قفل الباب الحديدي
آخر تحديث GMT12:57:09
 العرب اليوم -

قفل الباب الحديدي

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - قفل الباب الحديدي

الكاتب عبد القادر كعبان
بقلم ، عبد القادر كعبان

وقع المفتاح من بين أصابع يدي، حاولت التقاطه، تذكرت ذلك العجوز يعبث بأكياس القمامة، سقط وهو يحاول استبعاد بعض القطط الجائعة مثله، عدت وفتحت قفل الباب، فجأة سمعت صراخ طفل ابن الجيران، وقفت دقائق متسائلة، ما سر البكاء اليومي لهذا الطفل؟!

لطالما كنت أسمع صراخه وشجارا يحدث بين والديه كلما حدث ذلك، ترددت دائما في التدخل لمعرفة سر ذلك البكاء، قلت في نفسي، ربما هو يشعر بالجوع أو هو مبتل كباقي الأطفال، كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، وقت عودتي من العمل متعبة، لم أقو على الوقوف، دون أن أطرق ذلك الباب الحديدي، ترددت هنيهة ثم طرقته بيد مرتجفة، سمعت صوتا يسأل من وراء الباب، من الطارق؟

فقلت بنبرة ثقة جارتك، افتحي من فضلك.

كان مظهرها غريبًا وكأنها سجينة تتلهف عيونها لرؤية ضوء الشمس، تحمست لمعرفة سر الزيارة المفاجئ، ثارت العاصفة حينما سألتها عن سر بكاء ولدها، أحست وكأنها تواجه فضيحة، صرخت قائلة لم يبق إلا أنت يا محققة، أتعلمين هو طفل لا يختلف عن أمثاله المزعجين في بلدنا البائس، كم أكره صراخ هذا الطفل وصراخ والده! تمنيت لو كنت عاقرا.

شعرت بدوار مفاجئ وذعر صامت، الكثيرات من العوانس في أيامنا  يحلمن بفرصة الزواج والإنجاب، وأخريات يرفسن نعمة الخالق الوهاب، بعد جهد مليء بالغضب والغليان فهمت منها أن زوجها عاطل عن العمل ويتعاطى المخدرات، لم تكن تعلم أنه يرفض فكرة الإنجاب، عاد نواح الطفل يتزايد، أسرعت وضمته إلى صدرها محاولة إسكاته، تلتها لحظات قصيرة من توقف صراخه، أخبرتني أنها تعاني مشاكل مالية وزوجية معه، يخرج كل يوم صباحا ويعود متأخرا كل ليلة، تنكفئ هي الأخرى وحيدة تغالب دموع الأسى القاهرة.

شعرت برعشة ألم، رعشة عطف وإشفاق، فشلت في إقناعه بضرورة بحثها عن فرصة عمل، تلقت منه الضرب والشتم، استمرت دموعها الساخنة تمتزج بصراخ طفلها الجائع، أحسست في أعماق نفسي أنها تحتاج المساندة، فتحت حقيبتي الصغيرة، أعطيتها مبلغا من المال لشراء الحليب والحفاضات لذلك المسكين، عادت نظراتها تقول لي: أرجوك أحتاج منك المساعدة.

ارتمت علي تقبل يدي، حاولت إبعادها مستغفرة الرحمن، وعدتها بمساعدتها كي تبحث عن عمل كخادمة في احد البيوت، ضممتها إلى صدري وربت عليها بعطف، قبلت ذلك الطفل بحنان وانسحبت أتنفس الأمل بعيدا عن صراخ وردة متفتحة تلتهمها الأشواك.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قفل الباب الحديدي قفل الباب الحديدي



GMT 12:47 2023 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

القلب الممتلىء بالوجع

GMT 07:51 2023 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لم يعد مهمّاً بعد اليوم أن يحبّنا أحد

GMT 09:57 2023 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

فلسطين والقدس الأبية

GMT 06:48 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

لماذا أكتب لك؟؟ وأنت بعيد!!

GMT 06:44 2023 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أنا النزيل الأعمى على حروف الهجاء ( في رثاء أمي الراحلة)

GMT 11:33 2023 الخميس ,07 أيلول / سبتمبر

السقيفة الملعونة

GMT 10:21 2023 السبت ,26 آب / أغسطس

أنت الوحيد

درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:30 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - مزايا وعيوب الأرضيات الإيبوكسي في المساحات الداخلية
 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 10:13 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

لافروف يُحذر من استمرار حرب غزة وامتدادها إلى لبنان
 العرب اليوم - لافروف يُحذر من استمرار حرب غزة وامتدادها إلى لبنان

GMT 12:19 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

"غوغل" تتيح المركبات ذاتية القيادة للعامة في أميركا
 العرب اليوم - "غوغل" تتيح المركبات ذاتية القيادة للعامة في أميركا

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي

GMT 07:46 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

إصابة خطيرة لفارغا لاعب منتخب المجر في يورو 2024
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab