بدأ في ساحة الاحتفالات في العاصمة بغداد صباح السبت، استعراضًا عسكرًيا "كبيرًا" بمناسبة تحرير مدينة الموصل من قبضة تنظيم "داعش"، في وقت واجهت القوات العراقية جيوبًا من المقاومة من "الدولة الإسلامية" في المدينة القديمة في الموصل، أمس الجمعة، بعد خمسة أيام من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي، عن النصر.
وانطلق الاستعراض تحت شعار "التحرير والنصر"، و بحضور رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي وبمشاركة جميع التشكيلات العسكرية والأمنية في وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الحشد الشعبي، و"جمع كبير من عائلات الشهداء"، هذا وتواجه القوات العراقية جيوبًا من المقاومة من "داعش" في المدينة القديمة في الموصل، الجمعة، بعد 5 أيام من إعلان الانتصار على التنظيم، حيث أعلن العبادي في الأسبوع الماضي تحرير مدينة الموصل بشكل كامل من قبضة التنظيم المتشدد بعد معارك دامت لشهور.
وقال سكان إن "طائرات هليكوبتر تابعة للجيش العراقي حلقت فوق المدينة وأمكن سماع دوي انفجارات"، بينما أوضح أحد سكان حي الفيصلية في شرق الموصل خلال مكالمة هاتفية بقوله "سقطت ثلاث قذائف مورتر على حينا"، وكذلك، قال مصدر عسكري عراقي إن قوات من الجيش العراقي ترافقها قوات من "الحشد الشعبي" اقتحمت من 3 محاور قرية الامام غربي التابعة لقضاء القيارة جنوب مدينة الموصل والخاضعة لسيطرة مسلحي "الدولة".
وتمكن التنظيم من السيطرة على قرية "الإمام غربي" في 5 يوليو/تموز الجاري، بعد أن تمكن من اختراق صفوف القوات الأمنية المتواجدة على الأرض، وإجبار أفرادها على الانسحاب إلى خارج حدود القرية، وأشار جبار حسن، وهو ضابط برتبة نقيب في الجيش، إلى أن "قوات من الفرقة المدرعة التاسعة من الجيش العراقي ترافقها قوات الحشد الشعبي اقتحمت مجددا قرية الامام غربي جنوب مدينة الموصل من 3 محاور لاستعادتها من سيطرة الدولة"، موضحًا أن "معارك عنيفة تدور حتى ظهر الجمعة، بين القوات العراقية ومسلحي الدولة الذين تحصنوا داخل المباني وانتشروا في الشوارع الرئيسة للقرية لايقاف تقدم القوات العراقية"، مؤكدا أن "طيران الجيش العراقي يشارك في دعم الإسناد للقوات على الأرض".
واستطاعت القوات العراقية، في 26 أغسطس/آب 2016 استعادة ناحية القيّارة (60 كلم عن مدينة الموصل) من قبضة "الدولة" بعد حصار دام 7 أشهر أعقبته معارك شرسة استمرت 50 يومًا، وفي 17 أكتوبر/تشرين أول 2016، بدأت القوات العراقية حملة استعادة الموصل بدعم من التحالف الدولي المناهض لـ"داعش" بقيادة الولايات المتحدة، ومشاركة نحو 100 ألف من القوات العراقية وفصائل شيعية مسلحة وقوات الإقليم الكردي البشمركه، وقد استعادت تلك القوات كامل الشطر الشرقي من المدينة في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، ومن ثم بدأت في 19 فبراير/شباط حملة استعادة الشطر الغربي قبل الإعلان رسميًا عن تحرير المدينة بالكامل الاثنين الماضي.
ونشر تنظيم "داعش" إحصائية عن المعركة التي استمرت تسعة شهور متواصلة، وقال، في إحصائية نشرها بمجلة "النبأ" الأسبوعية، الخميس، أنه قتل أكثر من 11 ألفا و700 عنصر من القوات العراقية ومليشيات الحشد الشعبي والبيشمركه، وأوضح أن معركة الموصل خلّفت عشرات الآلاف من الجرحى والمعاقين من القوات العراقية، مشيرا إلى أن عناصره تمكنوا من قنص 1629 عنصرًا، ووفقا للتنظيم، فإن 482 من عناصره فجروا أنفسهم خلال معركة الموصل، حيث أسفرت تلك العمليات، بالإضافة إلى استهداف الجنود، عن تفجير وإعطاب أكثر من ألف عربة همر، ومئات الآليات الأخرى، إضافة إلى إسقاط 15 مروحية، ونحو 100 طائرة استطلاع.
وبيّن التنظيم أن القوات العراقية لم تحسم المعركة بعد، معتبرًا أن ما تبقى من عناصره داخل المدينة القديمة، وبعض أحياء الموصل، سيقاتلون حتى الرمق الأخير.، كما شدد على أن الأيام الماضية شهدت العديد من الاغتيالات لضباط عراقيين داخل الموصل، إضافة إلى تفجير عبوات ناسفة استهدفت آليات الجيش العراقي، وحسب التنظيم بعد إعلان تحرير مدينة الموصل بشكل رسمي، تمكن من قتل وإصابة نحو 90 عنصًرا من القوات العراقية داخل المدينة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة "البيشمركة" في حكومة إقليم كردستان عن عدد الضحايا من القتلى والجرحى في صفوف القوات الكردية، منذ بدء المعارك ضد تنظيم "الدولة"، واشارت مؤسسة "صحة البيشمركه" التابعة للوزارة، في بيان إن "معارك المواجهة مع تنظيم داعش ومنذ بدايتها ولحد 10 من شهر تموز الجاري، أسفرت عن مقتل 1745 من البيشمركة، بالإضافة إلى إصابة 10 آلاف و69 من البيشمركة بجروح مختلفة، حيث أدى البعض من تلك الإصابات الى إعاقات جسدية تسببت في إحالة المصاب إلى التقاعد، فيما أصبح 63 من البيشمركة في عداد المفقودين بسبب المعارك مع داعش في تلك الفترة".
وأكدت المؤسسة في بيانها بأن "محافظة السليمانية ستشهد في غضون ثلاث أشهر المقبلة، افتتاح ثالث مستشفى للطوارئ داخل مستشفى شورش الخاص بوزارة البيشمركة"، بحيث يصبح اكبر مستشفى على مستوى الإقليم من حيث المساحة وبإمكانه اسقبال 40 مريضا في وقت واحد وتقديم الخدمات الصحية والعلاجية لهم، وأشار البيان إلى أن "نسبة 80 في المئة من مشروع المستشفى تم إكماله لحد الآن، كما أن الجهات المعنية تعاقدت لشراء الأجهزة والمعدات الطبية للمستشفى".
وفي غصون ذلك قالت صحيفة التايمز إن تحرير الموصل من مسلحي تنظيم الدولة قد يكون لم يعلن رسميا ولكنه تم واكتمل، بعد ان احتلها التنظيم منذ ثلاث سنوات، وفي عملية بدأت منذ تسعة أشهر، تمكن قوات بقيادة الجيش العراقي من استعادة الشطر الشرقي من المدينة أولا ، ثم في مايو/أيار بدأت الهجوم لتحرير الشطر الغربي من المدينة.
وتلفت الصحيفة إلى أن تحرير الموصل لحظة ذات أهمية رمزية في التصدي للتطرف الإسلامي، فالمعاناة التي تسبب فيها تنظيم الدولة تعد من أكثر لحظات التاريخ الإنساني وحشية. وترى الصحيفة أن ذلك قد يغري القوات العراقية أن ترد الصاع صاعين وتعاقب مسلحي التنظيم بوحشية، ولكن حتى يستمر انتصارها عليها ألا تفعل ذلك، كما تقول الصحيفة إن أبو بكر البغدادي أعلن إقامة خلافة الدولة الإسلامية في مسجد الموصل الذي يرجع للقرن الثاني عشر، الذي دمره التنظيم لاحقا في إحدى هجماته. وتضيف أن المدينة التي يبلغ تعدادها مليوني شخص تحولت إلى سجن كبير تحت حكم التنظيم، حيث منع السكان من المغادرة وتحولت النساء إلى سجينات وسبايا.
وتوضح الصحيفة أن الهجمات بقيادة الولايات المتحدة أودت بحياة الكثير من هؤلاء المدنيين في معارك تحرير الموصل، ولكنها تضيف أن تفادي ذلك كان أمرا شبه مستحيل، نظرا لأن التنظيم كان مصرا على التسبب في أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية والمعاناة في المدينة ذات الكثافة السكانية العالية، مضيفة أنه ترد بالفعل تقارير عن عمليات انتقامية وإعدامات دون محاكمة للذين يشتبه في انتمائهم للتنظيم أو للتواطؤ معه، وترى أن الانتقام لا يولد إلا الانتقام والعنف، مختتمة في افتتاحيتها قائلة إن العراق وحلفاءه يجب أن يعملوا معا لتخفيف معاناة المشردين الذين فقدوا ديارهم بسبب التنظيم.
أرسل تعليقك