بقلم : عماد الدين أديب
أزمة النخبة السياسية فى مصر أن الجميع يرى أنه الصواب المطلق وأن من يخالفه الرأى هو الخطأ الكامل.
هذه النخبة يرى بعضها فى نفسه أنه أطهر خلق الله، وأكثرهم وطنية وأولهم فى الالتزام الوطنى، وأشدهم تطبيقاً للقانون بينما خصومه هم اللصوص الفسدة الذين يخرقون القانون ليل نهار ويتآمرون مع أعداء الأمة ضد مصالح الوطن.
لا يمكن أن يكون على كوكب الأرض من يمتلك وحده دون سواه «التوكيل الحصرى» للصواب المطلق وغيره يمتلك توكيل الشر.
ومن آفات النفاق السياسى بمعنى أن تقول ما لا تعمل وأن تعمل ما لا تقول هو أن «يعاير» بعضنا البعض بصفات أو عيوب أو أفعال نحن أول من يفعلها.
كيف تنتقد شخصاً فى فعل شىء خاطئ وأنت أول من يفعله دون خجل أو مواربة؟
نحن نعتقد أننا أذكى من غيرنا وأنه من الممكن خداع الناس وتزوير الحقائق فى ضمير الرأى العام من خلال اختلاق الأكاذيب ودس الشائعات وتحريض الناس من خلال حسابات مجهولة على وسائل التواصل الاجتماعى.
نحن لا نعرف كيف نتقدم وأن نعلو، لكن نعرف كيف نخسف بغيرنا حتى نبدو عمالقة ويبدون هم -بعد تحقيرهم- أقزاماً.
هذا المنهج هو الذى خلق حالة الهستيريا والجنون التى أصابت العقل السياسى المصرى فى الآونة الأخيرة.
المذهل أن هناك رغبة جامحة وحالة نفسية مريضة تسعى إلى تصديق أى شائعة أو أكذوبة متداولة دون أى سند أو برهان.
ولعل من أكثر ما يكشف عن ثقافة أى مجتمع هو ما يعرف بالفلكلور الشعبى ومنه الأمثال الشعبية، وفى رأيى أن هناك مثلاً شديد التعبير عن الحالة التى نتحدث عنها اليوم، يقول المثل: «بلاش تعمل شيخ على صاحب البار اللى كنت بتسكر عنده».