلك ذكرت قناة كردستان 24 أن برلمان كردستان وافق على طلب برزاني التنحي في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني.
وقال بارزاني في رسالته التي تليت الأحد في افتتاح جلسة لبرلمان كردستان "بعد الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، لن أستمر في هذا المنصب وأرفض الاستمرار فيه. لا يجوز تعديل قانون رئاسة الإقليم وتمديد عمر الرئاسة". وأضاف في رسالته "أطلب من البرلمان عقد جلسة لتفادي وقوع فراغ قانوني في مهمات وسلطات رئيس الإقليم ويجب معالجة هذا الأمر"، مؤكدا "سأبقى (مقاتل) بشمركة ضمن صفوف شعب كردستان".
وبدأ برلمان كردستان العراق الأحد جلسة مغلقة في أربيل لتوزيع صلاحيات رئيس الإقليم حتى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعدما قرر البرلمان تجميد أنشطة بارزاني الأسبوع الماضي. وكان من المفترض أن تعقد الجلسة منذ أيام، إلا أنه تم تأجيلها مرات عدة وقد افتتحت بعد ظهر الأحد بشكل مغلق بسبب مسائل حساسة يجب أن تناقش، بحسب ما أفاد نواب. وكانت الدائرة الإعلامية في البرلمان أشارت إلى أن بارزاني بعث برسالة ستتلى أمام الأعضاء، من دون توضيح مضمونها.
لكن مسؤولين في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه بارزاني، قالوا للصحافيين أمام البرلمان، إن رئيس الإقليم سيعلن إنهاء مهماته. ولفت نواب من الحزب إلى أن صلاحيات الرئاسة ستوزع "بشكل مؤقت إلى حين إجراء الانتخابات المقبلة". وكان برلمان الإقليم قرر تجميد عمل هيئة رئاسة الإقليم التي تضم بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ونائبه كوسرت رسول وهو أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني ورئيس ديوان الرئاسة فؤاد حسين.
وبعد فوزه في الانتخابات غير المباشرة في العام 2005، أعيد انتخاب بارزاني مرة أخرى في العام 2009 بنحو 70 في المائة من الأصوات في أول انتخابات عامة، ليبدأ ولاية جديدة من أربع سنوات. وبعد انقضاء المدة، مدد البرلمان الكردستاني عام 2013 ولاية بارزاني لعامين. وعند انتهاء ولايته في العام 2015، بقي بارزاني في منصبه بسبب الظروف التي كانت محدقة بالعراق في أعقاب هجوم تنظيم الدولة الإسلامية وسيطرته على مساحات واسعة من البلاد.
وصدر قرار تجميد أنشطة بارزاني الرئاسية، بسبب عدم تمديد برلمان الإقليم ولايته الرئاسية مجددا بشكل قانوني، الأمر الذي ينهي صلاحياته الرئاسية. وبرزت الأزمة السياسية داخل كردستان العراق ومع الحكومة الاتحادية في بغداد، بعيد إجراء استفتاء على الاستقلال في 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، كان دعا إليه بارزاني. وعلى مت خلافات سياسية داخل البيت الكردي، وأبدت أحزاب سياسية عدة مؤخرا معارضتها لسياسة بارزاني. وتشارك حركة "التغيير" (غوران) المعارضة في الجلسة، بعدما قاطعت جلسات سابقة بسبب الخلافات.
وكانت حركة "التغيير" دعت الأسبوع الماضي، إلى استقالة بارزاني وتشكيل حكومة انقاذ وطني. وقال النائب عن "غوران"رابون معروف قبل بدء الجلسة إن بارزاني "يرمز إلى فشل السياسة الكردية، والشيء الوحيد الذي يجب أن يقوم به هو الاعتذار علنا"، ما أثار غضب أنصار الرئيس الكردستاني المتواجدين في المكان.
وقال مصدر عسكري إن الجولة الثانية من المحادثات العسكرية بين الحكومة العراقية وإقليم شمال البلاد، بدأت الأحد، في محاولة للتوصل لتسوية بشأن انتشار القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها مع الإقليم. وأوضح المقدم سعيد غضبان، الضابط في قيادة عمليات محافظة نينوى (تابعة للجيش العراقي) أن "الجولة الثانية من المحادثات العسكرية بين الحكومة العراقية والإقليم بدأت اليوم، بلقاء عُقد في مقر قيادة عمليات نينوى بمدينة الموصل (شمال) بين رئيس أركان الجيش عثمان الغانمي ووزير داخلية الإقليم كريم سنجاري".
وأشار غضبان إلى أن "الاجتماع يحظى بتنسيق أميركي دون مشاركة مباشرة فيه". ولفت إلى أن "الجانبين يبحثان نشر قوات الحكومة العراقية في المناطق المتنازع عليها". وأضاف "أن الإقليم قد يسلم معبر فيشخابور الحدودي مع سورية خلال الساعات المقبلة، وقد تشرف الحكومة العراقية على إدارة مطارات الإقليم". وتابع غضبان أن "هناك نقاطا لم تحل بعد، تتعلق بانتشار القوات العراقية في ناحيتي القوش وفايدة وقضاء الشيخان شمال الموصل، على مشارف محافظة دهوك، وكذلك في قضاء خبات شرق الموصل على مشارف أربيل".
والسبت، عقد الجانبان جولة أولى من المباحثات في مسعى للتوصل لاتفاق على إعادة انتشار القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها، وتسلم المنافذ الحدودية مع دول الجوار. وتصاعد التوتر بين الحكومة العراقية والإقليم عقب إجراء الأخير استفتاء الانفصال الباطل في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، الذي تؤكد الحكومة العراقية عدم دستوريته، وترفض الدخول في حوار مع الإقليم لحين إلغاء نتائجه. وفرضت القوات العراقية، خلال حملة أمنية بدأت في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، السيطرة على الغالبية العظمى من مناطق متنازع عليها بين الجانبين، بينها كركوك.
أرسل تعليقك