أعلن المغرب وإسبانيا خلال زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى الرباط، الخميس، فتح مرحلة جديدة من الشراكة بينهما على "أسس أكثر صلابة"، واستئناف التعاون في مجالات عدة بعد أزمة دبلوماسية استمرت نحو عام.وبالموازاة مع زيارة سانشيز، تبنى البرلمان الإسباني في اليوم نفسه، قراراً يندد بتخلي الحكومة عن موقفها بشأن النزاع في الصحراء، بعد تبني حكومة سانشيز تأييد الخطة المغربية لحل النزاع في المنطقة.
وتحدّث سانشيز في مؤتمر صحافي في الرباط، عقب مباحثات مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، عن "مرحلة جديدة" من الشراكة المغربية الإسبانية، مبنية على "التفاهم وحسن الجوار".
وجاءت زيارة رئيس الوزراء الإسباني إلى الرباط، بعد أزمة دبلوماسية بين البلدين دامت قرابة العام عقب استقبال إسبانيا زعيم جبهة "البوليساريو" ابراهيم غالي للعلاج، قبل أن ينهيها إعلان إسبانيا تأييد الخطة المغربية لحل النزاع في الصحراء، وتقضي بمنح أقاليم المنطقة حكماً ذاتياً تحت السيادة المغربية.وجدّد سانشيز التأكيد على الموقف بخصوص ملف الصحراء، معتبراً أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية" من أجل تسوية الخلاف.
كما أعلن استئناف العمل تدريجياً في معبري سبتة ومليلية شمال المغرب، وكذلك حركة النقل البحري بين المغرب وإسبانيا، بعد توقف دام عامين، في خضم جائحة كورونا وأزمة دبلوماسية بين البلدين، وذلك ضمن خارطة طريق جديدة في العلاقات بين البلدين.
وقال بيان مشترك عقب مباحثات سانشيز مع الملك محمد السادس، أنه "وعياً من إسبانيا والمغرب بحجم وأهمية الروابط الاستراتيجية التي تجمعهما (...) فإنهما يدشنان اليوم بناء مرحلة جديدة في علاقاتهما الثنائية".
وأشار البيان إلى أن الرباط ومدريد تعتزمان وضع "خارطة طريق دائمة وطموحة تتضمن مجموعة من العناصر التي تهم مختلف أوجه التعاون الثنائي"، مضيفاً أن زيارة رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز إلى المغرب "تشكل لحظة مهمة لتعزيز خارطة الطريق"، وتحديد أجندة اجتماع رفيع المستوى يعقد قبل نهاية هذا العام.
وبحسب البيان، فسيتم الاستئناف الكامل للحركة العادية للأفراد والبضائع بشكل منظم، بما فيها الترتيبات المناسبة للمراقبة الجمركية، وللأشخاص على المستوى البري والبحري.ومن بين العناصر التي تضمنتها خارطة الطريق، إعادة الربط البحري للمسافرين بين البلدين، "حالاً وبشكل متدرج إلى حين فتح جميع الرحلات".
كما سيتم إطلاق الاستعدادات لـ"عملية مرحبا"، وهي عملية تنظم سنوياً لعبور المغاربة المقيمين في أوروبا نحو المغرب خلال عطل الصيف عبر موانئ إسبانيا الجنوبية. واستثنى المغرب الموانئ الإسبانية من تلك الرحلات الصيف الماضي، في خضم الأزمة بين البلدين.
الهجرة.. أبرز القضايا المطروحة
ويُعد ملف الهجرة غير النظامية من أبرز القضايا الأساسية في العلاقات بين البلدين، إذ يُشكل المغرب طريقاً رئيسياً لعبور المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، باتجاه إسبانيا عبر المتوسط، أو براً عبر جيبي سبتة ومليلية.
وكان من بين عناصر الأزمة الدبلوماسية اتهامات من مدريد للرباط بـ"الابتزاز" بملف الهجرة، إثر تدفق نحو 10 آلاف مهاجر بينهم الكثير من القاصرين، على جيب سبتة الخاضع للسيادة الإسبانية شمال المغرب، إثر "تخفيف" مراقبة الحدود من الجانب المغربي.
في هذا الصدد قال البيان المشترك بين المغرب وإسبانيا، إنه سيتم إعادة إطلاق وتعزيز التعاون في مجال الهجرة. مشيراً إلى أنه "في هذا الإطار سيجتمع الفريق الدائم المغربي الإسباني حول الهجرة قريباً".
كما أعلن البيان عن إعادة تفعيل التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك "الاقتصادي والتجاري والطاقي والصناعي والثقافي".وسيكون تسهيل المبادلات الاقتصادية والمواصلات بين البلدين موضوع اجتماع يُعقد قريباً، بحسب البيان المشترك الذي صدر عقب لقاء رئيس الوزراء الإسباني والملك محمد السادس.
وبالرغم من الأزمات الدبلوماسية، إلا أن العلاقات التجارية في تطور مستمر بين البلدين، وتتجاوز 16 مليار دولار، إذ تعد إسبانيا الشريك التجاري الأول للمغرب، فيما يعد الأخير ثالث شريك لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي، وهناك أكثر من 900 شركة إسبانية تستثمر في المغرب.
كما تجمع البلدين شراكات قوية في مجالات "مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة"، إذ تم تفكيك العديد من "الخلايا" بالتعاون بين الأجهزة الأمنية في البلدين.
البرلمان الإسباني ينددوفي مدريد ندد البرلمان الاسباني بتخلي الحكومة عن موقفها بشأن النزاع في الصحراء، بعدما قررت تأييد مقترح المغرب منح المنطقة حكماً ذاتياً.
واعتبر القرار الذي تبناه مجلس النواب أن "تخلي اسبانيا عن حيادها التاريخي إزاء النزاع، يفيد عمليًا دعم الطريق التي يقترحه المغرب، بالتخلي عن أساس حل سياسي مقبول لطرفي النزاع".
ويعد هذا القرار ضربة لرئيس الوزراء الاسباني بيدرو شانشيز، الذي يعاني عزلة بالبرلمان حول هذا الملف.
واتهم قرار البرلمان "جزءاً من الحكومة"، في إشارة إلى الحزب الاشتراكي الذي يقودها، بتعديل "موقفها من جانب واحد" حول الصحراء، "بما يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي"، بدون مناقشة ذلك مع البرلمانيين.
وأكد أن "البرلمان يدعم قرارات الأمم المتحدة وبعثتها لتنظيم استفتاء في الصحراء (مينورسو)". وقد جاء بمبادرة من حزب "بوديموس" اليساري المشارك في حكومة سانشيز. وحظي أيضاً بأصوات 168 نائباً من اليسار واليمين، مقابل 118 معترضاً من نواب الحزب الاشتراكي، وامتناع 61 عن التصويت.
قد يهمك ايضا
رئيس ألمانيا يدعو ملك المغرب لزيارة رسمية بعد انفراجة في العلاقات
انطلاق عملية إحصاء في المغرب خاصة بالتجنيد الإجباري بتعليمات من الملك محمد السادس
أرسل تعليقك