ذكرى حرب السويس

ذكرى حرب السويس

ذكرى حرب السويس

 العرب اليوم -

ذكرى حرب السويس

بقلم : مصطفى الفقي

فى مثل هذه الأيام، منذ واحد وستين عامًا، وقف «جمال عبدالناصر» ليعلن من فوق منبر «الأزهر الشريف» أننا سنقاتل ولن نستسلم، وكان ذلك ردًا على مؤامرة السويس التى تمثلت فى إنزال قوات بريطانية وفرنسية فى «بورسعيد» مع زحف إسرائيلى فى «شبه جزيرة سيناء»، ولعل التاريخ يذكر جيدًا أن «حرب السويس» كانت واحدة من أكثر الأحداث تأثيرًا فى مجريات الأمور، فهى الحرب التى يجرى التوقيت بها، فيقال ما قبل حرب السويس وما بعدها، لأنها كانت نقطة فاصلة فى استراتيجيات المنطقة وأهمية دولها والأوضاع القادمة إليها، إنها الحرب التى جرى فيها التآمر البريطانى الفرنسى الإسرائيلى، كلٌّ لأسبابه ودوافعه، وذلك ردًا على تأميم «مصر» لـ«قناة السويس» قبل ثلاثة عشر عامًا من انتهاء اتفاق الامتياز الخاص بتلك الشركة، كما أن كل دولة كانت لها أجندة مختلفة، فرئيس وزراء بريطانيا «أنطونى إيدن» كان يضمر كراهية عميقة لـ«عبدالناصر» وثورته و«مصر» ونظامها الجديد، خصوصًا أن قوات بلاده كانت قد غادرت «مصر» قبل ذلك بشهور قليلة وفقًا لاتفاقية الجلاء بين «مصر» و«بريطانيا»، أما «جى مولييه» رئيس وزراء فرنسا فقد كانت لبلاده أسباب أخرى، فى مقدمتها دعم «القاهرة» لـ«الثورة الجزائرية» فضلًا عن العلاقات (الفرنسية- الإسرائيلية) التى كانت متنامية فى ذلك الوقت على المستويين التكنولوجى والعسكرى، خصوصًا أن «فرنسا» هى راعية المشروع النووى الإسرائيلى فى بدايته، كما أن «فرنسا» كانت الدولة الراعية لمشروع حفر القناة منذ أيام «ديليسبس»، وبالتالى فقد كان تأميم الشركة بمثابة لطمة على وجه تلك الفترة من الدور الفرنسى فى المنطقة، أما «إسرائيل» فقد كان لها عشرات الأسباب فى أن تلحق بالمؤامرة وأن تمضى مع المتآمرين، فقد كان الشعور بالقلق فى «تل أبيب» شديدًا تجاه الضابط الثائر الشاب البكباشى «جمال عبدالناصر»، إذ إن ذلك الكولونيل المصرى كان يتوعد المد الأجنبى فى المنطقة ويناهض بضراوة الوجود الصهيونى فيها، فكان من الطبيعى أن تتحمس «إسرائيل» لتوجيه ضربة له ولنظامه، وهكذا التقت إرادة الدول الثلاث على هدف خسيس واحد، وربطتها مؤامرة تعتبر واحدة من أشد المؤامرات انحطاطًا فى التاريخ الحديث، ولقد واجهت «مصر»- ومعها دعم سوفيتى حينذاك وحماس دولى أيضًا- تلك المؤامرة، وتمكنت من تحويل الهزيمة العسكرية إلى انتصار سياسى، ولقد انطلقت شعبية «عبدالناصر» من «حرب السويس» والظروف المحيطة بـ«العدوان الثلاثى» إلى جانب الحماس القومى الذى شد الملايين نحو «القاهرة» تأييدًا لـ«عبدالناصر» ودعمًا لرفاقه، وأتذكر الآن عندما دعتنى «كلية الدراسات الشرقية والأفريقية» فى «جامعة لندن»، حيث حصلت على الدكتوراه منها عام 1977 لإلقاء محاضرة تتضمن ملاحظات جديدة حول الشخصيات المطروحة على الساحة مع اهتمام خاص بـ«حرب السويس» ونتائجها الدولية والإقليمية وتأثيرها على مسار العلاقات الدولية المعاصرة، وقد كان من بين الحضور وزراء ومسؤولون كبار وأكاديميون ورجال إعلام من «بريطانيا» ودول «الشرق الأوسط»، وكان من بينهم وزير خارجية «مصر» الراحل «أحمد ماهر السيد»، وعندما دعيت لإلقاء كلمتى فى الكلية التى تخرجت فيها أمام حشد متميز فى ذكرى مضى نصف قرن على «حرب السويس»، طالبت صراحة باعتذار رسمى من الحكومة البريطانية عن جريمة تلك الحرب، بل أضفت إليها ما جرى قبل ذلك بمائة عام أخرى، وأعنى بها مأساة «دنشواى»، وكان ذلك فى غمار موجة اعتذارات دولية عن جرائم تاريخية وفقًا لـ«الفلسفة اليابانية» فى تقديم الاعتذار إذا ما اقتضى الأمر، خصوصًا أن «إيطاليا» كانت قد اعتذرت لـ«القذافى» عن جريمة إعدام «عمر المختار» والمعاملة الوحشية ضد قيادات الحركة الوطنية الليبية، ولقد جرى تسجيل جلسات تلك الندوة التاريخية متضمنة كلمتى التى أشرت إليها بما تضمنته من انتقادات حادة للسياسات الاستعمارية التى دفعنا ثمنًا غاليًا لها، وها نحن نعيد التذكير بها فى ذكرى العدوان الثلاثى عام 1956.

 

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 20:05 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

من دفتر أحوال مصر.. فصل جديد

GMT 18:58 2024 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

مصر فى عيون شرق وغرب المتوسط

GMT 19:18 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

الكفاءات الصاعدة والجيل الجديد

GMT 19:22 2024 الإثنين ,11 آذار/ مارس

ملاحظات حول السابع من أكتوبر 2023

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى حرب السويس ذكرى حرب السويس



نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
 العرب اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 22:30 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

رانيا يوسف مطربة لأول مرة في عمل غنائي جديد

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

مدخل إلى التثوير!

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

فيلبي وحفيدته سارة... وإثارة الشجون

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 00:02 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 13:58 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

GMT 18:07 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

فرص للسلام في الشرق الأوسط!

GMT 18:04 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

«إني متوفيك ورافعك»

GMT 17:57 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

‎الممر البحرى الأمريكى و٧ مخاوف مشروعة

GMT 13:53 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab