أكد رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي أنّ بلاده ستقوم بما يلزم ضدّ إعلان برلمان كاتالونيا أمس الجمعة الاستقلال عن إسبانيا. واعتبر أن القرار "غير ممكن إطلاقا"، داعيا كافة الإسبان والكاتالونيين إلى "ضبط النفس والتحلي بالصبر" حيال إعلان الاستقلال، مشددًا على أنّ "حكومته ستتخذ الإجراءات اللازمة ضدّ هذه الخطوة التي وصفها بـ "الجريمة".
وقد أتى ذلك بعد إعلان راخوي، حل حكومة الإقليم ذاتي الحكم، وتحديد يوم 21 ديسمبر/ كانون أول المقبل، موعداً لتنظيم انتخابات محلية مبكرة بالإقليم. ونقلت وكالة الأنباء الإسبانية "إفي" عن مصادر في الحكومة، أن بين الأشخاص الذين تمت إقالتهم، وفقاً للمادة 155 من الدستور الإسباني، رئيس حكومة كتالونيا، كارليس بوغديمونت، ونائبه، أوريول جونكويراس، و11 وزيراً محلياً، والأمين العام لداخلية الإقليم، سيزار بويغ، ومدير عام الشرطة المحلية، بير سولر.
وأشارت المصادر أن من ضمن المقالين، موظفي ممثليات الإقليم في كل من ألمانيا وفرنسا وسويسرا وبريطانيا وإيرلندا والنمسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها. وأوضحت أنه مع نشر قرار حكومة مدريد إقالة أعضاء حكومة كتالونيا، والأشخاص الآخرين في الجريدة الرسمية، سيكون الموظفون المذكورون قد أقيلوا تلقائياً من مناصبهم.
وكان برلمان كتالونيا، أعلن أمس وبشكل أحادي، الانفصال بشكل نهائي عن الحكومة الإسبانية المركزية، الأمر الذي يعكس التوتّر الطاغي على علاقات الإقليم مع مدريد. وأظهرت نتائج التصويت الذي جرى عبر الاقتراع السري المباشر، تفوق الأصوات المؤيدة للانفصال عن إسبانيا بواقع 70 صوتا، مقابل 10 أصوات رافضة، وصوتان اثنان فارغان، من أصل 135 عضوا.
وعقب إعلان نتيجة الاقتراع، تدفقت حشود من مؤيدي الانفصال عن مدريد، بالإقليم إلى الشوارع الرئيسية في الأحياء الكبرى، مرددين هتافات وأغاني محلية.
هذه الخطوة الانفصالية الكاتالونية لاقت ردود فعل متباينة، بين رفض، ودعوة إلى الحوار، واعتباره شأنًا إسبانيًا داخليًا، وصمت روسيا والصين. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريتش، كلاً من مدريد وإقليم كتالونيا إلى التوصل إلى "حل في إطار الدستور"، إثر إعلان الإقليم استقلاله.
فيما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، رفضها لانفصال الإقليم، وتأييدها للإجراءات الدستورية التي ستتخذها مدريد "من أجل الحفاظ على وحدة البلاد". وقال بيان صادر عن مكتب المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، إنّ "كاتالونيا جزء لا يتجزأ من إسبانيا، والولايات المتحدة تدعم التدابير الدستورية للحكومة الإسبانية للحفاظ على البلاد قوية وموحدة".
وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، معلّقاً على إعلان الانفصال "لم يتغير شيء بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ما تزال إسبانبا الجهة الوحيدة التي نتحاور معها". بدوره، أعلن رئيس البرلمان الأوروبي، أنطونيو تاجاني، اليوم، أن الدول (الـ28) الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لن تعترف باستقلال كتالونيا.
أمّا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، فاعتبر إعلان الإقليم الاستقلال من طرف واحد، "شأنًا إسبانيًا داخليًا". وقال ستولتنبرغ، "يجب أن تُحل أزمة كتالونيا، في إطار الدستور الإسباني".
كذلك لم يتأخر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في تعليقه حيث قال: "أعلن دعمي الكامل لرئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، من أجل فرض سيادة القانون في إسبانيا عقب إعلان برلمان كتالونيا الاستقلال". وأضاف، في تصريحات إعلامية من غويانا الفرنسية (أحد الأقاليم الخارجية في أميركا اللاتينية) "لدي جهة أتحاور معها في إسبانيا، وهي رئيس الوزراء (ماريانو) راخوي".
أما بريطانيا فقد أعلنت أنها لا تعترف بإعلان إقليم كتالونيا من جانب واحد، اليوم الجمعة، الاستقلال عن إسبانيا. وقالت رئاسة الوزراء البريطانية، في بيان، إن "المملكة المتحدة لا تعترف بإعلان استقلال برلمان إدارة إقليم كتالونيا من جانب واحد". وأرجعت موقفها إلى أن "القرار (الخاص بإعلان الاستقلال) يستند إلى تصويت تعده المحاكم الإسبانية غير قانوني".
ودعت بريطانيا إلى "ضرورة حماية سيادة القانون في إسبانيا، واحترام دستورها ووحدة أراضيها".أعلنت تركيا، مساء الجمعة، وقوفها إلى جانب إسبانيا ضد انفصال إقليم كتالونيا، متمنية عدم إصرار إدارة الإقليم على قرارها الأحادي الجانب.
وقالت الخارجية التركية في بيان، "نتمنى عدم الإصرار على القرار الأحادي الجانب الفاقد للشرعية الدستورية الذي من شأنه التصعيد وخلق توتر، كما نتمنى إيجاد حل في إطار الديمقراطية وسيادة القانون". وشدد البيان على أن "قرار برلمان إقليم كتالونيا ذاتي الحكم ليس خطوة في الاتجاه الصحيح". وأكدت الخارجية التركية على "ضرورة احترام وحدة أراضي إسبانيا ودستورها وإرادة الشعب الإسباني".
كذلك أعلنت الحكومة الألمانية، اليوم الجمعة، أنها لا تعترف بإعلان إقليم كتالونيا من جانب واحد، الاستقلال عن إسبانيا. وفي تغريدة له على "تويتر"، قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفان سيبرت، "نراقب بقلق الوضع في كتالونيا". وأضاف: "الحكومة الألمانية لن تعترف بالاستقلال الكتالوني الأحادي الجانب. ولا يمكن انتهاك سيادة إسبانيا ووحدة أراضيها".
وأكد سيبرت، دعم بلاده موقف رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي، لإعادة إرساء النظام الدستوري. وأعرب عن أمله في استخدام الأطراف فرص الحوار وتخفيض التوتر.
أرسل تعليقك