عماد الدين أديب
من الأمور التى يجب أن تحصل على اهتمام كل من يهتم بشئون الوطن هو محاولة تصور شكل العلاقة المقبلة بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية فى أول تطبيق عملى عقب اختيار أعضاء البرلمان الجديد.
فور اختيار أعضاء البرلمان وعقب جلسته الأولى سوف تبدأ علاقة جديدة بقواعد جديدة نظمها وحددها الدستور الجديد الذى تم التصويت عليه مؤخراً.
هذا الدستور قام على جوهر فلسفة سياسية هى إحداث توازن بين السلطات الثلاث.
هذه الفلسفة التى نص عليها الدستور الجديد فى أبواب ومبادئ واضحة تأخذ من قوة السلطة التنفيذية لرئيس الجمهورية وتعطيها إلى الحكومة من ناحية وإلى البرلمان المنتخب تارة أخرى.
أصبحت سلطة الرئيس مقيدة لصالح الحكومة، وأصبحت سلطة الحكومة مقيدة لصالح البرلمان.
أزمة الأزمات فى الدستور الذى وافق عليه أغلبية من لهم حق التصويت بأغلبية ساحقة هو أنه لم يعد هناك سلطة واحدة قادرة -بسهولة- على حسم اتخاذ القرار.
قد يبدو ذلك -للوهلة الأولى- خيراً عظيماً لإثراء العمق الديمقراطى وللحد من الانفراد بالسلطة، لكنه أيضاً سوف يؤدى إلى تعطيل حسم القرارات وإلى إعطاء فرصة إلى مناخ من الشد والجذب الشديدين بين السلطات الثلاث.
وفى ظل عدم التعود على ممارسة الديمقراطية بشكل عملى، وفى ظل ضعف الوعى السياسى لدى ما يعرف بالنخبة السياسية قد نعايش أسوأ استخدام للسلطة السياسية المعطاة لكل سلطة من السلطات الثلاث.
إن أزمة مصر فى العمل السياسى كانت دائماً وما زالت وسوف تظل إلى فترة ليست بالقصيرة هى سوء استخدام سلطة إصدار القرار فى معارك تقوم على الكيد السياسى والقيام بعمليات انتقامية بين كل فصائل القوى السياسية المتنازعة على السلطة، دون وجود درجة من النضج والوعى اللذين يؤهلان إلى إقامة وطن حقيقى مستقر.