علينا كنخبة سياسية مصرية أن نتلقى دروساً مكثفة فى محو الأمية فيما يمكن وصفه بـ«آداب الخلاف فى المسائل الوطنية».
من حقنا أن نختلف على مواقفنا وآرائنا ومشاعرنا تجاه النظام أو الحكومة أو الرئيس.. هنا أتحدث عن أى نظام وأى حكومة وأى رئيس فى أى عهد من العهود.
والاختلاف هو من طبيعة خلق الخالق، ولو شاء الله لخلقنا على هيئة واحدة وعقل واحد ورؤى واحدة.
الاختلاف هو سنّة كونية من سنن الحياة، لذلك علينا أن نعترف بضرورة وجودها ونحترم قيمتها السامية فى حياتنا.
الأزمة ليست فى أن نختلف ولكن فيم نختلف؟ وكيف نختلف؟
علينا أن نتحضر ونتصرف برقى فى خلافاتنا، فلا تقهر الأغلبية رأى الأقلية، ولا تقوم الأقلية بتجريح الأغلبية.
ويمكن الخلاف فى أى شىء إلا فيما له علاقة بمصلحة الوطن والناس.
وليكن مقياسنا هو أن كل ما يفيد مصر وشعبها هو أمر أدافع عنه، وكل ما يضرها أختلف معه بصرف النظر فى الحالتين عمن يحكم وعن طبيعة النظام أو أسماء الأشخاص.
مصلحة مصر هى قضية موضوعية وليست قضية مصلحة شخصية أو ثأر شخصى.
من هنا أتوقف طويلاً أمام بعض ردود الفعل السلبية تجاه الإنجازات الكبرى التى تحققت فى زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر. وأشعر بحزن شديد تجاه تشكيك البعض فى هذه النتائج أو وصفها بأنها محاولات سعودية لشراء مصر.
إن بناء جسر بين مصر والسعودية هو خدمة جليلة للشعبين المصرى والسعودى وليس خدمة لنظام الحكم فى البلدين.
إن دعم مستشفى قصر العينى هو عمل إنسانى نبيل لآلاف المرضى الذين يبحثون عن علاج محترم وليس جائزة للحاكم أو الحكومة.
إن بناء مدينة للبعوث الإسلامية فى الأزهر هو عمل رائع لدور الأزهر الوسطى فى خدمة الإسلام وليس دعماً شخصياً لأى مسئول مصرى.
إن زيادة الاستثمارات المباشرة فى الزراعة والصناعة والنقل والطاقة هى إنقاذ لشعب مصر الصبور من همومه ومتاعبه الاقتصادية وخلق لفرص عمل يحتاجها شبابنا وليس حكومتنا.
كل خير يذهب إلى الناس يجب أن أدافع عنه وأباركه بصرف النظر عن موقفى السياسى من طبيعة النظام أو رؤيتى لشرعيته أو أشخاصه.
فى شئون الوطنية المصرية يجب أن نترفّع تماماً عن الثأر والكيد والتشكيك، هكذا تصبح المعارضة معارضة وطنية ومحترمة.
اختلف كما شئت ومع من تشاء، ولكن لا تختلف فيما ينفع الوطن والناس.