أزواج مع وقف التنفيذ في المغرب
آخر تحديث GMT12:57:09
 العرب اليوم -

أزواج مع وقف التنفيذ في المغرب

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - أزواج مع وقف التنفيذ في المغرب

الدار البيضاء - سعيد بونوار

"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، والزواج يجد تفسيره الوضعي المستوحى من المنهاج الديني في أولى بنود مدونة الأسر المغربية بالقول إنه"ميثاق تراض وترابط شرعي بين رجل وامرأة على وجه الدوام، غايته الإحصان والعفاف وإنشاء أسرة مستقرة، برعاية الزوجين"، ربما لا تحيد التشريعات السماوية ومعها الدنيوية عن قاعدة التأكيد على أن الزواج سكن وتساكن وسكينة، بين رجل وامرأة يستحب أن يجمعهما مسكن الزوجية بليله ونهاره. ولكن واقع فتنة الحياة وظروف المعيشة أبى إلى أن يدمر هذا السكون المسكون بالسكينة، وصارت سكاكين التقويض تهز كيانه، وتهد ثوابته، وبات الزواج رباط على ورق، محكوم بعالم افتراضي قد لا يلتقي فيه الزوج بزوجته، ولا يرى فيه الأب أبناءه إلا من هاتف أو رسالة قصيرة أو "دردشة" على النت والمواقع الاجتماعية. في المغرب وكغيره من الأقطار الإسلامية التي تنظر إلى الزواج  كرباط متين، راح حبل الود محكوم بالتمزق، والباعث "عيش الزوج بعيدا عن زوجته"، والأولاد بعيدا عنهما الاثنين، ليتحول الرباط إلى تباعد وقد يولد "تنافرا" بتبعات نفسية وحياتية جسيمة. ألاف الأسر في المغرب تعيش بآباء مع وقف التنفيذ، وبأمهات في "سراح مؤقت"، وببيوت بلا جدران، ليس السبب طلاقا أو خصومة أو تفريق بموجبات قانون أو حتى بعد بدافع سجن، وإنما بالمهنة والوظيفة. في طليعة الأسر التي تعاني من غياب الزوج، نجد الأزواج الذين دفعتهم ظروف الحياة إلى الهجرة خارج الوطن للعمل في أوروبا أو الخليج أو أي قطر آخر، أزواج لا يلتقون بزوجاتهم إلا مرة في السنة وقد تتباعد المدة، وآخرون يعيشون تحت سقف القطر ذاته، إلا أن ظروف العمل دفعت الزوج للعمل في مدينة والزوجة في مدينة وقد يكون عش الزوجية في مدينة أخرى، وهي الحالة التي تنطبق على الأساتذة والمعلمين الذين يقودون حركات الاحتجاج مع بداية أو نهاية كل موسم دراسي، مطالبين الدولة بإلحاق زوجاتهم العاملات بالتدريس أيضا بهم. إشكال إلحاق الزوجة الموظفة بالزوج يؤرق الحكومة، فمناصب الشغل الشاغرة لا تسمح بتيسير أمر التحاق جميع الزوجات العاملات بالوظيفة العمومية أو العامة بأزواجهن. وقالت مدرسة تدعى فاطمة الينبوعي "مرت الآن خمس سنوات وأنا أنتظر اللحاق بزوجي الذي يعمل بالدار البيضاء، بينما أنا أتولى التدريس بكلميم، والمسافة التي تفصل بيننا تتعدى الـ600 كيلومتر، والمفجع حقا أن أولادنا الصغار يعيشون في بيت جدتهم بمراكش،فأين هي الأسرة من هذا كله؟". سيناريو يتكرر على أكثر من واجهة، ولا يعني المدرسين فحسب فرجال السلطة وبينهم رجال الشرطة  والجنود الذين بفرض قانون عدم بقائهم في منطقة واحدة لأزيد من 4 سنوات عليهم الترحال كل مرة، وهو ما يكاد يقلب حياة أسرهم رأسا على عقب، فبعد أن يألف الأبناء المُقام في مدينة ما يصدر قرار التنقيل إلى منطقة أخرى ليحول حياة الأسرة إلى جحيم يومي، فالزوج المسؤول يضطر إلى السكن لوحده في المنطقة المنقول إليها بينما يبقى على الأبناء والزوجة إما مرافقته أو إلقاء في مدينتهم لتُفتح صفحة أخرى من صفحات التباعد. ويروي رجل سلطة كيف أنه كان ينتظر الإجازة السنوية للمكوث مع أبنائه لأقل من أسبوعين ليعود إلى عمله في جنوب المغرب بينما أسرته في الشمال، والمسافة الفاصلة بينهما تتعدى الـ2800 كيلومتر. وتروي الأستاذة الجامعية عائشة، ن كيف أنها قضت 6 سنوات بعيدة عن زوجها،إذ ما أن أعلنت خطوبتها وهو العامل بسلك الشرطة، حتى صدر قرار بنقله إلى مدينة نائية، وكانت هي في أولى سنوات تخرجها، فكانت السنوات الأولى التي يفترض أن تكون للعسل، "قطرانا" سود العلاقة بينهما، وكان غالبا ما يتسلل الشك ليمزق حبل الود بينهما. ويتدخل عامل عمل الزوجة ليزيد من صعوبة جمع الشمل، فالزوجة غالبا ما ترفض المكوث بالبيت إن هي أرادت اللحاق بزوجها كلما جرى تحويله من مكان إلى آخر بسبب طبيعة الوظيفة، وإصرارها على الشغل يدفعها إلى البقاء قريبة من محيط عملها لا من محيط حضن الرجل. هكذا تناقض الوظيفة بنيان الأسرة، وتجعل من شرط الزواج السؤال عن مهنة الرجل، وهو ما يلتزم به عدد من أولياء أمور الراغبات في الزواج، فالرجل المحكوم بالتنقل بحكم طبيعة عمله مدعو إلى إلغاء فكرة الزواج إلى أن يستقر على حال مهني، لا أن ينشد اٌستقرار الأسري، فهو أصعب ,أشد مرارة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزواج مع وقف التنفيذ في المغرب أزواج مع وقف التنفيذ في المغرب



درّة تتألق بفستان من تصميمها يجمع بين الأناقة الكلاسيكية واللمسة العصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:30 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - عرض فساتين وإكسسوارات الأميرة ديانا في مزاد علني
 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"
 العرب اليوم - مزايا وعيوب الأرضيات الإيبوكسي في المساحات الداخلية

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab