تحتضن العاصمة المالية باماكو, اليوم الأحد، قمة استثنائية لدول الساحل والصحراء التي تضم كلًا من موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد, بمشاركة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون, وتبحث المستجدات الأمنية في الإقليم, وآليات وضع قوة مشتركة أفريقية بالقرب من الحدود الجزائرية لمواجهة التطرف والجريمة المنظمة وتهريب المواد المخدّرة.
ويعد ملف نشر قوة أفريقية مشتركة على الحدود من أبرز الملفات التي ستطرح على طاولة القمة الاستثنائية لدول الساحل والصحراء وذلك بعد تصويت مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وعبر الاتحاد الأوروبي عن استعداده لتقديم دعم للقوة المشتركة يصل 50 مليون دولار، وتحمل مشاركة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون, في هذه القمة في طياتها الكثير من الرسائل أهمها التأكيد على الجهود الفرنسية في دعم قوة مشتركة من الدول الخمس لمكافحة التطرف في منطقة الساحل الأفريقي الشاسعة وذات الحدود المتداخلة التي تشهد اضطرابًا أمنيًا ملحوظًا بالنظر إلى سيطرة التنظيمات الجهادية المرتبطة، بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي الإسلامي وعودة العدو الرقم واحد لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي, زعيم تنظيم " المرابطون " مختار بلمختار إلى الواجهة بقوة في الأيام الأخيرة, وهو يقود نشاطًا مكثفًا لشن حرب شرسة على الجيشين الفرنسي والمالي وقوات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المنخرطة في عملية " برخان " ضد التنظيمات الجهادية في شمال مالي، ومنطقة الساحل الأفريقي, حيث تبنى العديد من العمليات الجهادية, أخيرا, أبرزها قتله لـ 5 جنود تشاديون وإصابة ثلاثة آخرون بجروح خطيرة في فخ نصبه لهم عناصر من " أنصار الدين " في شرق مالي, وما عقد الأمور كثيرًا في المنطقة بروز تنظيم " أنصار الإسلام والمسلمين " الذي يضم أربعة تنظيمات جهادية ينشط على بعد كيلومترات من الحدود الجزائرية.
ويشكل الملف الأمني في منطقة الساحل الأفريقي مصدر قلق كبير بالنسبة لفرنسا والجزائر ودول الساحل, بالنظر إلى خطورة الوضع القائم في المنطقة, واضطرت فرنسا خلال فترة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند, إلى إرسال جنود فرنسيين وطائرات لوقف توغل الجهاديين في إطار عملية " سارفال ", ويواصل اليوم الأحد الرئيس الفرنسي الجديد ايمانويل ماكرون السير على نفس خطى نظيره السابق لكن بطريقة مغايرة نوعًا ما حيث يحاول ماكرون تحقيق إستراتيجية تضمن الأمن والسلم في المنطقة بأعباء مالية أقل من خلال إشراك قوة أفريقية عسكرية مشتركة في الحرب ضد التنظيمات الجهادية.
وفي ظل هذه التطورات الحاصلة, ترفض الجزائر رفضًا قاطعًا المشاركة في أي عملية عسكرية خارج حدودها ويمثل هذا الأمر أكبر عقبة أمام فرنسا التي تسعى جاهدة لإقناع الجزائر بالانخراط في هذه العملية، بخاصة وأنها تمثل أكبر قوة عسكرية إقليمية في المنطقة ولها حدود شاسعة مع دول المنطقة الصحراوية.
وبادر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ وصوله إلى سدة الحكم, بإجراء اتصالين هاتفيين مع نظيره الجزائري عبد العزيز بوتفليقة, بغية اتخاذ إجراءات ملموسة لإحياء اتفاق المصالحة الوطنية مالي الذي ترعاه الجزائر وفق بيان لقصر الإليزيه، ويرى الأستاذ في كلية العلوم السياسية والإعلام في الجزائر عبد العالي رزاقي, إن وضع قوة مشتركة بالقرب من الحدود الجزائرية لمواجهة التطرف والجريمة المنظمة وتهريب المواد المخدّرة, هو مشروع أفريقي من قبل الجنود الأفارقة, فهو مشروع منفصل عن الأمم المتحدة, قائلًا إن الرئيس الفرنسي أعلن عن دعمه وتبنيه وهو لا يريد أن يكون وضع قوة مشتركة أفريقية بالقرب من الحدود الجزائرية تحت وصاية الأمم المتحدة لأهداف خفية, مشيرًا إلى أن ايمانويل ماكرون كان قد تحدث عن هذا المقترح في مشروعه الانتخابي الرئاسي.
وبخصوص موقف الجزائر من هذه القضية, أوضح الأستاذ في كلية العلوم السياسية والإعلام أن اقتراح مشروع الرئيس الفرنسي يحظى بتزكية ودعم الجزائر غير المباشر, فالجزائر أبدت تمسكها ورفضها لإرسال جنودها للقتال خارج الديار, لكنها ستقدم دعمًا لوجستيًا لهذه القوة الأفريقية لأنها تحتضن مقر الاتحاد الأفريقي للتعاون في مجال الشرطة " أفريبول " الذي يختص في مجال مكافحة الجريمة العابرة للأوطان والتطرف معًا, وتابع قائلًا إن الجزائر ستكتفي بتقديم المعلومات بشأن التنظيمات الجهادية وتقديم دعم مادي لهذه القوة لأن الدستور الجزائري يفرض عليها عدم التدخل الأجنبي في أي منطقة كانت خاصة على حدودها لأن القبائل الموجود على الحدود الجزائرية مع مالي مثلًا هي قبائل مشتركة ومختلطة.
أرسل تعليقك