بقلم : عماد الدين أديب
هناك معضلة نريد أن نناقشها معاً.
كيف يمكن تفسير الفارق بين الأرقام والإحصاءات الرسمية «المتفائلة» وبين انطباعات الناس المتشائمة؟
كيف نفسر أرقاماً مصرية ودولية تتحدث عن تطور إيجابى للاقتصاد المصرى، بينما نسمع ونشاهد على شاشات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى ما يفيد بأن رضاء الناس فى حالة تناقص؟
أمس الأول أصدرت مؤسسة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتمانى نشرة خاصة حول تقييم الأداء الاقتصادى المصرى فقالت إنها تعطى تقدير «B3»، وهو تقدير أفضل مما كان عليه تقدير الجدارة الائتمانية للاقتصاد المصرى. وقالت إن حالة الاقتصاد للفترة المقبلة مستقرة، وإن معدل التنمية المتوقع للفترة المتوسطة المقبلة قد يصل إلى 4٫5٪ سنوياً فى مطلع العام المالى المقبل.
هذا التقرير يُعتبر شهادة «معقولة ومطمئنة» للسياسات الاقتصادية والنقدية للحكومة المصرية.
يضاف إلى هذا التقرير إعلان صندوق النقد الدولى منح مصر قرضاً سريعاً أول دفعة منه تبلغ 2٫5 مليار دولار أمريكى، مما يؤشر إلى أن وضع الاقتصاد المصرى مطمئن.
هذا كلام جميل.
ولكن إذا كان ذلك كذلك، فلماذا يشكو الناس مُر الشكوى من معدلات البطالة، وارتفاع الأسعار، وغلاء أسعار الطاقة والكهرباء، وارتفاع معدل التضخم واستحالة مواجهة تكاليف الحياة فى ظل الرسوم والضرائب المتزايدة التى ترهق كاهل المواطنين البسطاء.
الأرقام تقول: «الحياة جميلة»، وكلام الناس يقول: «الحياة مستحيلة».
الذى يعنينى شخصياً فى متابعة هذه المعضلة هو ليس صعود أو هبوط الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى، ولكن انخفاض رصيد الأمل فى بنك الصبر عند ملايين البسطاء.
إن هذه المعضلة ظهرت بقوة فى حكومات الدكتور أحمد نظيف المتعاقبة التى وصلت فى أدائها المتميز إلى معدل تنمية بلغ 7٫5٪ سنوياً، وهو إنجاز غير مسبوق.
هذه المعضلة كانت أحد الأسباب القوية لما حدث فى 25 يناير 2011!