بقلم : عماد الدين أديب
إذا لم تكن لى والزمان شُرم بُرم
فى السنوات الخمس الأخيرة ظهر أسوأ وأفضل ما فى الناس سواء كانوا من النخبة أو من البسطاء.
ومن أسوأ ما ظهر هنا «خيانة الوعد والعهد» على كافة المستويات. أسهل شىء أن تتخلى وأن تطرح أقرب الناس إليك إلى التهلكة كى تنجو أنت وتصبح مهماً وقوياً وصاحب سلطة.
ليس المهم كيف صعدت ولكن الأهم أن تصعد، ولو على جثث الآخرين. قُم ببيع أقرب الناس إليك وسلّمهم للأعداء ما دام ذلك سوف يجعل منك الأقوى والأفضل والأوحد.
إن من كوارث انحطاط الحضارات والمجتمعات «خيانة النخب المثقفة» لقضايا البلاد والعباد، وصمتهم عن قول الحق والدفاع عن قيم «العدل والإنصاف». أصبح البعض يبتلع قول الحق ولا ينطق إلا بالزور، أو يصمت تماماً عن مواجهة الشر والأشرار، ويهرب من محاربة أهل الباطل فيصبح شيطاناً أخرس.
وفى زمن السلطة والقوة والمال تجد الملايين من حولك يمتدحون ليل نهار عظيم خصالك وجميل فضائلك.
فى وقت «العز» يكتبون فيك قصائد المديح التى تتحدث عن الكرم غير المحدود والعبقرية الفطرية والحكمة غير المسبوقة والإلهام الفذ فى اتخاذ القرارات المصيرية.
تجدهم يومياً على بابك، يصطفون أينما ذهبت، يبدون ليل نهار استعدادهم اللامحدود لتقديم أى نوع من الخدمات بدءاً من رغبتهم فى الدفاع عنك أمام خصومك إلى التبرع بإحدى عيونهم من أجل سلامتك.
وفجأة، حينما تهب العواصف عليك وينقلب الحال وتتحول قوتك إلى ضعف، وعندما يتحول وضع حسابك البنكى من دائن إلى مدين، وحينما يستعيد الأمن كشك الحراسة الذى وضعوه أمام بيتك ويُسحب الخط الخاص الرابط 24 ساعة بين بيتك ومراكز صناعة السلطة، تنظر حولك فلا تجد أياً من هؤلاء.
فجأة لا يرد أحد على محادثاتك الهاتفية، ولا يذكرك أى منهم فى مجالسه، ولا توجَّه لك دعوات العشاء الخاص أو لحضور أفراحهم.
فجأة أنت خارج الدائرة، غير وارد فى الحسابات، مطرود من مجتمعاتهم وحساباتهم الاجتماعية.
لا أحد يتقدم لك بالعزاء، ولا أحد يلبى دعواتك للمناسبات السعيدة. فجأة لن يزورك أحد فى المستشفى حينما تمرض، ولن يرفع أحد سماعة الهاتف لتهنئتك بنجاح ابنتك فى المدرسة أو إعلان خطوبة أكبر أبنائك. إنه مجتمع سقوط القيم والمبادئ بعدما تعرّض لحالة من التشوه والانحطاط الأخلاقى.
إنه مجتمع انتهت فيه «كلمة الشرف» والوفاء بالعهد والوعد، وعدم الحنث بالقسم. إنها لحظة الصدق الصادمة التى تكتشف فيها أنك تحيا زمن الكذب والخيانة وبيع الضمائر.
إنه زمن تغيير المبادئ بشكل يومى مثلما يقوم البعض بتبديل جواربهم.