عماد الدين أديب
مرة أخرى تحدث «بروفة» فاشلة للربيع العربى فى بيروت!
قام آلاف الشباب النبلاء المخلصين من الشعب اللبنانى بحركة احتجاجية على صفحات التواصل الاجتماعى ترفض حالة الإهمال الحكومى لملف النفايات التى تحتل العاصمة اللبنانية منذ أكثر من 6 أسابيع دون حل.
تحولت مطالب الحركة من نفايات «الزبالة» إلى ثورة على «زبالة» الطبقة السياسية فى البلاد، سواء كانت تنتمى إلى الحكم أو إلى المعارضة.
خرج الشباب غير المسيس، غير الملتحق بأى من الأحزاب السياسية، ليعلن ثورته الشاملة على الجميع وعلى كل شىء فى وقت واحد.
خرج الشباب بحركة احتجاجية ضد توزيع السلطة على القوى التقليدية التى أصبحت بمثابة مافيا سياسية.
وخرجوا أيضاً ضد تحول 19 طائفة دينية ومذهبية فى لبنان إلى «كانتونات» طائفية تراعى مصلحة الطائفة دون مراعاة لمصلحة الوطن والشعب.
خرج الشباب كى يطلقوا صرخة غضب، لشعورهم بأن الوطن يضيع من بين أيديهم لمصلحة الفساد العميق فى كل معاملات الدولة من النفايات إلى الكهرباء، ومن النفط إلى تملك الأراضى، ومن فساد الطعام إلى تدهور الخدمات الصحية.
خرجوا جميعاً وبداخلهم ثورة وحلم نبيل، لكن دون تنظيم أو قيادة أو برنامج أو رؤية عميقة.
الاحتجاج وحده لا يكفى لإحداث التغيير، والغضب وحده لا يمكن أن يبنى دولة عصرية، والرفض لكل رموز النظام دون وجود تصورات عملية وبرامج تنفيذية لن يؤدى إلى الإصلاح المنشود.
إنه الخطأ الكلاسيكى الذى يصيب كل حركات الثورة فى عالمنا العربى.
هذا الخطأ يخلق الفرصة الذهبية التى تنتظرها قوى خبيرة ومحترفة فى سرقة حركة الجماهير، واختطاف إرادة الشعب.
واليوم تقف لبنان أمام مفترق طرق حاد ومخيف، تكاد تتحول فيه البلاد إلى ما يُعرف فى علم السياسة بما يسمى «الدولة الفاشلة» غير القادرة على انتخاب رئيس منذ 11 شهراً، وتحولت حكومتها إلى حكومة تصريف أعمال، وأخذ برلمانها عطلة طويلة.